كتاب «شاكر حسن آل سعيد ونظرية الفن العربي» للباحث نزار شقرون (الدار العربية للعلوم - ناشرون، دار محمد علي للنشر، منشورات الاختلاف) يتعين في دائرة الخطاب الفني لدى هذا الفنان العراقي الراحل. وأول ما يستوقف القارئ في هذا الكتاب، وفي هذا الفنان (بمجموع إنجازاته)، هو أن الفن عنده عملية ثقافية في المقام الأول، بل «عملية وجودية»، بحسب لغة آل سعيد وهو ما يضيء هذه التجربة النادرة في التشكيل العربي الحديث، بحيث إننا أمام فنان كتب بقدر ما صور، ومارس الفن بقدر ما مارس التفكير، فتأمل على أنه يعيش، وأبدع على أنه يختفي، وبسط اللون ومحاه، ناسباً الى غيره ما له أن ينجلي في عتمة أشكاله. يقول آل سعيد في «الحرية في الفن»: «لعلّي غير مغالٍ إذا قلت إن ما أهدف اليه في الكتابة، إضافة الى الرسم، هو أن أحقق وجودي في العالم بصورة موضوعية ستزيد من معرفتي». يلقي هذا الكتاب ضوءاً على كتابات هذا الفنان المبدع ويتخذه نموذجاً للدرس وللتعريف بجهده النظري ومساءلة أفكاره واستشراف حدود تجربة الكتابة النظرية العربية في مجال الفنون التشكيلية. يقول الكاتب عن الفن: «لم يكن منعزلاً على رغم ضيق عبارته»: وهي عبارة جميلة ودقيقة في توصيف حال الفنان آل سعيد المتأزم والتي تتمثل في العيش ما بين الرغبة والفكرة، وبين الإقدام الفردي والخشية الاجتماعية (وربما الدينية أيضاً).