أثار قرار محكمة عراقية بالسجن سنة لصبي دين بتهمة سرقة علب مناديل ورقية سخطاً شعبياً دفع البعض إلى المقارنة بين هذا الحكم وتبرئة مسؤولين كبار من الفساد. وقضت محكمة السماوة، كبرى مدن محافظة المثنى الجنوبية، قبل أيام بالسجن مدة سنة للصبي البالغ من العمر 12 سنة بتهمة سرقة عدة علب من المناديل الورقية. وأثارت هذه القضية ردود فعل واسعة في شبكات التواصل الاجتماعي. كما انتقد الحكم ممثل المرجع الديني آية الله علي السيستاني في خطبة الجمعة في كربلاء، ووصفه ب «الظالم». وقال الكربلائي: «إذا سرق الشريف سواء من الأموال العامة أو من الناس الضعفاء الذين قد يأكل أموالهم بالباطل مستغلاً موقعه، تركوه». وأضاف: «أما إذا سرق الضعيف وربما يكون سرق ليأكل أو ليلبس أو يشتري دواء أو ليعتاش، ونحن لا نبرر السرقة فإن كل قوة القانون تطبق عليه بحذافيرها». وتابع: «هؤلاء الذين بيدهم تطبيق القانون أو يجلسون في مواقع القضاء يراعون الشريف أو يخشون سطوته، أو يخشون حزبه أو جماعته المسلحة، لكنهم لا يراعون الضعيف ولا يخشونه لأن لا سطوة له، فيطبقون عليه القانون ويعاقبونه. هذا ضرب من الظلم». وكتب ناشطون على موقع فايسبوك: «القضاء الذي يحكم على طفل سرق أربع علب مناديل ورقية من المحل، هو نفسه الذي برأ السياسيين الذين سرقوا المليارات وهرّبوا الأموال وتحايلوا على القانون». ووصفت الناشطة الحقوقية هناء ادور قرار القضاء بأنه «سخرية». وقالت إن «اللصوص الذين يجلسون على سدة الحكم هم من يفترض أن يحاكموا على الفقر والفساد في البلد، لا الطفل الذي لا يتجاوز عمره 12 سنة». وتابعت: «المطلوب محاكمة الفاسدين في السلطة، ليس الأطفال الذين بحاجة إلى برامج تأهيل واحتضان». ودفع حكم القضاء بعض الناشطين على شبكات التواصل الاجتماعي إلى مقارنة الواقعة مع رواية «البؤساء» لفيكتور هوغو. وقال علي عدنان في هذا السياق إن «هذا الظلم يشبه كثيراً رواية البؤساء، نفس الظلم. ألم يسأل القاضي نفسه لماذا سرق؟ هل كان ثرياً أم فقيراً. وإذا كان فقيراً من أوصل هذا الطفل إلى هذا الوضع؟ كنا ننظر إلى هذه الرواية على أنها ضرب من الخيال، لكن مع الأسف نراها تتحقق في زمننا الحالي». بدوره، قال ياسر الصفار إن «طفلاً سرق علبة مناديل يسجن عاماً، ولصوصاً سرقوا نصف العراق خرجوا براءة»، مشيراً إلى سلسلة الاتهامات المتبادلة بين ساسة البلاد، وآخرها اتهام وزير الدفاع السابق خالد العبيدي رئيس البرلمان سليم الجبوري وأعضاء في مجلس النواب بالوقوف وراء صفقات فساد. ويربط الناشطون حادثة الطفل باستجواب العبيدي الذي سحب البرلمان الثقة منه الأسبوع الماضي. وكان العبيدي اتهم خلال جلسة استجواب أمام البرلمان الشهر الجاري الجبوري ونواباً آخرين بالابتزاز والفساد ما دفع رئيس الوزراء حيدر العبادي إلى مطالبة القضاء بفتح تحقيق. وطلب الجبوري في حينها رفع الحصانة عنه وهذا ما حدث، وتوجه مباشرة إلى القضاء الذي أصدر قراراً سريعاً جداً إثر تحقيق لم تتجاوز مدته 40 دقيقة، معلناً تبرئة الجبوري. وأبرز الاتهامات التي وجهها العبيدي هي محاولة الجبوري الحصول على عقد تجهيز طعام الجيش تصل قيمته إلى أكثر من بليون دولار، وفقاً لوزير الدفاع. وإثر الضجة التي أحدثتها قضية الصبي، أصدرت محكمة استئناف المثنى توضيحاً يؤكد أن الصبي سرق صاحب المتجر أربع مرات، وأن الحكم ابتدائي قابل للطعن. ورأى مراقبون أن القضاء حاول بهذا التبرير تخفيف سخط الناس، خصوصاً أنه تعرض لموجة من الانتقاد اللاذع في شبكات التواصل الاجتماعي بعد تبرئة مسؤولين كبار.