تحكي النكتة القديمة أن شاباً جاء إلى والده، يخبره بانتهاء صلاحية رخصة القيادة، فأجابه غاضباً بأن ذلك من كثرة دورانه في الشوارع، والدوران في الشوارع وسيلة ترفيه ذكورية، أعتبرها شخصياً غبية، وكنت أظنها مقصورة على المراهقين، لكن تأكد لي من مصادر رجالية، أنها عادة متفشية في جميع الأعمار. وزير النفط السعودي المهندس علي النعيمي، أعلن عن قلقه من ارتفاع معدلات استهلاك الطاقة، واحتمال تأثيرها في دخل المملكة مستقبلاً، عبر تأثيرها في الصادرات، وهو أورد في كلمته في لقاء جمعية اقتصادات الطاقة في «الشرقية» الأربعاء الماضي أرقاماً تؤكد هواجسه، لاحظت منها رقم معدل نمو استهلاك المنتجات البترولية السنوي البالغ 5 في المئة، وهو رقم يزيد على معدل الزيادة السكانية المرتفع أصلاً. يصعب على المرء المطالبة برفع أسعار أي شيء يمس حياة الناس، وهو يعلم ما يعانونه، ولدي قناعة قديمة بأن أسعار الوقود والماء، لا تشجع على كبح جماح الاستهلاك العشوائي وغير المسؤول لهما، وتبدو فكرة رفع أسعار المياه مقنعة أكثر من رفع أسعار الوقود، التي ما إن تتحدث عنها حتى ترتفع نغمة أننا أكبر منتج للنفط، وأننا نقدم مساعدات للغير، والمواطن أولى بالمساعدة. حسناً المواطن كذلك بالفعل، لكن هل هي فاتورة الوقود التي تؤثر في مستوى معيشته؟ ربما تكون رقماً صغيراً في موازنته الشهرية، وما أفترضه أن نساعده في خفض فاتورة الغذاء والمسكن والرعاية الصحية وتعليم أبنائه، عندها لن يتذمر أو يشعر بالغبن إذا ارتفعت عليه فواتير الماء أو الوقود. أيضاً ترتبط المسألة بقضية نمط المواصلات، الجميع غالباً يتنقل بالسيارة، ويظل انعدام وسائل تنقل جماعية منظمة ومريحة ومعقولة الكلفة، خصوصاً في المدن الكبرى، عائقاً كبيراً أمام «برنامج وطني لترشيد استهلاك الطاقة»، كما يقترح وزير النفط وهو اقتراح جدير بالتنفيذ. ربما كان الاستهلاك الأكبر صناعياً كما أشار الوزير، لكن استهلاك الأفراد يحتاج إلى تقنين، أما المصانع فلعل قطاع الصناعة ينجح في إرهاصات إعادة هيكلته، ليعطينا منتجات تخفض فاتورة الاستيراد، وربما أسهمت في رفاه يجعلنا قادرين على الموازنة بين بنود مصاريف المواطن، بحيث يتحقق له العيش الكريم، وللوطن خططه الاستراتيجية في الحفاظ على الموارد وتنميتها. [email protected]