كابول - أ ف ب، رويترز - مع وصول جثث الغربيين العاملين في المجال الانساني التي عثر عليها في شمال افغانستان الى كابول امس، بدأ تحقيق لمعرفة من قتلهم غداة تبني «طالبان» الهجوم مؤكدة انها استهدفت «مبشرين مسيحيين». وقتل ثمانية غربيين هم ستة اميركيين وبريطانية والمانية، وافغانيان بالرصاص في ولاية بدخشان المعروفة بهدوئها في شمال شرقي افغانستان. وفريق العاملين الانسانيين المؤلف من اطباء متخصصين بالطب العام وطب العيون والاسنان اضافة الى ممرضات، كان يقوده اميركي يعيش منذ زمن طويل في كابول كما اعلن ديرك فرانس المدير التنفيذي لمنظمة «بعثة المساعدة الدولية». وكان رئيس الفريق الطبي توم ليتل يعمل لهذه المنظمة المسيحية، احدى اقدم المنظمات غير الحكومية العاملة في افغانستان، والتي اسست في 1966 وسجلت في سويسرا. وهي تؤكد انها قدمت خدمات في طب العيون في مراكز تديرها خصوصاً في كابول وهرات وقندهار. وكانت المجموعة تسافر في سيارات رباعية الدفع بسبب وعورة المسالك الجبلية في المنطقة، لكن لم يكن يرافقها اي حراس لضمان سلامتها. وكان الثمانية عائدين من ولاية نورستان المجاورة التي تتمتع فيها «طالبان» بنفوذ كبير، عندما قتلوا بعد دخولهم مباشرة في بدخشان تحديداً في اقليم كران ومنجان. وكان توم ليتل يعيش في افغانستان منذ سبعينات القرن الماضي ويتحدث لغة الداري بطلاقة. وكان هذا الاميركي معروفاً ب «صراحته» ولا يخفي ايمانه لكنه لم يكن يسعى لتغيير ديانة الافغان، كما اكد فرانس. ودعا الطبيبة البريطانية كارن وو (36 سنة) التي تركت عملها في القطاع الخاص في لندن للعمل في كابول. وأكد فرانس ان «سبعة من العاملين الانسانيين الثمانية كانوا متمركزين في افغانستان. وجاء اميركي خصيصاً لهذه المهمة لكنه سبق وجاء خمس او ست مرات في الماضي». وقد يتم دفن جثث عدة في المقبرة البريطانية وسط كابول «بطلب من العائلات». وفي الوقت الذي اكد فيه مقاتلو «طالبان» انهم قتلوا العاملين الانسانيين لانهم كانوا «مبشرين مسيحيين» يحملون اناجيل بلغة الداري، أعلنت الشرطة السبت انها تدرس فرضية «السرقة». وأوضح مدير منظمة بعثة المساعدة الدولية: «هناك غموض متزايد. طالبان اتهمتهم في البداية بالتبشير. وبعد ذلك قالت طالبان ايضاً انهم فريق جواسيس للحلف الاطلسي ولم تعد تشير الى المسيحية». وكانت المجموعة امضت اياماً وليالي عدة في المنطقة كما تفيد رواية سيف الله الناجي الافغاني من الاعتداء التي نقلها قائد شرطة بدخشان اقة نور كنتوز. وقال كنتوز نقلاً عن رواية سيف الله: «في اليوم الاخير وصلت مجموعة من المسلحين وقامت بصفهم ثم قتلتهم. وسرقت امتعتهم ومالهم». ورأى غربي يعيش منذ عشرين سنة في افغانستان ان قتل العاملين الانسانيين «من اغرب ما يكون». وقال طالباً عدم كشف هويته: «سارقون يتركون الاشياء التي لها قيمة اكبر، السيارات؟ كان من الممكن ان يسرقوهم ويتركوهم احياء». وأضاف متسائلاً «تعرف اهمية الاجنبي. كان بامكانهم مبادلتهم. ولماذا جذب الاهتمام اليهم؟». وفي كابول تفكر المنظمات غير الحكومية التي ما زالت تحت وقع الصدمة، في التدابير الواجب اتخاذها. وقال نصر الله والي المنسق الرئيسي في منظمة «هانديكاب انترناشيونال» غير الحكومية: «لن نجمد نشاطاتنا او نقلصها». وأكد والي «لكن ستكون هناك مضاعفات. سنتخذ تدابير امنية اضافية». من جهة أخرى، اعتبرت الحكومة الأفغانية ان قوات الأمن التابعة لها ستكون اكثر من قادرة على حماية البلاد، مكررة في بعض من أقوى انتقاداتها حتى الآن أنه يجب تفكيك وحدات الأمن الغربية الخاصة التي تثير المشاكل. وقال سياماك هراوي الناطق باسم الرئيس حامد كارزاي إن المسعى لإنهاء عمل الشركات التي توظف عشرات الآلاف من حراس الأمن من القطاع الخاص مرتبط بالجدول الزمني الذي وضعه كارزاي لتتسلم القوات الأفغانية كل المسؤوليات الأمنية ومسؤوليات العمليات من القوات التي تقودها الولاياتالمتحدة وحلف شمال الأطلسي. وقال هراوي: «الحكومة تريد التعامل في شكل شامل مع الشركات والآن في ظل الزيادة التدريجية في طاقة الحكومة الأفغانية فإن هذه الكيانات التي تحتاج الى أفراد أمن تستطيع الاستعانة بالجنود الأفغان المنظمين والمتعلمين». وطالما كانت شركات الأمن الخاصة التي تتنافس على عقود ببلايين الدولارات مثار استفزاز للقوات الأفغانية والاميركية وقوات حلف الأطلسي في البلاد بعد سلسلة من الفضائح. وتعمل الشركات التي تقدر الحكومة الأفغانية أنها توظف ما بين 30 و40 الف حارس لحساب مؤسسات غربية في أفغانستان. وفي العام الماضي قالت الحكومة الأفغانية إنها لا تعلم شيئاً عن عدد المتعاقدين من اي نوع الذين توظفهم في افغانستان. وانتقد كارزاي حراس الأمن من القطاع الخاص كثيراً فيما مضى لكنه شن هجوماً لاذعاً مطلع هذا الاسبوع قائلاً إن تكلفة الاستعانة بهم باهظة وإنهم يسببون «المآسي يومياً». وقال: «إنهم يدوسون على حقوق شعبنا ويربكون الأمن. نطالب المجتمع الدولي بأن يحل شركات الأمن الخاصة لأن أفغانستان لم تعد قادرة على تحمل هذه الشركات».