أكد الرئيس اللبناني ميشال سليمان من بلدة العديسة الحدودية التي شهدت الثلثاء الماضي اشتباكات بين الجيش والقوات الإسرائيلية، إطلاق «حملة تهدف إلى تسليح الجيش بكل ما يلزم عبر الحكومة اللبنانية بغض النظر عن مواقف الدول أياً كانت تجاه هذا الأمر»، مستغرباً «الحملة الداعية إلى عدم تسليح الجيش، في حين أن الجيش الوطني اللبناني يتمتع بالشرعية الكاملة والدعم وهو الضمانة للمجتمع اللبناني بجميع أطيافه». وكان سليمان انتقل الى الجنوب امس، يرافقه وزير الدفاع الياس المر على متن طوافة عسكرية حطت في احد المراكز العسكرية التابعة للجيش، وانتقل منها بموكب سيار للقيام بجولته التي شملت مواقع الجيش التي كانت عرضة للعدوان الإسرائيلي، وجال سليمان والمر يرافقهما رئيس الأركان اللواء شوقي المصري ومدير المخابرات العميد الركن ادمون فاضل في العديسة وكان في استقبالهم عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النيابية علي فياض ورؤساء بلديات المنطقة، وعاين سليمان مكان استشهاد الجنديين والصحافي الزميل عساف ابو رحال، ثم توجه الى مشروع الطيبة وتلة العويضة حيث تفقد مواقع الجيش التي قصفت. والتقى ضباط وجنود موقع العديسة، وأثنى على بطولاتهم. عند حاجز العديسة وعند حاجز العديسة الذي استهدفه القصف الاسرائيلي قال سليمان: «لا يستطيعون استفراد الجيش اللبناني، في الماضي كانوا يستفردون المقاومة عبر القول انها غير شرعية. اليوم توجد شرعية متمثلة بالجيش اللبناني وكل لبنان يقف وراء الجيش، لذلك الاستفراد لن ينفع، فالجيش مدعوم من الداخل ومدعوم ديبلوماسياً ومن الشرعية الدولية، لذلك استفراد الجيش غير وارد. اما الحملة التي يقومون بها لعدم تسليح الجيش، فقد أطلقنا حملة مضادة تهدف الى تسليح الجيش عبر الدولة. لا نستطيع إلزام احد اذا كان لا يريد اعطاءنا هبات، لكن اصدقاءنا ملزمون بيعنا السلاح، وإلا فسيصبح ذلك موقفاً سياسياً. على أشقائنا مساعدتنا وعلى اللبنانيين القادرين اذا ارادوا دولة قوية، وارادوا الاستثمار في الدولة، الاستثمار في الجيش اللبناني. وهذه الحملة ستبدأ وسيتخذ مجلس الوزراء قراراً بإقرار خطة خماسية او ثلاثية كما ترفعها وزارة الدفاع لتسليح الجيش لكي يستطيع حماية كرامة الوطن». ودامت زيارة الرئيس اللبناني الى العديسة نحو 20 دقيقة، ونشر الجيش اعداداً كبيرة من جنوده على جانبي الطريق المؤدي الى العديسة، وذكرت وكالة «فرانس برس» انه لم يسجل اي ظهور عسكري اسرائيلي على الجانب الآخر من الحدود خلال الزيارة. وتفقد سليمان مقر اللواء الحادي عشر للجيش في كفردونين حيث كان حاضراً القائد العام للقوات الدولية العاملة في جنوب لبنان (يونيفيل) الجنرال ألبرتو أسارتا الذي قدم تعازيه بالخسارة التي ألمت بالجيش اللبناني وجرى التداول في التطورات الأخيرة في ظل الخروق الإسرائيلية المتواصلة للأراضي اللبنانية. وقال سليمان أمام اللواء 11: «أفتخر بزيارة اللواء الحادي عشر بعد عمل بطولي قام به كالعادة، ويعز علي ان أتقدم اليكم بالتعزية بالشهداء الذين سقطوا، اي الشهيدين العسكريين والشهيد الصحافي، واتمنى للجرحى الشفاء العاجل، وانقل اليكم اجماع كل اللبنانيين على الموقف المشرف الذي اتخذتموه وهو موقف ليس ببعيد ابداً عن الجيش وينطبق على الدور الاساسي الذي يقوم به الجيش اللبناني وهو الدفاع عن الوطن والارض، وهو الدور المناط بالجيش والذي استعاده بعد حرب تموز 2006 في شكل كامل واساسي، ويجب ان يثبت الجيش دائماً انه يملك فعلاً الدور الاول والأساسي للدفاع عن الارض». ورأى ان «دور الجيش ابعد من ذلك، الدفاع عن الارض يعطي الصورة للجيش، صورة الجيش الوطني الموحد الذي استطاع المحافظة على الحريات والديموقراطية وحارب الارهاب وامسك بوحدته الوطنية، ما ادى إلى عدم تقسيم البلاد في الفترة الماضية، ولا يزال الجيش يقوم بهذا الدور ويعبر افضل تعبير عن صورة الوحدة الوطنية التي هي اهم سلاح لمحاربة عدونا، لأن كل هدف العدو ضرب الوحدة الوطنية. الجيش صمام الأمان للوحدة الوطنية وللوطن، ومن يستطع القيام بمهمته على الحدود، يستطع القيام بها في الداخل، واذا لم يستطع تنفيذها على الحدود فلا يستطيع ذلك في الداخل، ورب البيت اذا لم يستطع حماية اولاده يفقد طاعتهم. عليه حماية ابنائه من الغريب لكي يحصل على طاعتهم». واشار سليمان الى ان «التشكيك وزرع الفتنة عمل اسرائيلي، عليكم التحسب له، والآن التشكيك بولاء الجيش والسؤال عن اوامر من ينفذ، الجيش فرد واحد. في تموز 2006 عندما بدأوا باستهداف الثكنات، استهدفوا مخفر الشمال وكانت مهمتهم منع تهريب الاسلحة من المخيم الى العريش في مصر للقيام بعمليات في اسرائيل، لذلك كان يهمنا منع حصول هذا العمل عبر لبنان. اذا تحدثنا بمنطق وتجرد هذا العمل لم يكن ضد اسرائيل لأنه يمنع وصول السلاح الى المقاومة الفلسطينية، لماذا استهدفوا هذا المخفر؟ الهدف قتل العسكريين وان يسقط ضحايا من الطائفتين السنية والمسيحية لزرع الخلاف مع الطائفة الشيعية، ويعكس ذلك خلافاً داخل الجيش، ونحن التقطنا الرسالة مباشرة وتحدثنا معكم وأكدنا ان الرد الوحيد هو اننا جميعاً ضد اسرائيل ولا نقاش في ذلك، واستطعنا تجاوز تلك المرحلة». ضريبة الكرامة مرتفعة وقال: «يشككون اليوم بالولاء، وان هذا الضابط يتبع لهذه الجهة او تلك. كل ذلك غير صحيح، هذا اللواء الحادي عشر ذاته قام في 7 شباط برد الفعل عينه عندما حاول العدو الدخول الى مارون الراس ولكن في حينه لم يسقط قتلى وجرحى، وتم تدمير الآلية المدرعة التابعة للجيش اللبناني وتدخلت حينئذ الدول طالبة عدم إطلاق النار على الاسرائيليين، واتصلوا بي طالبين ذلك وكان جوابي اننا سنطلق النار على أي خرق، وهذه المرة حصل الامر نفسه مع بالغ الاسف لسقوط شهداء، ولكن ضريبة الكرامة مرتفعة دائماً». وتوقف عند «استغراب الاسرائيليين كيف ان الجيش اللبناني تصدى لهم. وقال: «في المرة السابقة استغربوا والآن ايضاً. الجيش واجه التصدي وله تاريخ كبير بالتصدي لاسرائيل، من المالكية الى 12 ايار 1970 في العرقوب حيث قاتل قتالاً بطولياً، وعام 1972 عند محاولة الاختراق عبر محاور، وحينئذ نال اعجاب العالم ولم تستطع اسرائيل تحقيق اهدافها، وخلال «عناقيد الغضب» وتصفية الحساب، حتى اللواء الحادي عشر قدم الشهداء خلال «عناقيد الغضب» وكنت أنا قائده واستهدفوني في رأس العين في صور واستشهد سائقي. فالجيش كان دائم الحضور بما أتيح له من انتشار وعتاد ولم يقصر يوماً. وفي التحرير عام 2000، لو لم يكن الجيش داعماً للمقاومة لما كان التحرير ليحصل، وكذلك في عدوان تموز 2006 الذي نعيش في ايامه، ايضاً ادى الجيش دوراً بطولياً في اماكن عدة، وكان يسعى إلى الاشتباك مع العدو وقدم خمسين شهيداً. ان تاريخ الجيش مشرف بالتصدي لإسرائيل». ولفت الى ان «اسرائيل كانت في البداية تحتج على المقاومة وتصفها بالإرهاب. الآن يوجد جيش لبناني. سقطت ذريعة الاحتجاج بالارهاب ولن يستطيعوا الاعتداء على الجيش والاستفراد به لأنه شرعي ومعترف بشرعيته عبر الدولة اللبنانية ودول العالم، والاعتداء على الجيش اعتداء على الشرعية اللبنانية. العدو يقوم باختراع امور علينا عدم الاخذ بها. في السابق حاولوا استفراد المقاومة فكان الجيش داعماً لها ومنع استفرادها وخصوصاً في عدوان تموز 2006 عندما اشتبك الجيش مع العدو الاسرائيلي. واليوم يروجون لمقولة ان الجيش اصبح مقاومة، فالجيش هو الجيش. هو الاساس في الشرعية وفي الوطن، وهذا لا يمنع ان الشعب بكل قدراته والقدرات القومية للبنان هو في تصرف الجيش فهذا امر ضروري ومشرف لدوركم الجامع. القرار السياسي يغطيكم والقرار العسكري واضح ولا لبس فيه. القرار السياسي يؤمن لكم التغطية في خطاب القسم والبيان الوزاري وعبر رئيس الدولة وهو الحاضن الاساسي للدور الوطني الذي تقومون به. الشعب لم يعد يخاف، فلديه إرادة الصمود بجانب الجيش، واسرائيل لا تستطيع بذلك استفراد الجيش لذلك يحاول العدو سلوك طرق اخرى عبر تهديد الحكومة بضرب مؤسساتها والبنى التحتية. نحن لا نتحدى ولكننا نقول لهم، ضربتم الجسور وبدل تكلفة جسر، جاءتنا أموال لبناء جسرين، وبالأمس كان امير قطر هنا». يهددون بالفتنة وقال سليمان: «ضرب البنى التحتية لا يكسر وطناً واستشهاد عسكريين او مقاومين او مدنيين يؤدي الى جيل اشد التزاماً للوطنية. هم باتوا يعرفون هذا الامر لذلك يلعبون على الفتنة الطائفية ويحاولون عبر التهديدات الوصول الى غايتهم، واذا لم يتمكنوا من إحداث الفتنة يقومون بحرب، هدفها الفتنة فاذا اندلعت يوقفون الحرب، لأنها تكبدهم الخسائر ويعرفون ان حروبهم على لبنان تكبدهم الثمين وتكشفهم امام الرأي العام وغزة مثال على ذلك اذ ازدادت الصلابة ضدهم. واليوم يقومون بجرف المقابر بالقدس. هؤلاء ليسوا طلاب سلام». وقال سليمان: «نحن في لبنان لم نهاجم يوماً اسرائيل والاعتداءات دائماً تقوم هي بها، وكل اللبنانيين أعلنوا، ومن ضمنهم المقاومة، ان لا نية لديهم بمهاجمة اسرائيل. لماذا اذاً هذه العنجهية والكبرياء؟». وأكد «التزام القرار 1701 والتعاون مع «يونيفيل» ولكن اسرائيل هي التي لا تلتزم، وفي اليوم التالي للمواجهات التزم الجيش قرار «يونيفيل» ولكنهم لم يصبروا لكي يتواصلوا مع هذه القوات لمناقشة الموضوع وترك المجال امام «يونيفيل»، إذ ان القرار الذي اتخذته لاحقاً كان يمكن ان تتخذه في اليوم نفسه. هم الذين خرقوا القرار 1701 والى الآن لم ينسحبوا من الجزء الشمالي من بلدة الغجر، ناهيك عن شبعا والمياه وشبكات التجسس والتهديدات اليومية. نحن ملتزمون التعاون مع «يونيفيل» وهناك تحفظات كثيرة من لبنان على الخط الازرق، سنسعى الى تصحيحها لإلغاء التحفظات واذا لم نستطع، سنعمل لوضع آلية لمعالجة الإشكالات نتفق عليها عبر «يونيفيل». تسليح الجيش وتوقف سليمان عند مسألة تسليح الجيش وقال: «الاسرائيلي يقوم الآن بحملة لمنع تسليح الجيش. نحن لا نستطيع الزام اي دولة ان تقدم لنا هبات، ولكن ليس للدول الصديقة الحق بعدم بيعنا السلاح لأن ذلك موقف سياسي. نحن نريد السلاح للدفاع ولا نطلب صواريخ عابرة او عالية الدقة او تدمير شامل. نحن نطلب اسلحة دقيقة تمنع الطائرة المعادية من ضرب المراكز وسقوط شهداء. نريد سلاحاً مضاداً للطائرات، ونحن في البيان الوزاري وضعنا بنداً ينص على إقرار خطة تسلح للجيش وننتظر الخطة لإقرارها، وانا استعجل وصولها. وادعو الدول الصديقة لمساعدة الجيش اللبناني اذا كان صحيحاً ان همها دولة اسمها لبنان. يجب تقوية الجيش بالإمكانات وعلى الدول الشقيقة مساعدة لبنان». وخاطب الجنود المرابطين في تلك المنطقة منوهاً بصمودهم وشجاعتهم، وقال: «أنتم ابطال، وكنتم دائماً في الساحة، اليوم انتقلت اسرائيل من منحى الى آخر، والآن باتت تشكك بولاء الجيش عبر القول ان الجيش غير شرعي وولاءه ليس للدولة. ولاء الجيش لقيادته التي تنفذ القرار السياسي للدولة اللبنانية، والقرار السياسي اليوم هو قرار متوازن يتطلع الى مصلحة الوطن في شكل جيد، والحكومة والشعب بجانبكم، وسنبدأ السعي جدياً في هذا الاتجاه. لا ننتظر الهبات. من يرد اعطاءنا هبات فنحن نشكره ولكن نحن سنشتري السلاح ومن المفروض ان يبيعونا السلاح الذي نستطيع عبره اثبات اننا عماد الدولة اللبنانية وأساسها». وأعلنت قيادة «يونيفيل» في بيان أن «الجنرال أسارتا أكد للرئيس سليمان أن «اليونيفيل ستستمر بنشاطاتها في تنسيق وثيق مع الجيش اللبناني، وأن الحوادث المأسوية التي وقعت مطلع الأسبوع يجب أن تبقى معزولة»، مشددًا على وجوب أن «يجهد كل الأطراف للحفاظ على وقف الأعمال العدائيّة». رشقات نارية اسرائيلية على مياه لبنان وكانت قيادة الجيش - مديرية التوجيه اعلنت عن خرق اسرائيلي سجل في الرابعة فجر امس، حيث أقدم زورق حربي اسرائيلي معاد على إطلاق رشقات نارية باتجاه المياه الإقليمية اللبنانية على مستوى الطفاف الرابع، تمادياً في انتهاك القرار 1701».