يبدو أن العائلات ستظل تحاصر الشباب إلى أضيق الحدود في مدينة الرياض، فبعد أن أُبعِد الأخيرون عن معظم أماكن الترفيه لإفساح المجال للأسر، بات الطرفان يتسابقان، خصوصاً خلال فترات الإجازة، للظفر بامتلاك استراحة واستئجارها لكسر الروتين وقضاء الأوقات في الاسترخاء والاستجمام، ولم تصبح الاستراحات مرهونة بالمناسبات كما كان في السابق، بل إنها صارت جزءاً من الأوليات، ولاسيما للشباب الذين وجدوا أنفسهم فيها. وقال أحد نزلاء استراحات العزاب محمد بن طالب (25 عاماً): «استغرق بحثنا عن استراحة مناسبة في شمال المدينة أو غربها أو جنوبها ما يقارب شهرين متواصلين، ولاحظت تفاوتاً كبيراً في أسعار كل منطقة وميزاتها، إلى درجة أنني أصبحت أفكر في امتلاك استراحة خاصة للبعد عن صخب الحياة وضوضاء المدينة، وصار التنقل من منزلي إلى الاستراحة وقضاء ليالي السمر مع الأصدقاء ملاذي في إجازة نهاية الأسبوع»، مشيراً إلى أن هناك مواصفات جاذبة في الاستراحات لمختلف طبقات المجتمع مثل المسابح والملاعب، إلا أن مشكلتها تكمن في تزايد أسعارها في الإجازات بشكل خيالي، في ظل نقص عدد الاستراحات الخاصة بالشباب مقارنة بالعوائل. وعن سبب لجوء الشباب إلى الاستراحة، أضاف: «الاستراحة هي المكان الوحيد الذي أجد الترحيب فيه، إذ لا وجود لبدائل يلجأ إليها الشاب في المدينة، فليس كل الشباب رياضيين ليتوجهوا للنوادي الرياضية، أو مهووسين بالشعر ليتسابقوا إلى حضور الأمسيات الشعرية، كما أننا نرى مهرجانات في غرب المملكة وجنوبها تستقطب الشباب، ولكنها مفقودة في العاصمة، وإن وُجِدت فهي مقصورة على العائلات فقط. وقال أحد مستأجري استراحات العائلات عبدالرحمن المرزوقي (40 سنة): «إن بعض ملاك الاستراحات يرون من معه عائلته هدفاً يودون اقتناصه، برفع الأسعار علينا حال انتهاء فترة الأشهر الستة الأولى، بعد أن يوفروا وسائل الراحة لأفراد عائلتي للضغط عليّ فيما بعد لتمديد مدة العقد»، لافتاً إلى أن الفارق الكبير بين الاستراحة والمنزل أن الأول يصلح مجلساً لاستقبال الضيوف ولم شمل العائلة كل نهاية أسبوع. وذكر أحد ملاك الاستراحات وصاحب مكتب عقار محمد القحطاني أن النظرة تغيرت عن ما كان معتقداً سابقاً، أن الاستراحات مرهونة فقط بالمناسبات، فأصبحت تحتل المكانة الثانية بعد المنزل للجوء إليها، وأسعارها صارت مقاربة لأسعار بعض المنازل، مشيراً إلى أن الخسائر التي يتكبدها مالك الاستراحة في بنائها وتأثيثها هي سبب رفع الأسعار، بحسب نوع الإيجار باليوم أو الشهر أو السنة، والموصفات الداخلية. وأضاف: «ما يثير مخاوفنا غالباً عدم التزام المستأجرين بالدفع، أو إلحاق الضرر بملحقات الاستراحة التي نتحمل نحن خسائر إصلاحها، ولذلك نركز على العائلات لضمان الصيانة الدورية والاهتمام، بخلاف العزاب الذين لا يتقيدون بالصيانة ويزعجون جيرانهم المستأجرين»، لافتاً إلى أنه يجب فصل العزاب عن العوائل في حال الاستئجار السنوي، أما اليومي فلا يخضع لأي شروط ولا يجبر أحداً على أي مكان لعدم المكوث في الاستراحة لفترة طويلة.