قُتل 12 شخصاً وجرح 226 بتفجيرات استهدفت أجهزة الأمن في تركيا، واتهمت السلطات «حزب العمال الكردستاني» بتنفيذها. واستهدف تفجيران بسيارتين مفخختين مركزين للشرطة شرق تركيا، فيما ضرب الثالث بقنبلة عربة عسكرية في جنوب شرقها. وكان القائد العسكري ل «الكردستاني» جميل باييك هدد الأسبوع الماضي بأن الشرطة «لن تنعم بالراحة التي كانت تنعم بها في المدن»، متوعداً بأن «الحرب ستُستأنف في كل مكان، من دون تمييز بين الجبال والوديان والمدن». وأشار إلى «تطوير أسلوب جديد للحرب» ضد السلطات التركية. وضرب التفجير الأول بسيارة مركزاً للشرطة في محافظة فان شرق تركيا ليل الأربعاء، ما أسفر عن مقتل شرطي ومدنيَّين، وجرح 73، بينهم 53 مدنياً و20 شرطياً. وأفادت وكالة «الأناضول» الرسمية للأنباء بأن الشرطة أوقفت في موقع التفجير ناشطاً مجروحاً، يُشتبه في أنه قاد السيارة المفخخة أمام مركز الشرطة، مشيرة إلى اقتياده إلى المقر العام للشرطة في فان لاستجوابه. وأفادت وكالة «دوغان» الخاصة للأنباء باستخدام نحو طنّ من المتفجرات في الاعتداء. وبعد ساعات، استهدف تفجير بسيارة أخرى مقراً للشرطة في مدينة إلازيغ شرق البلاد، ما أدى إلى مقتل 3 شرطيين وجرح 146، 14 منهم في حال خطرة. وأظهرت لقطات فيديو سحابة دخان ضخمة تتصاعد في المنطقة، وسيارات منقلبة ونوافذ محطّمة في مبنى من أربع طبقات، إضافة إلى أضرار في مبان مجاورة، وبينها مساكن لعائلات الشرطيين. وفي مقاطعة بتليس جنوب شرقي تركيا، قُتل خمسة جنود وجُرح سبعة، بعد تفجير قنبلة على جانب الطريق، خلال عبور قافلة عسكرية. وأفادت وكالة «الأناضول» الرسمية للأنباء بمقتل حارس قرية موالٍ للحكومة، خلال اشتباك مع «الكردستاني» في المحافظة. رئيس الوزراء بن علي يلدرم الذي ألغى جدول أعماله وتوجّه إلى إلازيغ، مع وزير الدفاع فكري إشيق ورئيس الأركان الجنرال خلوصي أكار، اتهم «الكردستاني» بتنفيذ التفجير في المدينة، مشيراً إلى أن أفراده «يشنّون هجمات انتحارية عشوائية، كلما سنحت الفرصة». وأعلن «رفع مستوى التأهب» في تركيا، وربط بين «الكردستاني» وجماعة الداعية المعارض فتح الله غولن الذي تتهمه أنقرة بتدبير محاولة الانقلاب الفاشلة الشهر الماضي. وأضاف يلدرم أن الجماعة «خسرت جرأتها، وسلّمت الواجب إلى» الحزب. وتابع أن «الاستخبارات التي توجّههما هي واحدة. وعندما ينتهي واجب أحدهما، يتولاه الآخر»، متعهداً محاربة «الكردستاني» حتى «القضاء» عليه. وأكد أن «لا منظمة إرهابية سترغم هذه الأمّة على الإذعان». أما إشق فاعتبر أن «الكردستاني منظمة دموية لا تتردد في قتل الناس التي تقول إنها تحارب من أجلهم»، مضيفاً: «يتصرّف الحزب بناءً على طلبات قوى عالمية، لا الناس في المنطقة». وشدد على أن تركيا «باتت أقوى» منذ المحاولة الانقلابية، مؤكداً أنها ستتمكن «عاجلاً أم آجلاً، من استئصال» الحزب. ونقلت وكالة «فرانس برس» عن مصدر مقرب من الحكومة أن «الكردستاني يريد الاستفادة من الجوّ الراهن في تركيا»، منبهاً إلى أن «كل منظمة إرهابية تهدف إلى استغلال الأزمات». واعتبر رئيس الوزراء التركي السابق أحمد داود أوغلو أن الهجمات «تُظهر مجدداً أن الكردستاني و(جماعة غولن) يعملان معاً». وإلازيغ معقل للمحافظين والقوميين الأتراك، كانت بمنأى عن النزاع الكردي. أما فان فهي مدينة كبرى مختلطة بين الأكراد والأتراك، وكانت بمنأى نسبياً عن العنف. من جهة أخرى، أفادت وكالة «دوغان» بأن الشرطة التركية اعتقلت عشرة أعضاء بارزين في «جبهة التحرير الشعبية الثورية»، وهي تنظيم ماركسي مسلّح استهدف مصالح تركية وأميركية، بعدما رصدت تجمّعاً لقياديين في التنظيم في إسطنبول. حملة «التطهير» على صعيد آخر، شنّت الشرطة المالية فجر أمس عملية متزامنة في إسطنبول و18 ولاية، ضد شركات تشتبه في «عضويتها في شبكة إرهابية» و»تمويلها نشاطات مؤيدة لغولن». وأفادت «الأناضول» بأن الشرطة دهمت 204 منزلاً ومكان عمل، بعدما أصدرت النيابة العامة في إسطنبول مذكرات لتوقيف 187 شخصاً، ومصادرة أملاكهم، بينهم رجال أعمال بارزون. وحبست السلطات احتياطاً 60 منهم. واستهدفت الحملة رئيس اتحاد رجال الأعمال والصناعيين الأتراك (توسكون) ورجال أعمال معروفين. وأفادت «دوغان» بإصدار مذكرة لتوقيف رضا نور ميرال، رئيس «توسكون» التي أُسِّست عام 2005 وتضمّ حوالى 55 ألف عضو، وتتهمها السلطات بتمويل جماعة غولن. وبين الشركات المستهدفة، مجموعة «ايدينلي» للملابس الجاهزة والبناء، المنتشرة في 40 دولة والتي تشغّل 3500 موظف، إضافة إلى مجموعة «إروغلو القابضة» للملابس الجاهزة، والتي تملك 500 متجر يعمل فيها 14 ألف شخص. وأشارت وسائل إعلام إلى صدور مذكرة لتوقيف صهر رئيس بلدية إسطنبول قادر توباش، وهو قيادي في حزب «العدالة والتنمية» الحاكم. وكان يلدرم أعلن توقيف 40029 شخصاً منذ ليلة المحاولة الانقلابية، وُضع 20355 منهم قيد حبس احتياطي. وأضاف أن 79900 من موظفي الدولة أُقيلوا من وظائفهم، خصوصاً في الجيش والشرطة والقضاء. كما أُغلقت 4262 شركة أو مؤسسة يُشتبه في صلتها بغولن. إلى ذلك، تلقّت أثينا طلباً من أنقرة لتسليمها 8 عسكريين أتراك فروا بمروحية إلى اليونان، بعد المحاولة الفاشلة. وكان الثمانية قدّموا طلبات لجوء.