قررت تركيا الإفراج عن حوالى 38 ألف سجين في إطار خطة لإصلاح لنظام العقوبات أعلن عنها اليوم (الأربعاء)، في الوقت الذي تعاني فيه السجون التركية من زيادة كبيرة في عدد النزلاء بعد اعتقال عشرات الآلاف لصلتهم بمحاولة الانقلاب التي وقعت الشهر الماضي. ويوسع الإصلاح برنامجاً قائماً بالفعل للإفراج عن السجناء مع وضعهم تحت المراقبة، ويأتي في إطار سلسلة إجراءات ضمن مرسومين أصدرتهما الحكومة اليوم بمقتضى حال الطوارئ التي أعلنت بعد محاولة الانقلاب في 15 تموز (يوليو) الماضي، والتي قتل فيها 240 شخصاً. ولم تحدد الحكومة السبب وراء هذا الإصلاح. ويخشى حلفاء تركيا الغربيون من أن يستغل الرئيس رجب طيب أردوغان حملة إجراءات صارمة لاستهداف المعارضة. ويرفض مسؤولون أتراك مخاوف الغرب في شأن الاستقرار في الدولة العضو في «حلف شمال الأطلسي» (ناتو)، ويقولون إنهم يقتلعون جذور تهديد داخلي خطر. ويقضي المرسومان اللذان نشرا في الجريدة الرسمية بفصل 2360 من ضباط الشرطة وأكثر من 100 من أفراد الجيش و196 من العاملين في هيئة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات «بي تي كيه»، وجاء فيهما أن المفصولين لهم صلات بالداعية المعارض فتح الله غولن المقيم في الولاياتالمتحدة، والذي تتهمه تركيا بأنه مدبر محاولة الانقلاب، الأمر الذي ينفيه غولن. ويمكن بموجب إصلاح نظام العقوبات الإفراج عن السجناء الذين تبقى على انقضاء مدة عقوبتهم حوالى عامين اثنين، مع خضوعهم للمراقبة. وكان القانون يسمح سابقاً بهذا الإفراج المشروط لمن تبقى له عام واحد من مدة عقوبته، لكن الإفراج المشروط لا يشمل المدانين في جرائم إرهاب أو قتل أو عنف أو جرائم جنسية. ويجب أن يكون السجين قضى نصف العقوبة حتى يمكن له الاستفادة من البرنامج الجديد. وكان القانون فيما سبق ينص على أن يقضي السجين ثلثي فترة العقوبة. وقال وزير العدل التركي بكير بوزداج في تغريدة في موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» في شأن خطة الإصلاح، إن «هذا الإجراء ليس عفواً... سيتم الإفراج عن حوالى 38 ألفا من السجن في المرحلة الأولى نتيجة هذا الإجراء». ولم يفصح الوزير عن السبب وراء الخطوة، لكن عدد النزلاء في السجون التركية تضاعف ثلاث مرات في الأعوام ال 15 الأخيرة. وكان في آذار (مارس) الماضي 188 ألفاً في سجون تركيا، ما يزيد عن طاقتها الاستيعابية بحوالى ثمانية آلاف. ويتضمن المرسومان أيضاً قراراً يمكن بمقتضاه أن يعين رئيس الدولة أي جنرال أو أميرال قائداً للقوات المسلحة، ما يسقط شرط أن يكون من بين كبار قادة الجيش أو البحرية أو القوات الجوية. ويقضى قرار آخر بإغلاق هيئة الاتصالات «تي آي بي». واحتجزت السلطات أكثر من 35 ألفاً، فضلاً عن فصل عشرات الآلاف من موظفي الدولة أو إيقافهم عن العمل، في حملة تطهير واسعة بعد محاولة الانقلاب. ومن بين من استهدفتهم الحملة قضاة وصحافيون ورجال شرطة ومدرسون للاشتباه في صلتهم بحركة غولن. وفتشت الشرطة التركية أمس مقار سلسلة متاجر تجزئة في أنحاء البلاد وشركة للرعاية الصحية والتكنولوجيا، واعتقلت مديرين تتهمهم السلطات بالمساعدة في تمويل شبكة غولن. ويقول أردوغان الذي يتهمه معارضون بميول سلطوية من قبل وقوع الانقلاب، إن غولن وأنصاره اخترقوا مؤسسات الدولة لتشكيل «هيكل مواز» يهدف إلى السيطرة على البلاد. ويمكن لطيارين سابقين في القوات الجوية العودة إلى عملهم بموجب القرارات التي أعلنت اليوم، لسد العجز الناتج عن فصل طيارين في أعقاب محاولة الانقلاب. وكانت تركيا أعلنت حال الطوارئ لمدة ثلاثة أشهر اعتباراً من 21 تموز (يوليو) الماضي. وأقالت تركيا، وفقاً لمراسيم سابقة صدرت بمقتضى حال الطوارئ، آلافا من قوات الأمن وأمرت بإغلاق آلاف من المدارس الخاصة والجمعيات الخيرية والمؤسسات الأخرى التي يشتبه بصلتها بغولن.