أطلقت تركيا 1200 جندي أوقفوا بعد محاولة الانقلاب الفاشلة في 15 الشهر الجاري في أول عملية من نوعها وسط انتقادات دولية لإجراءات القمع التي تتخذها، والتي دفعت الرئيس رجب طيب أردوغان الى التنديد ب «تحيّز» الاتحاد الأوروبي و «تحامله» ضد بلاده، فيما «وبّخ» الوزير التركي للشؤون الأوروبية عمر غيليك حلفاء بلاده الغربيين لعدم إرسالهم ممثلين للتعبير عن تضامنهم مع تركيا بعد الانقلاب، لكنه أكد استمرار تنفيذ الاتفاق مع الاتحاد الاوروبي في شأن تدفق المهاجرين الراغبين في الوصول الى اوروبا الغربية «بلا عراقيل رغم الانقلاب». ووصف غيليك شبكة الداعية فتح الله غولن التي تتهمها أنقرة بالوقوف خلف الانقلاب بأنها أكثر «وحشية من تنظيم داعش». وأيضاً، أكد محمد شيمشك، نائب رئيس الوزراء، خلال اجتماع وزراء مالية ومحافظي بنوك مجموعة الدول العشرين في مدينة تشانغدو جنوب غربي الصين أن تركيا «ستلتزم بقوة بمبادئ الديموقراطية وسيادة القانون». وشدد النائب العام في أنقرة، هارون كودالاك، على محاولة السلطات تمييز الجنود الذين اطلقوا النار على السكان وأولئك الذين لم يفعلوا ذلك، علماً ان كثيرين أبدوا تخوفهم من أن يكون عدد كبير من الجنود ال7400 الموقوفين من المجندين الشبان الذين لم يعلموا بما حصل. وفيما يعقد المجلس الأعلى للجيش في القصر الرئاسي الخميس المقبل، اجتماعاً مبكراً عن الموعد السنوي التقليدي للاجتماع الذي يستضيفه مقر رئاسة الأركان في آب (أغسطس)، أوردت وكالة انباء «الاناضول» أن جنرالاً اقدم على الانتحار. وأعلن أردوغان ان مسؤول جهاز الاستخبارات حقان فيدان سيبقى في منصبه حالياً رغم الخلل الذي ظهر في استباق محاولة الانقلاب. وفي أول مرسوم يوقعه منذ إعلان الطوارئ لمدة ثلاثة أشهر، أمر اردوغان بإغلاق 1043 مدرسة خاصة و1229 مؤسسة وجمعية خيرية و19 نقابة عمالية و15 جامعة و35 مؤسسة طبية للاشتباه في صلتها بالداعية المقيم في الولاياتالمتحدة فتح الله غولن الذي يتهمه اردوغان بتدبير الانقلاب الفاشل. كما أمر بتمديد فترة احتجاز المشبوهين بلا اتهامات حتى 30 يوماً بدلاً من 4 ايام، من اجل تسهيل التحقيق الكامل في محاولة الانقلاب. ويجب أن يوافق البرلمان على المرسوم لكن فقط بغالبية بسيطة يملكها حزب «العدالة والتنمية» الذي يحكم البلاد منذ 2002، علماً ان السلطات شنت فعلاً سلسلة عمليات تطهير جماعية بين صفوف القوات المسلحة والشرطة والقضاء والتعليم مستهدفة أنصار غولن الذي نفى ضلوعه في الانقلاب، في وقت صرح وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو بأن انقرة تتوقع الانتهاء خلال أسبوع أو عشرة أيام من ملف يطالب الولاياتالمتحدة بترحيل غولن. وسبق أن قالت الولاياتالمتحدة إن تركيا تحتاج الى تقديم دليل قاطع على مشاركة غولن في الانقلاب من أجل ترحيله، مع توقعها ان يستغرق ذلك سنوات. لكن أنقرة أوقفت في ارضروم (شمال شرق) أمس محمد سعيد غولن، ابن اخ غولن، على ذمة التحقيق. تنديد الى ذلك، ندد أردوغان، ب «تحيّز» الاتحاد الأوروبي و«تحامله» إزاء بلاده، وذلك رداً على الانتقادات الموجهة إلى إجراءات القمع التي تتّخذها السلطات التركية في أعقاب محاولة الانقلاب. وصرّح لقناة «فرانس برس 24» الفرنسية، قائلاً: «يدلون بتصاريح متناقضة، إنهم منحازون ومتحاملون وسيظلون على أحكامهم المسبقة إزاء تركيا»، مضيفاً: «مضى علينا 53 عاماً ونحن ننتظر على أبواب أوروبا» (وفق الترجمة الفرنسية لأقواله). وجزم: «إذا كان شعبي ووطني يطالبان من دون توقف بتطبيق عقوبة الإعدام، وإذا وافق ممثلو الشعب في البرلمان فأنا آسف، علينا تلبية هذا الطلب». وزاد: «في الأنظمة الديموقراطية السيادة تعود إلى الشعب». وتابع أن «أي بلد لم يعانِ إلى هذا الحد في مفاوضات الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي حتى في ما يتعلّق بإلغاء تأشيرات الدخول» للرعايا الأتراك، مضيفاً أن بلاده «في موقع أفضل» من غالبية الدول التي انضمت إلى الاتحاد. وعن أزمة المهاجرين، اعتبر أردوغان أن الأتراك «كانوا في مثابة دروع لأوروبا. لقد قدّموا وعوداً لم يفوا بها». «مستقبلها في السجن» وندد رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينزي أمس، بالتدابير الأخيرة التي اتخذتها السلطات التركية والاعتقالات الجماعية، قائلاً إن البلاد تضع «مستقبلها في السجن». وقال رينزي خلال اجتماع للحزب الديموقراطي، إن «ما شهدناه خلال الأسبوع الماضي يقلقنا كما الدبابات في شوارع إسطنبول». وزاد: «نودّ القول في شكل قاطع للمؤسسات التركية، وتحديداً بسبب العلاقات الوثيقة خلال العقد الماضي، إن الدولة التي تسجن أعضاء هيئة التدريس والصحافيين تضع مستقبلها في السجن». وفي إشارة إلى اتفاق بين الاتحاد الأوروبي وتركيا في شأن اللاجئين، أكّد رينزي: «لن يكون هناك اتفاق حول الهجرة يمكن أن يقوم على حساب حقوق الإنسان». في المقابل، طمأن نائب رئيس الوزراء التركي محمد شيمشك أمس، خلال اجتماع وزراء مالية ومحافظي بنوك مجموعة ال20 في مدينة تشانغدو بجنوب غربي الصين، أن أنقرة ستلتزم بقوة المبادئ الديموقراطية وسيادة القانون. على صعيد آخر، أوقف مجلس أسواق رأس المال نشاط بنك آسيا الإسلامي، بعد فشل مزاد لبيعه في اجتذاب أي عروض. وكان صندوق التأمين على الودائع التركية علّق أيضاً نشاط هذا المصرف، الذي أسسه أتباع للداعية فتح الله غولن المقيم في الولاياتالمتحدة، والذي تحمّله أنقرة مسؤولية تدبير محاولة الانقلاب.