علمت «الحياة» أنه من المقرر أن يصدر قريباً القرار الخاص بإغلاق المحال التجارية في السعودية عند الساعة ال9.00 مساء، والذي يشمل جميع قطاعات البيع، باستثناء المقاهي والمطاعم وأسواق المواد الغذائية والصيدليات التي لديها تصريح خاص، يسمح لها بالعمل حتى أوقات معينة. وكانت لجنة مختصة تضم عدداً من الوزارات ذات العلاقة، وهي العمل والتجارة والشؤون البلدية والقروية والشؤون الإسلامية والأوقاف والكهرباء وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أوصت بتعديل أوقات العمل في محال التجزئة وقطاعات البيع في المملكة، وإغلاقها عند الساعة ال9.00 مساء. ويأتي القرار المرتقب صدوره بعد نقاشات مستفيضة منذ أعوام طويلة، كان منها مشروع نظام تحديد ساعات العمل في المحال التجارية الذي أقره مجلس الشورى قبل نحو خمسة أعوام. وأكد رجال أعمال ل«الحياة» أن تحديد ساعات العمل للمحال التجارية بحاجة إلى رؤية دينية تدعمه، والأخذ بالتسهيلات التي يمنحها بعض الفقهاء في جانب إغلاق المحال أوقات الصلاة، الذي تعمل به المملكة فقط من بين دول العالم الإسلامي، مشيرين إلى أن بعض الفقهاء لا يرون إشكالاً شرعياً في فتح المحال أوقات الصلاة. وذكروا أن إغلاق المحال عند ال9.00 مساء خلال هذه الفترة سيكون مرهقاً للمحال التجارية، إذ إنه خلال ثلاث ساعات، وهي المدة بين صلاتي المغرب والعشاء، تكون المحال مضطرة إلى الإغلاق مرتين في كل مرة نحو نصف ساعة، وفي المحال الكبيرة لا بد من أن يغلقوا المحل قبل ربع ساعة من موعد الآذان، حتى تتاح فرصة للمتسوقين من الخروج، وعدم السماح لأحد من المتسوقين بالدخول. وقالت سلمى القحطاني (صاحبة محل ملابس في مجمع تجاري): «في هذا الوقت تكون صلاة المغرب عند ال6.00، ونغلق في حدود 35 دقيقة، وعند الساعة ال7.30 تكون صلاة العشاء ونغلق تقريباً نحو40 دقيقة، وسيكون الوقت المتبقي على موعد الإغلاق المقرر من الوزارة نحو 50 دقيقة وهي مدة قليلة، هذا في المنطقة الشرقية. أما في الغربية فإن المسألة تزداد صعوبة، لتقلص المدة بين صلاة العشاء وموعد الإغلاق»، مطالبة وزارة العمل بإيجاد حل لهذا الأمر قبل الشروع في تنفيذ قرارها. وتوقع ملاّك محال تجارية أن يلجأوا إلى الإغلاق مع صلاة العشاء، في حال دخول القرار حيز التنفيذ، ما يسبب لهم «خسائر كبيرة» - بحسب تعبيرهم - فيما يتوقع أن يسهم القرار في «توفير بيئة عمل مناسبة للمرأة». وأوضحوا أن تقليص ساعات العمل وإلزامية إغلاقها عند ال9.00 سيجبرهم على الإغلاق النهائي في أوقات تسبق الوقت المحدد، خوفاً من تراكم المخالفات عليهم. وسمحت وزارة العمل للمحال بالعمل خلال فترة المواسم حتى ال11 مساء، إلا أن أصحاب المحال اعتبروا الساعتين الإضافيتين «غير كافيتين في شهر رمضان، الذي يكون التسوق فيه ليلاً، ويختلف 100 في المئة عن بقية العام، ويستمر عمل المحال إلى ساعات الفجر في غالبية الليالي». وتوقع يوسف البنعلي (مالك مجموعة محال لبيع العطور والملابس) أن تلحق به «خسائر كبيرة». وقال: «تلقينا تعميماً من وزارة العمل أكد ضرورة الالتزام بساعات العمل، لأن العمل لساعات متأخرة لا يناسب طبيعة المرأة، بينما هذا الأمر لا يناسبنا، كوننا مستثمرين ونبحث عن طرق ترفع الأرباح». وأكد البنعلي أنه لحقت به خسائر بسبب تأنيث المحال، ومع قرار العمل الجديد أصبح الأمر لا يحتمل، مردفاً: «لا نقبل بتحديد وقت للبيع، وفيه تضييق على التجار. هذا لا يحتمل». وفي المقابل، أوضحت غادة يوسف (مشرفة محل مستلزمات نسائية) أن «القرار سيقلل المشكلات الاجتماعية، إذ تعاني موظفات متزوجات مشكلات مع أزواجهن، بسبب التأخر في العمل. كما ارتفع التسرب الوظيفي بنسبة عالية بسبب التأخير في العمل، ما اضطر موظفات إلى تقديم استقالاتهن». إلا أن غادة تخشى من نتائج «عكسية» للقرار على عمل المرأة، لأن «التوظيف أصبح إلزامياً، مع تحديد الراتب وساعات العمل والتأمينات الاجتماعية، إضافة إلى عمولات. فيما يشكو أصحاب المحال من الخسائر، ما دفع بعضهم إلى إغلاق محالهم أو تقليص الأفرع». وذكرت الموظفة مريم فواز أن العمل بعد ال9.00 مساء يسبب خلافات عائلية، لاسيما نهاية الأسبوع، إذ يكون زحام الأسواق على أشده، «نواجه صعوبات في التوفيق بين العمل والمنزل، ما يضطرنا أحياناً إلى ترك العمل والبحث عن فرص عمل تناسب الوضع الاجتماعي، ويقبل به الأهل». وربما يعيد القرار - بحسب الراغبين في تطبيقه - شيئاًً من شكل الحياة الاجتماعية، وعودة العلاقات مع إغلاق المحال عند ال9.00 مساء، إذ سيسمح للموظفين والمتسوقين بقضاء أوقات عائلية أطول، بدل التنقل بين المحال والأسواق، وهو القرار نفسه الذي سيدخل شيئاً من «الانضباط والترتيب» في حياة السعوديين، بحسب متسوقين.