منذ احتلال مدينة القدس عام 1967، لم تتوقف المساعي الإسرائيلية لتهويدها. ويكشف كتاب جديد أن الخطط الأولى لتهويد المدينة بدأت بعد 3 أيام من احتلالها عندما هدمت السلطات الإسرائيلية عشرات المنازل في الحي الإسلامي في المدينة لإقامة ساحة أمام حائط «المبكى» الذي يطلق عليه المسلمون «حائط البراق»، ولاحقاً عام 1972، عندما هدمت منازل أخرى في الحي بهدف توسعة «ساحة المبكى» شمالاً إلى عمق الحي حيث يمتد الحائط ويشكل جدراناً لعدد من هذه البيوت. وبحسب كتاب جديد وضعه الصحافي الباحث الإسرائيلي نداف شرغاي تحت عنوان «المبكى المختفي، قصة حائط المبكى الصغير»، فإن الحديث كان يتعلق بمخطط بدأ التفكير بتنفيذه بعد محاولة ترميم منزل عام 1972، إذ تبين أن أحد جدرانه جزء مما يطلق عليه «حائط المبكى الصغير». ويضيف أن هذا «الاكتشاف» أدى إلى كشف أجزاء أخرى من حائط المبكى كانت مختفية داخل الحي الإسلامي، ما أثار مجدداً الحديث عن مخطط كان معروفاً لعدد قليل من المسؤولين الإسرائيليين، وكان يهدف إلى إقامة «ساحة أو ساحات أخرى لحائط المبكى من خلال هدم منازل قريبة منه في الحي الإسلامي». ويوضح الباحث، حسب تقرير نشرته صحيفة «هآرتس» أمس، أن طول حائط البراق يصل إلى 488 متراً، منها 350 متراً مختفية داخل الحي الإسلامي، وأن هناك عشرات المنازل التي يشكل الحائط جدراناً لها. كما يشير الى أن هناك ساحة أخرى أطلق عليها اسم «ساحة حائط المبكى الصغير» داخل الحي الإسلامي، ويصل طولها إلى 16.5 متراً، لافتاً الى أن المنظمات اليهودية الدينية فشلت في وضع اليد عليها وتحويلها إلى مكان صلاة رسمي بدعوى أنها أكثر قدسية من «الحائط الكبير». ويكشف التقرير أنه بعد ثلاثة أيام من احتلال القدس في حزيران (يونيو) عام 1967، وبضغط من رئيس الحكومة السابق ديفيد بن غوريون، ورئيس بلدية الاحتلال في حينه تيدي كوليك، وقائد المنطقة شلومو لاهاط، تم هدم 108 منازل لفلسطينيين في الحي الإسلامي بحجة هدم حمامات كانت ملتصقة بالجدار، الأمر الذي أدى إلى نشوء «ساحة حائط المبكى». ويشير إلى أن أصواتاً بدأت ترتفع بعد الحرب تطالب بتنفيذ المزيد من أعمال الهدم وعلى نطاق واسع بذريعة كشف سائر أجزاء حائط المبكى. وطالب الحاخام الأكبر في حينه يتسحاك نيسيم بتعجيل عملية الهدم باعتبار أن التأخير سيصعب مواصلة عمليات الهدم. ويضيف أنه تم إعداد خريطة في وزارة الأديان وضعت فيها علامات على منازل سيتم هدمها بدعوى أن ذلك سيكشف حائط المبكى بكامله، كما جاء في إحدى الوثائق، إلا أن النقاش ظل يدور سراً في الدوائر الحكومية الإسرائيلية حتى عام 1972 بين مؤيد وآخر معارض بداعي وجوب الحفاظ على المباني القديمة على طول الجدار. ويلفت التقرير إلى أن زعيم المعارضة رئيس «حيروت» في حينه مناحيم بيغن كان على رأس المؤيدين لتنفيذ عمليات هدم المنازل بداعي وجوب كشف «حائط المبكى» بالكامل، في حين عارض رئيس البلدية وسلطة الآثار مواصلة عمليات الهدم باعتبار أن هناك منازل يصل عمرها إلى 100 عام، وأخرى تزيد عن 800 عام. ويضيف أنه في نهاية المطاف تم وضع خط حدودي بين «الحي اليهودي» و «حائط المبكى» وبين «الحي الإسلامي» و «حائط المبكى الصغير»، وهو ما يعرف اليوم ب «الوضع القائم» المتفق عليه مع الوقف الإسلامي والأردن. وفي حين عملت الحكومات الإسرائيلية على إخلاء آلاف العرب من «الحي اليهودي» وإعادة توطين يهود فيه، فإنها أوكلت أمر «الحي الإسلامي» إلى الجمعيات الاستيطانية، وعلى رأسها «عطيريت كوهانيم» التي تحظى بدعم حكومي، وتمكنت مع مرور السنوات من شراء بيوت كثيرة، وتوطين أكثر من 1300 مستوطن في الحي الإسلامي. لكن على رغم جهودها، لم تتمكن من شراء البيوت المجاورة للأجزاء الشمالية لحائط المبكى.