تتطلع الحكومة الأردنية إلى مشاركة فاعلة من فئة الشباب في انتخابات مجلس النواب السادس عشر المقبلة وهو ما دفع برئيس الوزراء الأردني سمير الرفاعي إلى إطلاق حملة «صوتك حاسم» لحشد الأصوات الشبابية في شكل خاص. الرفاعي توجه إلى الشباب قائلاً: «بصراحة، بدون صوتكم ما رح نسمع صوتكم»، ودعاهم إلى استثمار الانتخابات النيابية لمطالبة المرشحين باحترام تطلعاتهم. وقال في خطاب موجه إليهم: «المستقبل لكم وصوتكم هو تمرين حي لمشاركتكم في عملية اتخاذ القرار»، موضحاً أن «انتخاب المرشح الأفضل سيتيح لهم الفرصة للمطالبة بتحقيق المساواة والعدالة وتكافؤ الفرص في الدراسة والتوظيف والعمل، وبخاصة للشباب في مناطق الريف والبادية البعيدة». وعلى رغم أن فعاليات الحملة اجتاحت محافظات المملكة، فإن الغالبية من فئة الشباب تبدي اللامبالاة في تعاطيها مع الانتخابات في الوقت الذي تجهد الحكومة لشحذ الهمم وتشجيع المشاركة. ويرد محمد (26 سنة) عدم قناعته بالتوجه إلى صناديق الاقتراع الى عدم ثقته بإفراز مجلس نواب قادر على تحمل التحديات، ويصف واقعة انحلال المجلس الخامس عشر بعد أن أتم نصف مدته المؤلفة من أربع سنوات، بأنها «نكسة خيبت آمال الناخبين». ويؤكد محمد أن موعد الانتخاب الذي سيصادف يوم السابع من تشرين الثاني (أكتوبر) المقبل «لا يعنيه» فهو يعتقد بأن أداء المجلس سيكون شبيهاً بالمجلس المنحل، لا سيما أن غالبية النواب الذين غادروا قبة البرلمان سيطرحون أنفسهم للانتخاب مرة أخرى. ويجد أن التعصب للعشيرة لا يزال يتحكم ببورصة أسماء المرشحين للانتخابات، ويقول: «أبناء العشيرة سيساندون المرشح الذي تتفق العشيرة على نصرته». ومحمد مقتنع بأن غالبية الشباب لا يزالون مرتبطين بتوجهات العشيرة، وهم سيناصرون ابن عشيرتهم، بعيداً من أي حسابات ترتبط بمؤهلاته أو كفاءته بل يتطلعون إلى ما سيقدمه الأخير من امتيازات لمصلحتهم. وكانت إرادة ملكية سامية صدرت في 24 تشرين الثاني (نوفمبر) 2009 بحل المجلس الخامس عشر «بعدما فشل في تمثيل الشعب وانشغل بتحصيل امتيازات تسجل في مرمى النواب». ولكي تضمن الحكومة إجراء انتخابات نزيهة وعادلة خرجت بقانون انتخاب «موقت وعصري» أبرز ملامحه حصر الاقتراع بمن يثبت دائرته الانتخابية على بطاقته الشخصية من أجل ضمان سلامة إجراءات العملية الانتخابية. الحكومة الأردنية معنية الآن بتشجيع نحو 750 ألف مواطن يحق لهم المشاركة في الانتخابات للتسجيل، ولكن الأرقام تشير صراحة إلى أن الغالبية تحجم عن المشاركة وهو ما دفع برئيس الحكومة إلى إطلاق حملة موجهة للشباب في شكل خاص. ومع نهاية الفترة التي وفرتها الحكومة للتسجيل بلغ عدد الذين ثبتوا دوائرهم الانتخابية 243 ألفاً و555 ناخب وناخبة، من بينهم نحو 80 ألفاً ممن أكملوا سن الثامنة عشرة منذ العام 2007 . ولا يزال العدد متواضعاً جداً نظراً إلى أن عدد من يحق لهم الانتخاب ممن أتموا سن ال 18 يبلغ 372 ألفاً كما أعلن مدير عام دائرة الأحوال المدنية مروان قطيشات، وما كان ليرتفع لولا أن مدد وزير الداخلية فترة تثبيت الدوائر الانتخابية للمواطنين حتى 22 من الشهر الماضي. نسبة لا يستهان بها من الشباب عقدت العزم على الانتخاب، وهؤلاء تختلف دوافعهم للانخراط في الفعاليات الانتخابية، فمنهم من سيشارك في تنفيذ حملات انتخابية من منطلق قناعته بالمرشح وبعيداً من التعصب للعشيرة، فيما آخرون يعتقدون أن ابن العشيرة هو من يستحق التصويت لأنه لن يخذلهم ولن يرد لهم طلباً. جورج الوحش (25 سنة) يتذكر مشاركته في الانتخابات الماضية ويقول: «كنت ناشطاً في الحملة الانتخابية فكنت أعلق اللوحات الدعائية وأوزع الملصقات والنشاطات كلها كانت تطوعية من منطلق قناعتي بالمرشح». ويضيف: «حراك الشباب في المرحلة الحالية لا يزال هادئاً فأشهر عدة تفصلنا عن الانتخابات». ويوضح أن «الشباب منشغلون بمباريات كأس العالم ولكن الأحاديث الجانبية التي تعقب انتهاء كل مباراة غالباً ما يكون محورها الانتخاب وحشد الأصوات». وكما الأجواء تكون حماسية في متابعة المونديال برفقة الأصدقاء، تكون أيضاً حماسية بعد انتهاء المباراة ومع اقتراب موعد الاقتراع. ويقول الوحش: «كنا نصل الليل بالنهار في عقد الاجتماعات لمصلحة المرشح وحشد التأييد من الشباب». ويشير قيس حداد (25 سنة) إلى أن فترة الانتخابات «تعد موسماً للعمل وفرصة يغتنمها البعض للترزق»، موضحاً أن هؤلاء «غالباً ما يتركون قناعاتهم جانباً ويعملون في تنظيم وتنفيذ الحملات الانتخابية من أجل كسب المال». ويعتقد أنهم يشكلون خطراً على مجرى الانتخابات «فهم يحشدون الأصوات من منطلق إنجاح الدعاية الانتخابية، ولهم دور فاعل في التأثير في قناعات البعض». حداد لا يزال متردداً في مسألة التصويت بعد أن تشكلت لديه قناعة بأن المجلس المرتقب «سيكون كما المجالس السابقة، ضعيفاً ولا ينطق بصوت الشعب». وتشاركه رنا (26 سنة) الرأي: «العجلة بتدور... فينا وبلانا سيكون هناك مجلس». وتجد نفسها غير معنية بمتابعة ما يستجد على الساحة الانتخابية. الحراك الانتخابي في الأردن لا يزال في بداياته، والمرشحون يمرون في فترة جس نبض للشارع.