ينضم الخوف من الفراغ الى سلسلة مخاوف كثيرة تقضّ راحة البال، فيما يستنهض العقل البشري أدواته ليسد تلك الثغرات فيملأ الوقت بالتذمر، أو العمل أو العبث، ويملأ الصمت بالكلام، على اعتباره أحد تجليات الفراغ، لتبدو الحياة بأكملها محاولة سد فراغات لا حصر لها، روحانية، معرفية، عاطفية، مادية، جمالية. ودفع هذا الخوف شباباً سعوديين الى عالم الألعاب الإلكترونية أو الاستراحات أو الحفلات لمواجهة قلة خيارات التسلية ووسائل الترفيه في السعودية، في وقت تتزايد معدلات البحث عن الترفيه في الخارج. ويلجأ الشباب إلى الحل الإلكتروني كوسيلة سهلة للترفيه وفي المتناول، لكنها قد تسبب ارتفاعاً في هرمون الإدمان التقني مع اتساع دائرة التعامل مع هذا العالم الافتراضي. فبقدر ما لهذه الألعاب الإلكترونية من إيجابيات وفوائد، وأهمها الترويح عن النفس، لكنها أيضاً تضر بهم في مكان آخر. يقول عبدالله محمد، خريج قسم الحاسب: «الألعاب الإلكترونية من أهم وسائل الترفيه في السعودية، وهي منتشرة بين كل الفئات العمرية، ويمضون فيها أوقاتاً طويلة». ويرى ماجد الشهري أن الاستراحات أصبحت المكان المُناسب لتمضية أوقات الفراغ مع الأصدقاء وممارسة النشاطات ومناقشة أهم الأحداث اليومية، ويضيف: «يغلب خيار الاستراحات لعدم وجود الكثير من الأماكن المخصصة لممارسة الهوايات». ويلفت حمزة حسن: «الاستراحات وكرة القدم الخيار الأول في تجمعات الشباب وفي القائمة الأولى التي من خلالها تنطلق الأحاديث والنقاشات وتمضية أوقات الفراغ التي تتجلى في الإجازات الطويلة وعطلات نهاية الأسبوع». أما بالنسبة الى البنات، فقد كانت الاستراحات «موضة جديدة»، خصوصاً منذ أن أصبح بعضها يجمع كل وسائل الترفيه من ملاعب رياضية ومسابح وصالات احتفالات. وتقول مها أحمد: «الاستراحات من أول الخيارات لتجمعات الفتيات، وأصبحت وسيلة ترفيه وتسلية من الدرجة الأولى، وذلك مع تنافسها في ما بينها لتقديم الخدمات الأفضل إضافة الى الحفاظ على الخصوصية والأمان للبقاء فيها لمدة يوم كامل». وتعزي خلود حامد سبب لجوء الأسر الى الاستراحات، خصوصاً في الفترة الأخيرة، الى توافر غالبية وسائل الترفيه وبأسعار جيدة، لا سيما مع ارتفاع تكاليف السفر أو إيجار بعض المنتجعات الداخلية الباهظة والتي تثقل عاتق الأسر المحدودة الدخل». وتلفت أستاذة علم الاجتماع نادية الدباغ :»في ظل محدودية الخيارات التي يجب أن يُستغل بها «الفراغ»، يستحدث الشباب طرقاً تتنافى أحياناً مع التربية والأخلاق لأن الفراغ وحش قاتل يجب ألا يقع الشباب بين أنيابه، وعلى الجهات المختصة محاولة اإجاد كل الحلول لشغلهم بما يعود عليهم بالمصلحة والفائدة وتطوير القدرات».