واصل رئيس الوزراء التونسي المكلف يوسف الشاهد مشاوراته لتشكيل حكومة، عبر لقاءات «ماراتونية» جمعته بالأحزاب السياسية الموالية والمعارضة والمنظمات الكبرى، في وقت رفضت قوى المعارضة الديموقراطية المشاركة في الحكومة بسبب عدم رضاها عن تكليف الشاهد بالمهمة. والتقى رئيس الحكومة المكلف خلال الساعات ال48 الأخيرة، أحزاب التحالف الرباعي الحاكم: «نداء تونس» و«النهضة» (الإسلامية) و «الوطني الحر» و«آفاق تونس» والتي عبرت عن دعمها الرئيس المكلف واستعدادها للمشاركة في الحكومة. ويشارك في هذه المشاورات ممثلون عن 9 أحزاب (من بينها أحزاب التحالف الحكومي) و3 منظمات (لأرباب العمل والعمال والفلاحين)، وكانت هذه الأحزاب والمنظمات وقعت في 13 تموز (يوليو) الماضي، وثيقة ضبطت أولويات عمل حكومة الوحدة الوطنية تضمنت الخطوط العريضة لبرنامج حكومة الوحدة. وقال زعيم «النهضة» راشد الغنوشي، في تصريح عقب لقائه الشاهد، إن الحركة «حريصة على إنجاح المبادرة وتشكيل الحكومة، وفي صورة مشاركتنا في الحكومة سنقترح أسماء من النساء والشباب لتولي مناصب وزارية». وأكد الغنوشي أن «رئيس الحكومة المكلف أكد أن الحكومة المقبلة ستكون حكومة سياسية وبعيدة من المحاصصة الحزبية»، مشيراً إلى أن أولويات الحكومة تعتمد على «وثيقة قرطاج» التي وقعتها الأحزاب الشهر الماضي وتضمنت أولويات مكافحة الإرهاب والنهوض الاقتصادي والتصدي للبطالة. ومن المنتظر أن تشارك «النهضة» بثقلها في حكومة الشاهد بعد أن كانت ممثلة بوزيرين ووزير دولة فقط في حكومة الحبيب الصيد رغم امتلاك الحركة أكبر كتلة برلمانية. ويفاوض الإسلاميون من أجل الحصول على نصيب أساسي في الحكومة كشرط لمنحها الثقة في المجلس النيابي. وكان الشاهد قال في خطاب أعقب تكليفه بتشكيل حكومة الوحدة الوطنية الأربعاء، أن أهداف حكومته هي «كسب الحرب على الإرهاب وإعلان الحرب على الفساد والرفع في نسق النمو الاقتصادي والتحكم في التوازنات المالية، إضافة إلى تكريس النظافة وحماية البيئة». وانسحبت أحزاب «الجمهوري» و «الشعب» و «المسار الديموقراطي» المعارضة من مشاورات تشكيل الحكومة وذلك بعد لقاء جمع ممثلي هذه الأحزاب مع الشاهد الذي تعتبر أنه «ليس رجل المرحلة وليس الشخصية المناسبة لترؤس حكومة وحدة وطنية». وقال ل «الحياة» الناطق باسم الحزب «الجمهوري» عصام الشابي، إن حزبه شارك في المشاورات منذ إطلاق الرئيس الباجي قائد السبسي مبادرته قبل شهرين ويرغب في نجاح حكومة الشاهد، موضحا أن «التوجه كان منذ البداية إلى تكليف شخصية تقف على مسافة من الأحزاب وليس شخصية حزبية». وتلقى الرئيس المكلف اقتراحات من الأحزاب والمنظمات حول هيكلة الحكومة وملامحها من دون الخوض في أسماء المرشحين لتولى الحقائب الوزارية، ويبدو أنه يتوجه نحو تشكيل حكومة ضيقة تضم أقطاباً كبرى أمنياً واقتصادياً واجتماعياً. ورفضت المنظمات الاجتماعية الكبرى (اتحاد الشغل واتحاد أرباب العمل واتحاد الفلاحين) المشاركة المباشرة في حكومة الشاهد، رغم تأكيدها دعم جهود رئيس الوزراء المكلف للنهوض بالوضع الاجتماعي والاقتصادي المتردي. ووفق ما ترسب من كواليس المشاورات، فإن المنظمات الكبرى قد تقترح مرشحين مقربين منها، فالاتحاد العام التونسي للشغل يريد مرشحاً قريباً منه على رأس وزارة الشؤون الاجتماعية، فيما يسعى اتحاد أرباب العمل الى دعم مرشح لوزارة الصناعة أو التجارة أو الاستثمار. ومن المنتظر أن ينتهي الشاهد من تشكيل حكومته قبل نهاية الشهر الجاري كما تقتضيه الآجال الدستورية. وفي حال الفشل في تشكيل الحكومة يدعو الرئيس إلى انتخابات برلمانية مبكرة.