العام الثقافي السعودي الصيني 2025    منتخب الطائرة يواجه تونس في ربع نهائي "عربي 23"    الإعلام السعودي.. أدوار متقدمة    المريد ماذا يريد؟    234.92 مليار ريال قيمة ترسية المشاريع    طرح سوق الحراج بالدمام للاستثمار بالمشاركة في الدخل    أمير تبوك يبحث الموضوعات المشتركة مع السفير الإندونيسي    ترمب.. صيّاد الفرص الضائعة!    ترمب.. ولاية ثانية مختلفة    إيلون ماسك: خطط خارقة للمستقبل    مستقبل رقمي واعد    الاتحاد يصطدم بالعروبة.. والشباب يتحدى الخلود    هل يظهر سعود للمرة الثالثة في «الدوري الأوروبي» ؟    الإصابات تضرب مفاصل «الفرسان» قبل مواجهة ضمك    القبض على مخالفين ومقيم روجوا 8.6 كيلو كوكايين في جدة    أربعينية قطّعت أمها أوصالاً ووضعتها على الشواية    قصص مرعبة بسبب المقالي الهوائية تثير قلق بريطانيا    «البيئة» تحذّر من بيع مخططات على الأراضي الزراعية    «بنان».. سفير ثقافي لحِرف الأجداد    السينما السعودية.. شغف الماضي وأفق المستقبل    اللسان العربي في خطر    الدولار يقفز.. والذهب يتراجع إلى 2,683 دولاراً    ربَّ ضارة نافعة.. الألم والإجهاد مفيدان لهذا السبب    الجلوس المطوّل.. خطر جديد على صحة جيل الألفية    الثقة والصلاحيات    القابلة الأجنبية في برامج الواقع العربية    "صناعة الدواء".. والطريق الطويل    سيادة القانون ركيزة أساسية لازدهار الدول    درّاجات إسعافية تُنقذ حياة سبعيني    ولي العهد يستقبل قائد الجيش الباكستاني وفريق عملية زراعة القلب بالروبوت    ليل عروس الشمال    «متمم» يناقش التحوُّط المالي في المنشآت التجارية    رينارد يعلن قائمة الأخضر لمواجهتي أستراليا وإندونيسيا في تصفيات مونديال 2026    الدراما والواقع    يتحدث بطلاقة    «الجناح السعودي في اليونسكو» يتيح للعالم فرصة التعرف على ثقافة الإبل    الإصابة تغيب نيمار شهرين    التعاطي مع الواقع    التعاون يتغلب على ألتين أسير    العين الإماراتي يقيل كريسبو    التكامل الصحي وفوضى منصات التواصل    تقاعد وأنت بصحة جيدة    الأنشطة الرياضية «مضاد حيوي» ضد الجريمة    ترمب.. عودة تاريخية إلى البيت الأبيض    خفض وفيات الطرق    وزير الحرس يحضر عرضًا عسكريًا لأنظمة وأسلحة وزارة الدفاع الكورية    إحباط تهريب 259 كلج من القات    قوافل المساعدات السعودية تصل إلى شمال غزة    ولي العهد يستقبل قائد الجيش الباكستاني    محافظ الطائف يعقد اجتماع مجلس اللجنة الوطنية لرعاية السجناء والمفرج عنهم    أمير تبوك يستقبل القنصل الإندونيسي    تطوير الشرقية تشارك في المنتدى الحضري العالمي    نائب أمير الرياض يؤدي الصلاة على والدة مضاوي بنت تركي    فلسفة الألم (2)    سلام مزيف    همسات في آذان بعض الأزواج    الاحتلال يواصل قصف المستشفيات شمال قطاع غزة    دشنها رئيس هيئة الترفيه في الرياض.. استديوهات جديدة لتعزيز صناعة الإنتاج السينمائي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فيلم «مدرسة بغداد للفيلم»: العراق في سنواته الأقل عنفاً
نشر في الحياة يوم 30 - 07 - 2010

عندما دعت المخرجة الهولندية شوجان تان الجمهور الى تحية الفريق الذي رافقها الى بغداد لتصوير فيلم «مدرسة بغداد للفيلم»، بعد العرض الصحافي الخاص، الذي جرى قبل أسابيع في مدينة اوترخت الهولندية، كان الحاضرون في المسرح ينتظرون، رجالاً «أشداء»، خبروا العمل في المناطق الخطرة، لنفاجأ بمجموعة من الشابات الحسناوات وهن يتجهن الى خشبة المسرح بابتسامات كبيرة.
وإذا كان الفيلم يقدم طلاب مشروع «كلية السينما والتلفزيون المستقلة» والتي أطلقها المخرجان العراقيان ميسون الباجه جي وقاسم عبد في بغداد في عام 2004، إلا أن هناك الكثير الذي يمكن أن يقال عن تجربة فريق العمل الهولندي في العمل في واحدة من أكثر مناطق العالم خطورة. على رغم أن المخرجة وفريق عملها لا يظهران إلا لثوان معدودة من وقت الفيلم التسجيلي، ولدواع ترتبط بتكملة الصورة الخاصة بالعلاقة بين الفيلم وموضوعه، على خلفية الظروف الأمنية الخاصة في العراق. إلا أن حضورهم المهم، يبرز في مشاهد أخرى لمدينة بغداد، معظمها من غرف الفندق الذي أقاموا فيه، مشاهد من داخل الغرفة وعبر النافذة الى الخارج، على الحديقة غير المكتظة في الجانب الآخر.
تمهد المخرجة في تلك المشاهد الشديدة التأثير لرحلتها الغريبة. فهي هناك في غرفة فندق في بغداد. في مدينة تصدرت الأخبار لسنوات. تراقب من النافذة النساء المتشحات بالأسود، وهن يعبرن الحديقة متجهات الى مشاغلهن اليومية، عاجزة عن الخروج الى الشارع والحديث معهن، فلا تحركات يمكن أن تتم من دون تحضيرات مسبقة معقدة.
في تلك المشاهد تتساءل المخرجة أيضاً، عن إمكانية إنجاز وثيقة تاريخية صادقة مع كل هذا الخوف الذي يرافق العمل في العراق.
لكن مخاوف المخرجة من أن يعرقل الوضع الأمني بالعراق خططها للفيلم، تتبدد بعد دقائق (عند الجمهور على الأقل)، فالفيلم يوفق في أن يسجل شهادات تاريخية عدة عن عراقيين وعن فترة زمنية مهمة، وصفت بأنها فترة تراجع العنف في بغداد!
لوحة
يرافق الفيلم مجموعة من طلاب الوجبة الثانية من طلاب الكلية، فبعد الوجبة الأولى التي درست في الكلية، اضطرت الإدارة الى وقف العمل بعد موجة العنف الأكثر شراسة في عام 2006، والتي وصلت الى الشقة الصغيرة للكلية في إحدى بنايات العاصمة العراقية بغداد. يرافق وصول فريق العمل الهولندي فتح الشقة مرة أخرى، وإعادة اللوحة البسيطة لاسم الكلية، والتي تمت تخبئتها، خوفاً من هجمات قوى متطرفة طائفية، تركز في أعمالها الإرهابية على المشاريع الفنية والثقافية.
يسجل الفيلم في تلك المشاهد الأولية، الإهمال الذي ضرب الشقة التي تكسرت نوافذها كلها بفعل الانفجارات، لتكون محتوياتها فريسة الظروف الجوية العراقية القاسية. مع رفع الزجاج المحطم والتحسر على الأضرار التي أصابت المكان، يعثر قاسم عبد على عش للحمام، الذي انتهز غياب الحياة عن الشقة ليؤسس حياة له هناك على الشرفة.
اختار الفيلم أن يرافق 3 من طلاب الكلية، ليبحث عن دوافعهم للانضمام للكلية، حياتهم، طموحاتهم، في هذا الجزء من الفيلم، يخرج الفيلم من «أمان» شقة الكلية، وسطح البناية، لينتقل الى أحياء الشباب الثلاث، والذين ينتمون الى طبقات وخلفيات اثنية مختلفة.
يسرد الشباب الثلاثة وبصدق غير مسبوق في أعمال تسجيلية سابقة عن العراق، جحيم الحياة في بغداد، أحد الثلاثة فقد أخاه بسبب العنف الطائفي، وآخر فقد أخاه الأستاذ في الجامعة أثناء تصوير الفيلم (صور الفيلم بين عامي 2008 و 2009)، والأخير كان يتحدث عن القتل الذي وصل الى حيهم بعادية مقلقة.
وعلى خلاف معظم الأعمال التي صورت في العراق بعد حرب 2003، ومنها كل الأعمال التلفزيونية العربية، يفرد فيلم «درسة بغداد للسينما»، الكثير من الاهتمام بأزمة طلاب الكلية العراقيين، هو لا يكتفي وعلى عكس الكثير من الأعمال الأخرى، بردود الأفعال الأولى، ليكمل قصته الجاهزة أصلاً، فهذا الفيلم ليس معنياً أصلاً بالكثير من المعوقات التي حددت عمل الأفلام التسجيلية العراقية أو عن العراق، ومنها معوقات أخلاقية أو مزاجية من صانعي تلك الأعمال، هو يخترق العزلة اللاشعورية التي تحيط بشباب الكلية، ويعزلهم عن أصداء صورهم عند الآخرين، ليسردوا بأنفسهم حكايتهم وأزماتهم.
حساسية وحلم
تكفي المشاهد القليلة لمؤسسي الكلية ميسون الباجه جي وقاسم عبد في الفيلم، لكي يصل الى شغاف القلوب، ليس فقط لإصرارهما على استمرار مشروع ما زال وحيداً بطبيعته وتوجه، على رغم أن سنين مرت على اطلاقه، وبإمكانيات بسيطة ما زالت تعرقل المشروع، على رغم بلايين الدولارات العراقية المهدورة، أو بسبب نتائج المشروع، من عروض في مهرجانات سينمائية دولية لأفلام الكلية، والجوائز السينمائية التي حصلت عليها أفلام طلاب الكلية في مهرجانات سينمائية مختلفة، لكن أيضاً لحساسيتهما وحزنهما الواضح وتمسكهما بالحلم، والذي حوله جنون الحياة في العراق الى انشغال سريالي، وجهدهم البعيد عن الصخب الإعلامي، حتى أن المخرجة ميسون الباجه جي والتي حضرت العرض الصحافي الخاص بالفيلم في هولندا، تمهيداً لعرضه التلفزيوني ضمن البرنامج التلفزيوني الهولندي المهم «ساعة الذئب»، كشفت أن العديد من المخرجين رغبوا بعمل فيلم عن الكلية، لكن رغبة إدارة الكلية بالحفاظ على سلامة هؤلاء المخرجين وفرق عملهم أو الطلاب، كانت السبب في رفض التعاون، حتى جاء الطلب الهولندي.
يظهر الفيلم قاسم عبد في غرفة «الدرس» في بغداد، يشرح للطلاب أهمية معنى أن يملكوا الرغبة أو الحماسة لإنجاز مشاريعهم الفنية، أما زميلته ميسون فتظهر من بيتها من لندن، تتابع بقلق واضح عودة التفجيرات الكبيرة الى بغداد، وما يمكن أن يعنيه هذا من توقف العمل في الكلية. هما مثال عن مئات العراقيين الذين كانوا يحملون عشرات الأحلام للعمل في العراق بعد انتهاء حكم صدام حسين، لكن الأحلام تلك تغطس يومياً في وحل السياسية والعنف العراقي العميق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.