الفضيحة الثقافية التي أثارتها الدولة اللبنانية بعدم ترشيحها المفكر والأكاديمي اللبناني غسان سلامة لمنصب الأمانة العامة لمنظمة اليونسكو لا تزال أصداؤها تترد في الأوساط الثقافية والفرنكوفونية لا سيما بعد البيان الذي وقعه أبرز المثقفين اللبنانيين مستنكرين غض الدولة النظر عن ترشيح سلامة. وخصت مجلة «لا ريفو» la revue الفرنسية المفكر سلامة بصفحات محاورة اياه حول اليونسكو وقضايا الثقافة العربية والتحولات التي تطرأ على المشهد السياسي والفكري العالمي. ورداً عن سؤال حول ترشّحه لليونسكو، ولماذا الإعلان الآن مع أنّ الانتخاب في خريف 2017، يقول: «ثمة وسائل كثيرة للترشّح إلى المنصب، هناك طرق كلاسيكية وأخرى مخفية، ثمة من يستخدم شبكة علاقاته وأصدقائه. والطريقة التي ترشحت بها شرعية جداً. وقد تكون عن بُعد هي الأكثر تداولاً. والأفكار التي أطرحها مرتبطة بتطوّر الأفكار الدولية. أعتقد بأنّ الوقت حان لكي تُطرح وتُناقش وتكون مثار سجال وجدل. معركة الأفكار نقطة مهمة جداً تتجاوز معركة المنصب في ذاته». ورداً على سؤال عن الوقت المناسب كي يُمسك العرب أو الشرق أوسطيون إدارة اليونيسكو وعن رمزية الدور العربي الآن يقول: «هو دور العرب منذ زمن. ثمة سبعة فرق أو مجموعات إقليمية في قلب اليونسكو، وهي لا تتداخل فعلياً مع المجموعات التي تعمل ضمن نظام الأممالمتحدة. واحدة من هذه الفرق هي عربية. كلّ المجموعات الأخرى سبق أن احتلّت منصب الأمين العام، ولم يبقَ سوى الدول العربية». وعن ترشحّه الذي لم يتم عن طريق بلده لبنان، الذي رشح فيرا خوري لاكوي وإمكان عرقلة هذا الأمر مسار الترشّح : «مسألة الجنسية لا تلعب دوراً مهماً في الأممالمتحدة، وخصوصاً في اليونسكو. المهمّ أن تتمكّن من الترشّح عبر أيّ دولة من الدول. في العام 2009، تقدّم محمد بدجاوي عبر دولة أخرى، غير الجزائر. والإسباني فرديريكو مايور انتخب عام 1987، علماً أنّه كان مرشحاً من الأرجنتين. حتى الآن، ثلاثة أشخاص عرب أعلنوا ترشحهم. الأول قطري، وهو الوزير السابق والسفير السابق في فرنسا وسواها حمد الكواري، وقد أعلن ترشحه في 2015، وهو يسافر ويعمل كثيراً في هذا السياق. ثم المرشحة المصرية، والسيدة خوري من لبنان. ويمكن التكهن أيضاً بأنّ العدد سيرتفع مع دخول مرشحين جدد». وعن التميّز في برنامج ترشحه يقول: «أنا أحمل فكرة بسيطة: نحن نعيش اليوم منعطفاً تاريخياً حيث الثقافة تمد السياسة أكثر من أي وقت مضى. السياسة، لا يمكن أن تستمرّ في اعتبار الثقافة قضية تخصّ الفنانين والشعراء والروائيين من دون غيرهم، لا سيما أنّ الأونيسكو تستحق مساحة أو دوراً أكبر داخل منظمة الأممالمتحدة. هي المنظمة العالمية الوحيدة التي تتخّذ باريس مقرّاً لها. حينما نشأت، كانت تحمل طموحات كثيرة وكبيرة جداً. ولكن على مدار عقودها السبعة، هل حققت كلّ تلك الأحلام والآمال التي وضعها فيها مؤسسوها؟ لا أظنّ. والوقت حان كي نعيد اليونيسكو إلى حضن نظام الأممالمتحدة. وهذا ما سيمنحها أبعاداً أكبر وأوسع. ولا يتحقق الأمر عبر انتخاب هذا أو ذاك لمنصب الأمين العام. لكنّ هذا يحتاج الى تحولات في مواقف الدول حول موقعها ودورها. أن يستثمروا فعلياً، بكلّ الوسائل المتاحة، من أجل اعتبارها محوراً أساسياً في جهاز الأممالمتحدة».