تبدأ الجولة الأولى من انتخابات مدير عام جديد لمنظمة الأممالمتحدة للعلوم والثقافة (يونيسكو) في 17 ايلول (سبتمبر) الجاري، لاختيار خلف للمدير الحالي الياباني كوتشيرو ماتسورا. ويتنافس على المنصب تسعة مرشحين من بينهم مرشحان عربيان هما وزير الثقافة المصري فاروق حسني والقاضي الجزائري محمد بدجاوي وسيدة إكوادورية لبنانية الأصل هي رئيسة برلمان الإكوادور ايفون عبدالباقي، وسبق لها ان ترشحت لرئاسة بلدها وتولت منصب سفيرة له في واشنطن. أما المرشحون الآخرون فهم سفيرة ليتوانيا لدى ال «يونيسكو» اينا مارسيو ليونيت وسفيرة فرنسا لدى بلغاريا ايرينا بكوفا والمفوضة الأوروبية للشؤون الخارجية بينيتا فيريرو فالدنر ومرشحون أفارقة من بينين وتنزانيا. واتفقت دول الجامعة العربية والاتحاد الافريقي على ترشيح فاروق حسني الذي يتولى وزارة الثقافة المصرية منذ 22 سنة (كانت المبادرة الى ترشيحه صدرت أولاً من ليبيا والسودان والكويت). ويولي الرئيس المصري وزوجته سوزان اهتماماً كبيراً بموضوع انتخابه. وكان مبارك أثار الموضوع مع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي سنة 2007، مشيراً الى ضرورة دعم الشريك الفرنسي الاستراتيجي، ترشيح حسني. وعلمت «الحياة» من مصادر فرنسية متعددة ان وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير أكد أن باريس التي تستضيف مقر ال «يونيسكو» عليها ان تبقى محايدة في الانتخابات. إلا أن هذه الإجابة الديبلوماسية لا تعكس الواقع، فهناك في فرنسا رأيان إزاء ترشيح حسني، فوزارة الخارجية الفرنسية وجزء من فريق الرئاسة يعتبر ان حسني ليس المرشح الأمثل لتولي الإدارة العامة ل «يونيسكو»، لكنهم تجنبوا أي جدل مع مصر حول الموضوع، في حين ان مستشار الرئيس الفرنسي للاتحاد من اجل المتوسط هنري غينو يؤيد ترشيح حسني بقوة. وكان ساركوزي أعطى تعليمات لرئيس الحكومة فرنسوا فيون ليبلغ مبارك بأن ترشيح فاروق حسني غير مناسب. ويقوم السفير المصري في فرنسا ناصر كامل وهو من السفراء النشطين جداً ولديه علاقات واسعة، بحملة قوية لدى جميع النافذين دعماً لترشيح حسني، واستطاعت مصر اخيراً استقطاب البرازيل. الى ذلك، قالت مصادر مطلعة ل «الحياة» ان الانتخابات مفتوحة جداً وتتم من طريق تصويت 58 دولة عضواً في المجلس التنفيذي، على ان ينتخب المرشح بأكثرية 30 صوتاً. وإذا لم يتم التوصل الى 30 صوتاً، تكون هناك دورة ثانية، وتستمر في حال عدم حصول أي من المرشحين على الأكثرية حتى الجولة الخامسة، بحيث يتم بعدها الاختيار بين المرشحَيْن اللذين حصلا على أكبر عدد من الأصوات. يذكر ان فاروق حسني كان أثار غضب إسرائيل عندما رد في البرلمان المصري على احد النواب الإسلاميين حول إدخال كتب إسرائيلية الى مكتبة الاسكندرية بالقول ان «هذا غير صحيح وأنه لو وجدت مثل هذه الكتب لحرقتها امامكم». وحملت إسرائيل على حسني بسبب هذا التصريح، علماً أنه يحظى بأصوات اكثر من 20 دولة من اعضاء الجامعة العربية والاتحاد الافريقي، وذلك على رغم وجود مرشح عربي آخر هو بدجاوي، وهو مرشح كمبوديا، ولكنه قد يحظى بتأييد الجزائر، خصوصاً ان التصويت في المنظمة سري. وتدعم الولاياتالمتحدة، عبدالباقي التي قامت بدورها بحملة كبرى خلال الصيف وزارت كل الدول الأعضاء في المجلس التنفيذي للمنظمة، مثلما فعل فاروق حسني. ونقلت مصادر ديبلوماسية عن السويد التي ترأس الاتحاد الأوروبي حالياً، رغبتها في ان يتم التوافق على مرشح أوروبي واحد. فالولاياتالمتحدة واليابان والاتحاد الأوروبي هم اكبر المساهمين حالياً في موازنة المنظمة، إلا ان هذا لا يعني بالضرورة ان مرشحهم سيحظى بالغالبية. فالانتخابات مفتوحة، وأمام حسني وعبدالباقي حظوظ كبيرة، على رغم عدم رغبة فرنسا وأوروبا وأميركا بالأول، وعدم تأييد الكتلة العربية والافريقية لعبدالباقي. واعرب المثقفان الفرنسيان كلود لانزمان وبيرنار-هنري ليفي امس (ا ف ب) عن استيائهما من تدخل غينو لصالح المرشح المصري.