كان واضحاً أن غياب غالبية القادة العرب عن قمة نواكشوط التي التأمت صباح أمس في العاصمة الموريتانية تحت شعار «قمة الأمل»، أثر في نتائجها، اذ ابتعدت من التعاطي مع الملفات الخلافية، وركزت على المتفق عليه، لاسيما مواجهة الارهاب والقضية الفلسطينية ورفض التدخلات الخارجية في شؤون الدول العربية. وللمرة الأولى منذ فترة طويلة تختتم القمة في اليوم نفسه الذي تلتئم فيه، إذ كان من المعتاد عقد الجلسة الختامية والمؤتمر الصحافي لإعلان النتائج والقرارات في اليوم الثاني للقمة، حتى في حال مغادرة الزعماء. وبعد الجلسة الافتتاحية التي ألقى فيها رؤساء الوفود كلماتهم، عُقدت جلسة مسائية مغلقة أعقبها مؤتمر صحافي لإصدار «إعلان نواكشوط». وشارك في القمة ثمانية فقط من القادة العرب، هم رؤساء موريتانيا محمد ولد عبدالعزيز، والسودان عمر البشير، واليمن عبدربه منصور هادي، وجزر القمر غزالي عثماني، وجيبوتي اسماعيل عمر غيله، والصومال حسن شيخ محمود، وأميرا الكويت الشيخ صباح الأحمد، وقطر الشيخ تميم بن حمد. كما شارك رؤساء حكومات ليبيا فايز السراج، ومصر شريف إسماعيل، ولبنان تمام سلام، والأردن هاني الملقي، فيما ترأس وفد السعودية وزير خارجيتها عادل الجبير. وركزت كلمات المشاركين على القضية الفلسطينية والحاجة إلى «استراتيجية عربية في مواجهة الارهاب»، وإن غاب تشكيل القوة العربية المشتركة التي أقرتها قمة شرم الشيخ الماضية عن جدول الأعمال. وأعيد تأكيد ضرورة التوصل إلى حلول سياسية لأزمات سورية وليبيا واليمن، لكن من دون طرح مبادرات. وحدد وزير الخارجية السعودي في كلمته أمام القمة نيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، «التطرف والطائفية والإرهاب» باعتبارها «تحديات العالم العربي». وأوضح أن «الإرهاب والتطرف أهم هواجس عالمنا اليوم». واعتبر أن «رفض النظام السوري تطبيق قرارات جنيف أهم أسباب استمرار الأزمة... ما يعطل حل الأزمة السورية سلمياً هو استمرار مسلك النظام السوري، وإمعانه في انتهاج أسلوب القتل والتدمير، وهذا الأمر من شأنه تأكيد استحالة أن يكون للرئيس السوري بشار الأسد أو كل من يده ملطخة بدماء السوريين دور في مستقبل سورية». وشدد على أن «تدخلات إيران في منطقتنا تتناقض مع مبادئ حسن الجوار»، داعياً إلى «التصدي لتدخلات إيران في شؤون الدول العربية، وتحركاتها التي تجعلها دولة غير صديقة للعرب». واعتبر أن حل أزمة انتخاب الرئيس في لبنان «يتطلب من الأشقاء اللبنانيين تغليب المصلحة العليا على ما سواها». كما حض الأطراف اليمنية على «إيجاد حل سياسي من خلال تطبيق قرارات مجلس الأمن»، ودعا الليبيين إلى «توحيد الجهود من خلال تطبيق اتفاق الصخيرات». ولفت إلى أن «القضية الفلسطينية تعد بنداً ثابتاً لدى جامعة الدول العربية»، مندداً ب «التعنت الإسرائيلي المتناقض مع الشرعية الدولية وأسس التسوية السلمية وحق فلسطين في إنشاء دولة مستقلة عاصمتها القدس». وكان الرئيس الموريتاني افتتح القمة التي تسلم رئاستها من رئيس الوزراء المصري الذي شارك نيابة عن الرئيس عبدالفتاح السيسي بعد اعتذاره عن عدم الحضور عشية القمة. وقال ولد عبدالعزيز إن «عقد القمة حدث مهم طالما انتظره الشعب الموريتاني بجميع فئاته، فللمرة الأولى تتشرف بلادنا باستضافة قمة للجامعة العربية». وتحدث عن ظاهرة الإرهاب التي اعتبرها «أكبر التحديات التي تواجه الإنسانية اليوم»، داعياً إلى «مواجهة المجموعات الإرهابية بقوة وحزم والتصدي لخطاب الكراهية والتطرف الذي يتستر بالإسلام». وطالب ب «وضع استراتيجية جماعية عربية متعددة الأبعاد لمواجهة الأرهاب». ودعا إلى «إخماد بؤر التوتر والنزاعات التي تذكيها التدخلات الأجنبية في الشؤون الداخلية للدول العربية». وطالب باستئناف المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين «بضمانات دولية ملزمة وآجال معلومة وتجميد الاستيطان وإيقاف مسلسل العنف ضد الفلسطينيين ورفع الحصار الإسرائيلي الظالم عنهم وإعادة إعمار ما دمره العدوان». وشدد رئيس الوزراء المصري لدى تسليمه رئاسة القمة لموريتانيا على أن «التدخلات الخارجية في الشأن العربي يتعين علينا مواجهتها، ومجابهة التحديات الإقليمية والدولية الراهنة بالتواكب مع تطوير الخطاب الديني حتى لا تستغل الجمعات الإرهابية الدين لتجنيد عناصر جديدة». واعتبر أن «الظرف الدقيق الذي تمر به المنطقة العربية يتطلب التكاتف لتحقيق تماسك مجتمعاتنا ووحدة شعوبنا وتحقيق التقدم المرجو والسعي إلى بلورة رؤية واضحة». وتمسك الرئيس اليمني باستضافة بلاده للقمة المقبلة. وقال في كلمته إن «الحل لما يجري في اليمن هو أن يلتزم الانقلابيون بالمرجعيات المتمثلة في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل وبقرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة وفي مقدمتها القرار 2216». وأكد دعم حكومته الكامل لجهود إنجاح مشاورات الكويت . وشدد على أن «الشعب سيستمر في مقاومة الميليشيات الانقلابية المتمردة والمدعومة من إيران حتى عودة الشرعية ومؤسسات الدولة المنهوبة». واعتبر الأمين العام للجامعة أحمد أبو الغيط أن «الجامعة تحتاج في شكل عاجل التجديد والتطوير والتمويل اللازم لذلك بما يجعلها قادرة على مواجهة عملها وتنفيد سياستها». ورأى أن «العمل على وقف التدهور في عدد من البلدان (العربية) لا يجب أن يترك لغيرنا، وبالتالي نحتاج إلى مراجعة معالجة ملفات وأزمات عربية بعدما جرى تقليص دور الجامعة في الاسهام في الإصلاحات والتوصيات المطلوبة».