أعلنت الشرطة الألمانية أمس، أن مطلق النار في المركز التجاري في ميونيخ مساء الجمعة الذي أوقع تسعة قتلى و35 جريحاً خطط لهجومه «منذ سنة». وقال روبرت هايمبرغر قائد شرطة بافاريا خلال مؤتمر صحافي، أن الشاب الألماني- الايراني الأصل البالغ من العمر 18 سنة، استدرج ضحاياه عبر «فايسبوك» ولم يخترهم في شكل محدد. وتعتبر الشرطة أن مطلق النار كان متأثراً بمذبحة فينندن (جنوب غربي) في آذار (مارس) 2009 حين قام شاب في السابعة عشرة من العمر بإطلاق النار داخل مدرسته السابقة وقتل 15 شخصاً قبل أن ينتحر. وتحاول الشرطة الألمانية كشف آخر النقاط الغامضة حول دوافع مطلق النار في ميونيخ، وهو شاب معجب بالمجازر الجماعية، وتفيد معلومات صحافية بأنه تعرض لمضايقات في المدرسة. وما زالت أسئلة عديدة بلا إجابات. فلماذا نفذ هجومه؟ وهل اختار ضحاياه عشوائياً أم ترَصَّدهم؟ وكيف حصل على السلاح والذخيرة؟ وثبت أن المهاجم شاب ألماني إيراني في الثامنة عشرة من العمر، يعاني من اضطرابات نفسية. وقد أعد لضربته واستدرج ضحاياه عبر موقع «فايسبوك» للتواصل الاجتماعي. وقتل الألماني الإيراني ديفيد علي سنبلي (18 سنة) رمياً بالرصاص تسعة أشخاص معظمهم من المراهقين وجرح 35 آخرين بينهم 11 إصاباتهم خطيرة، بحسب حصيلة جديدة نشرتها الشرطة. وتشمل حصيلة المصابين بجروح طفيفة الأشخاص الذين جرحوا بسقوطهم أرضا خلال فرارهم عند بدء إطلاق النار وسط الهلع الذي خيم على هذه المدينة الواقعة في جنوبألمانيا، ما أدى إلى فرض إجراءات أمنية مشددة غير مسبوقة فيها خوفاً من عمل إرهابي. وأفادت الشرطة في حصيلتها الأخيرة، بأن بين القتلى تركياً واثنين من الألمان الأتراك وألمانيين اثنين وهنغارياً وكوسوفياً ويونانياً وشخصاً بلا جنسية. وقالت السلطات إن المهاجم يدعى ديفيد علي سنبلي ومولود في ميونيخ لأبوين قدما إلى ألمانيا في نهاية تسعينات القرن الماضي ضمن طالبي اللجوء. وفتح الشاب النار مساء الجمعة على مجموعة أشخاص عند مغادرتهم مطعم «ماكدونالدز» ثم في مركز تجاري، وبعد ذلك أقدم على الانتحار فيما كانت الشرطة تتحرك لتوقيفه. استدرج الشاب الضحايا بعدما «قرصن» حساب فتاة على موقع «فايسبوك» للتواصل الاجتماعي لدعوتهم للتوجه إلى أحد مطاعم «ماكدونالدز». وذكرت وسائل الإعلام أن ديفيد علي سنبلي وضع رسالة على «فايسبوك» قال فيها: «أقدم لكم ما تريدون لكن بسعر غير باهظ». وقال وزير الداخلية الألماني توماس دي ميزيير، إنها «طريقة خبيثة»، موضحاً أن الشاب كان ضحية مضايقات. وتحدثت «بيلد» عن فرضية أن يكون هاجم شباناً أجانب لأنه لقي معاملة سيئة، وخصوصاً من أتراك في مدرسته. وقال أحد رفاق صفه لشبكة «آي تي في» التلفزيونية البريطانية، إنه كان يبقى وحيداً في غالب الأحيان ولا يلقى تقديراً في المدرسة. وأضاف طالباً عدم كشف هويته: «رأيته أمس، كان يبدو قلقاً وغريباً ولم ينظر إلي. عادة يلقي علي التحية». وذكرت «بيلد» أنه ظهر في تسجيل فيديو قال فيه: «بسببكم تعرضت لمضايقات لسبع سنوات». وبعد دقائق وجه شتائم للأتراك. وكان يرتاد مدرسة للتأهيل المهني في ميونيخ. ويفترض أن تحدد الشرطة كيف حصل على السلاح، وهو مسدس من طراز «غلوك-17» من عيار 9 ملم وصل إليه بطريقة غير مشروعة، إذ إن رقمه التسلسلي متضرر. وعثر في حقيبة الظهر العائدة له على حوالى 300 رصاصة، ما يعني أن حصيلة الضحايا كان يمكن أن تكون أكبر من ذلك. وفتح جدل في ألمانيا حول ضرورة تشديد القانون المتعلق بالأسلحة النارية. وقال وزير الداخلية الألمانية توماس دي ميزيير لصحيفة «بيلد»: «علينا أن ندرس بدقة ما إذا كان من الضروري إصدار قوانين، وأين؟». وكان الشاب يعيش مع والديه، ومهووساً بعمليات القتل الجماعية. وعثر المحققون في غرفته على وثائق حول النروجي أندرس بيرينغ بريفيك الذي قتل 77 شخصاً معظمهم من الشباب في 2011. وما يثير الشكوك هو أن سنبلي قام بعمله هذا بعد خمس سنوات تماماً على المجزرة التي وقعت في النروج. من جهة أخرى، ذكرت صحيفة «بيلد» أن السلاح الذي استخدم في ميونيخ هو ذاته الذي كان بحوزة بريفيك، وإن كان نوعاً منتشراً جداً من المسدسات. وكان الشاب من هواة ألعاب الفيديو العنيفة، وهو عامل قد يكون «لعب دوراً في هذه القضية، على حد قول وزير الداخلية، الذي انتقد بعنف «العدد غير المحتمل للألعاب التي تمجد العنف على الإنترنت والمضرة بتطور الشباب». وما زالت ألمانيا تحت تأثير الصدمة بعد هذا الهجوم الذي سبقه قبل أربعة أيام فقط هجوم بساطور قام به في قطار في بافاريا طالب لجوء في السابعة عشرة من عمره وتبناه تنظيم «داعش». وهذا الهجوم هو الثالث ضد مدنيين في أوروبا في أقل من عشرة أيام بعد اعتداء نيس (جنوبفرنسا) في 14 الشهر الجاري والذي أسفر عن سقوط 84 قتيلاً، والهجوم بساطور في فورتسبورغ.