وجّه الاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدة تحذيراً شديد اللهجة إلى تركيا، إذ حذرتها من عواقب «التمادي» في حملة تشنّها على عسكريين وشرطيين وقضاة وموظفين في السلك العام، بعد إحباطها محاولة الانقلاب. كما نبّهتا إلى أن إعادتها تطبيق عقوبة الإعدام ستعرقل انضمامها إلى الاتحاد. وإلغاء عقوبة الإعدام، وهو تدبير نفّذته تركيا عام 2004، قبل بدء عملية تفاوض رسمية لعضوية الاتحاد، شرط أساسي للمحادثات في هذا الصدد. وكان لافتاً أن يوهانس هان، المفوّض المسؤول عن توسيع الاتحاد، اعتبر أن الحكومة التركية أعدّت سلفاً قوائم اعتقالات قبل الانقلاب. وزاد: «يبدو الأمر على الأقل وكأن شيئاً كان مُعدّاً سلفاً. القوائم متاحة بما يشير إلى أنها أُعدّت للاستخدام في مرحلة معينة. أنا قلق جداً، هذا ما خشينا منه». وقال وزير الخارجية الأميركي جون كيري: «نقف تماماً في صفّ القيادة المُنتخبة في تركيا، لكننا نحضّ حكومتها بقوة على الحفاظ على الهدوء والاستقرار في البلاد». وأضاف خلال مؤتمر صحافي بعد اجتماع مع نظرائه الأوروبيين في بروكسيل: «كما نحضّ الحكومة التركية على التزام أعلى معايير الاحترام للمؤسسات الديموقراطية في البلاد وسيادة القانون. سنؤيّد تقديم مدبّري الانقلاب للعدالة، لكننا نحذر من عواقب التمادي في الأمر». وعلّق على طلب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من واشنطن تسليم أنقرة الداعية المعارض فتح الله غولن، إذ يتهمه بتدبير الانقلاب، قائلاً: «لدى الولاياتالمتحدة إجراءات رسمية للتعامل مع طلبات التسليم، وعلى تركيا أن ترسل أدلة، لا ادعاءات. نريد أدلة فعلية يمكن التحقق منها بموجب المعايير السائدة في دول العالم في ما يتعلق بنظام تسليم المطلوبين». وشددت وزيرة خارجية الاتحاد فيديريكا موغيريني على «ضرورة حماية حكم القانون» في تركيا، مضيفة: «لا مبرر لأي خطوة قد تأخذ البلاد بعيداً من ذلك». وأكدت «ضرورة حماية المؤسسات الديموقراطية والتشريعية، لما فيه مصلحة البلاد. وسنوجّه رسالة قوية في هذا الاتجاه. هذا لا يعني إغفال حكم القانون ونظام الفصل بين السلطات». وذكّرت بأن تركيا عضو في مجلس أوروبا، وإحدى الدول الموقّعة على الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان التي تمنع تطبيق عقوبة الإعدام في القارة، وزادت: «تركيا جزء مهم من مجلس أوروبا، وملزمة الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان التي تشمل (موقفاً) واضحاً من عقوبة الإعدام. لا يمكن أي بلد أن ينضمّ إلى الاتحاد الأوروبي، إذا كان يطبّق عقوبة الإعدام». ونبّه وزير الخارجية الفرنسي جان مارك إرولت إلى «وجوب تنبيه السلطات التركية إلى أهمية عدم تأسيس نظام سياسي يبتعد من الديموقراطية»، مذكّراً بأنها «حققّت كثيراً من التقدّم وطوّرت الكثير وطبّقت إصلاحات كثيرة في السنوات الماضية. وهذا الخطر سيعيد البلاد إلى وراء». وأضاف: «سيادة القانون يجب أن تكون العليا. نحتاج إلى السلطة، ولكن أيضاً الديموقراطية». أما وزير الخارجية البلجيكي ديدييه ريندرز، فأبدى قلقاً من اعتقال قضاة ومن اقتراح أردوغان إعدام مدبّري الانقلاب، معتبراً أن ذلك «سيسبّب مشكلة لعلاقة تركيا بالاتحاد». إلى ذلك، دان الناطق باسم الحكومة الألمانية شتيفن زايبرت «مشاهد مقززة من التعسف والانتقام ضد الجنود في الشوارع» بعد فشل الانقلاب، لافتاً إلى أن ذلك «يطرح أسئلة خطرة وشكوكاً، عندما يتمّ بعد محاولة الانقلاب عزل 2500 قاضٍ من مناصبهم». ونبّه إلى أن «تطبيق عقوبة الإعدام في تركيا سيكون بمثابة إعلان نهاية مفاوضات انضمامها إلى الاتحاد»، وزاد: «هذه العقوبة تندرج خارج قيم الاتحاد، وهناك تصريحات مقلقة من تركيا». وكان لافتاً دعوة رئيس الوزراء الفرنسي السابق ألان جوبيه إلى «وقف توسيع» الاتحاد ليضمّ تركيا ودول البلقان، معتبراً أن «لا مكان لتركيا في الاتحاد، وهي ليست مدعوة إلى أن تصبح يوماً عضواً كامل العضوية فيه». وأضاف جوبيه المرشح لتمثيل اليمين في انتخابات الرئاسة الفرنسية عام 2017، أن الاتحاد «أُصيب بضعف كبير والأخطار عالية جداً لضمّ بلد بحجم تركيا الآن».