تفاقمت أزمة «أحكام الإعدامات» في العراق، التي تجاوزت ثلاثة آلاف حكم، ما أجبر رئيس الوزراء حيدر العبادي أمس على تشكيل لجنة رفيعة المستوى لمعرفة أسباب التأخير في تنفيذ الأحكام بحق مدانين، بعضهم بجرائم إرهابية، فيما دعت منظمة «العفو الدولية» إلى وقف عمليات الإعدام مؤكدة أن أكثر من مئة حالة نُفذت في العراق السنة الحالية، وسط موجة انتقادات واسعة من ديبلوماسيين ومنظمات حقوقية تؤكد وجود ثغرات في النظام القضائي. وتزامنت هذه الأزمة مع «الفراغ الحكومي» بعد استقالة عدد من الوزراء أخيراً، وتعرض العبادي لضغوط كبيرة من الكتل السياسية للإسراع في تعيين وزراء جدد بدلاً من ثمانية وزراء قدموا استقالتهم الأسبوع الماضي. وأوضح بيان أصدرته الحكومة أمس أن رئيس الوزراء أمر بتشكيل لجنة من ممثلين عن الأمانة العامة لمجلس الوزراء ومجلس القضاء ورئاسة الجمهورية ووزارة العدل، تتولى حسم ملف المحكومين بالإعدام وتحديد المعوقات التي تؤخر تنفيذ الأحكام». وقال مصدر قضائي طلب عدم الكشف عن هويته ل «الحياة»، إن الادعاء العام «يُرجع التلكؤ في تنفيذ عدد من أحكام الإعدام إلى تكرار طلبات إعادة المحاكمة وتصحيح القرارات التمييزية استناداً إلى قانون أصول المحاكمات العراقي». وكانت وزارة العدل أعلنت تنفيذ الحكم بحق خمسة مدانين بعد تفجير الكرادة الذي أودى بحياة أكثر من 300 شخص، كما أنها ربطت عملية الإعدام بالتفجير في قضية توحي بأن الإعدامات كانت انتقاماً. وأكد بيان لوزارة العدل في وقت سابق أن المحاكم أصدرت نحو ثلاثة آلاف حكم بالإعدام لا تزال تنتظر التنفيذ، فيما قالت منظمات دولية إن «الكثير من الأحكام كانت غير عادلة، وانتزعت الاعترافات في بعضها تحت وطأة التعذيب». ووفقا للقانون الجنائي، ليس هناك حد أقصى لعدد المرات التي تُعاد فيها المحاكمات، ما جعل المحامين يستغلون ذلك ويطالبون بإعادة المحاكمة عشرات المرات عن المتهم ذاته، بغرض التأجيل وكسب الوقت. لذا يطالب الادّعاء العام بتعديل الفقرة الثالثة من المادة 21 لغرض حصر طلب إعادة المحاكمة في مرة واحدة. وصادق رئيس الجمهورية فؤاد معصوم الأسبوع الماضي على مجموعة جديدة من أحكام نهائية صادرة بإعدام مدانين بجرائم «إرهابية»، لكنه أكد في لقاء تلفزيوني أن غالبية الأحكام التي صادقت عليها رئاسة الجمهورية، والبالغ عددها أكثر من 500 حكم، ليست من قضايا الإرهاب، ما أثار الجدل بخصوص الإجراءات القانونية المتعلقة بقانون مكافحة الإرهاب وأصول المحاكمات الجنائية في البلاد. ونفت رئاسة الجمهورية اتهامات لوزارة العدل بأنها تعطّل المصادقة على الأحكام. وتصاعدت الدعوات لتنفيذ أحكام الإعدام بحق المدانين بأعمال «إرهابية»، بعد تفجير الكرادة وتوعد زعيم منظمة «بدر» هادي العامري ب «الانتقام من المجرمين في القريب العاجل» داعياً إلى الإسراع في تنفيذ أحكام الإعدام. إلى ذلك، طالب نواب بالإسراع في انتخاب وزراء جدد بدلاً عن ثمانية وزراء قدموا استقالتهم الأسبوع الماضي، وشددوا على أن تمسك الكتل بالمحاصصة ستصعّب مهمة رئيس الوزراء في تحقيق ذلك. وقال النائب عن «جبهة الإصلاح» فائق الشيخ علي ل «الحياة» إن «كتل المحاصصة لن تتنازل بسهولة عن وزاراتها ومنافعها، ولن يتجرأ رئيس الوزراء على كشف ملفات فساد المسؤولين». وفي الأنبار، عقدت عشائر المحافظة أمس مؤتمراً موسعاً في بغداد بحضور رئيس البرلمان سليم الجبوري ومحافظ الأنبار صهيب الراوي ومسؤولين محليين وقادة في الجيش ناقش التحديات التي تواجه المحافظة بعد التحرير. وخلص المؤتمر إلى توقيع وثيقة عهد لمرحلة ما بعد «داعش» تركز على المصالحة ومنع عمليات الانتقام العشائرية ومطالبة الحكومة بدعم مقاتلي العشائر بالسلاح ليتمكنوا من مسك الأرض.