تحدى آلاف العراقيين من أنصار رجل الدين مقتدى الصدر و «الحراك المدني» الحكومة، متجاهلين دعوتها إلى عدم التظاهر، وتدفقوا إلى ساحة التحرير في بغداد متخطين الحواجز والإجراءات الأمنية المكثفة، وظهر الصدر لفترة وجيزة وسط المحتجين الذين حملوا الأعلام الوطنية، ورددوا شعارات أطلقت عبر مكبرات الصوت، مطالبين بإلغاء المحاصصة الطائفية والقضاء على الفساد. وقال ناشطون إن الحكومة حاولت تحييد التظاهرات والحيلولة دون وصول المحتجين الى مرحلة الغضب وتكرار وصولهم إلى مقراتها في المنطقة الخضراء، مثلما حصل في نيسان (أبريل) الماضي عندما اقتحموا مجلس النواب وبعض الوزارات. وحاول عدد كبير من المتظاهرين الاقتراب من الصدر لكنه غادر المكان، وتولى أحد مساعديه قراءة مطالبه بدلاً منه. وجاء في المطالب: «إقالة جميع المفسدين في مفاصل الدولة، وأصحاب الدرجات الخاصة، وتقديم الفاسدين إلى محاكمة عادلة في أسرع وقت»، و «إلغاء مبدأ المحاصصة العرقية والحزبية في المناصب الحكومية ومؤسسات الدولة، وتشكيل حكومة تكنوقراط مستقلة». كما دعا القضاء الى «الابتعاد عن المحاصصة والضغوط السياسية والعمل بحيادية واستقلالية تامة». وتهدد صعوبة إجراء إصلاح سياسي مقبول، وتأمين الحد الأدنى من الخدمات العامة، و «إلغاء المحاصصة»، باندلاع صراع كبير بين الأحزاب والكتل السياسية المستفيدة من هذه المحاصصة، وبدأت بوادر هذا الصراع تظهر إلى العلن، فبعدما كان الصدر حليفاً أساسياً لرئيس الوزراء حيدر العبادي الذي تخلى عنه حزبه خلال الشهور الأولى لتسلمه المنصب، أصبح الآن خصمه. وعلى رغم تبني المتظاهرين الخيار السلمي في الاحتجاجات، فإن غالبية القوى الشيعية وفصائل «الحشد الشعبي» تخشى استخدامه القوة مستقبلاً عبر فصيل «سرايا السلام» التابع له والتي شاركت أمس في حراسة المحتجين. وقطع الاتصال أمس عبر شبكات الإنترنت طوال فترة التظاهرة التي استمرت ساعتين. وقال المسؤول في «الحراك المدني» محمد الدراجي في كلمة ألقاها في المحتجين: «تعبنا من الفساد... الفساد يقتلنا». وأضاف «هؤلاء الذين جاؤوا بعد 2003 (تاريخ الغزو الأميركي) فشلوا. هم لم يقدموا أي شيء»، في إشارة الى المسؤولين الذي تولوا الحكم بعد سقوط نظام الرئيس الراحل صدام حسين. ونظم التيار الصدري بتوجيه من زعيمه، تظاهرات عدة خلال الشهور الماضية للضغط على الحكومة والبرلمان، مطالباً بتشكيل حكومة تكنوقراط، لكنه واجه معارضة شديدة من الأحزاب التي تتمسك بمكاسبها. ووافق البرلمان في 26 نيسان (أبريل) على إقالة خمسة وزراء وتعيين خمسة بدلاً منهم، في إطار برنامج للإصلاح اقترحه العبادي، لكن المحكمة ألغت القرار بحجة أنه اتخذ «في ظل أجواء تتعارض مع حرية الرأي، منها وجود حرس في حرم البرلمان منعوا النواب من الدخول، فضلاً عن نقل الجلسة إلى مكان آخر من دون إعلان ذلك مسبقاً». وكانت «خلية الإعلام الحربي» أعلنت أول من أمس أن «التظاهرات غير مرخصة». ودعت إلى عدم المشاركة فيها، مؤكدة أن «قوات الأمن ستتعامل مع أي مظهر مسلح كتهديد إرهابي وفق القانون».