سارعت كارين (19 سنةً) الى تقديم طلب اشتراكها في مخيم شباب لبنان المغترب قبل شهرين من موعده. المشاركة في المخيم، تعني تعرفها الى مغتربين آخرين من أبناء بلدها، وبناء جسر تواصل معهم، والتعرف عن كثب الى تاريخ لبنان وأبرز معالمه، إضافة الى تمضية عطلة صيفية «مختلفة عن العطل السابقة التي نمضيها مع العائلة في لبنان». حزمت أمتعتها، وتفقدت الكاميرا التي ستوثق بها رحلتها، وحملت دفتراً لتدوين يوميات إجازتها في بلدها، ووافت المخيم الذي انطلق في منتصف شهر تموز (يوليو) في مدرسة «برمانا هاي سكول». أكثر ما يهمّ كارين، مشاهدة المعالم البيئيّة والثقافية في سائر المناطق اللبنانية، وهو هدف يحقّقه مخيم شباب لبنان المغترب، لكن ذلك البرنامج لا يرضي شباباً آخرين يطمحون لأن يكون المخيم فرصة للتثقيف، والحوار مع الآخر وتبادل الآراء والأفكار. اذ يرى طارق (22 سنةً) الذي شارك في مخيم الشبان المسيحيين أن المخيم الذي لا يتضمن «نشاطات ذات معنى، لا فائدة منه»، في إشارة الى النشاطات البيئية والانسانية التي تضاف الى البرامج الترفيهية. جميع تلك الأهداف، تجعل من المخيمات المنتشرة بوفرة في المناطق اللبنانية هذا الصيف فسحات للترفيه والتثقيف والتعارف. وتستقطب المخيمات الصيفية عادة الشباب الذين تتراوح اعمارهم بين 16 و 25 سنةً، وتتنوع بين مخيمات ترفيهية وتلك التي تقام بهدف معين كزرع الوعي البيئي في نفوس الشباب، والمشاركة في حملات التشجير، إضافة الى مخيمات الاتحادات الطلابية الهادفة الى تثقيف العناصر سياسياً واجتماعياً، وعقد لقاءات مع مسؤولين بارزين، على غرار سلسلة مخيمات اتحاد الشباب الديموقراطي التثقيفية التي تضمنت لقاءات سياسية واقتصادية وورش عمل تنظيمية متعلقة بالاتحاد. غير أن مخيم «شباب لبنان المغترب»، يذهب في اتجاه سياحي وترفيهي صرف، وهو يهدف، بحسب رئيس مصلحة العلاقات العامة للشؤون الاغترابية في المديرية العامة للمغتربين أحمد عاصي، «الى التلاقي الحضاري، والاندماج بين المشاركين الذين أتوا من ثقافات مختلفة ومعيشة مختلفة لا تربط بينهم سوى هويتهم اللبنانية الاصلية، وتعريف هؤلاء الى وطنهم الأم، والتعرف الى بعضهم والتواصل في المستقبل». ويمكن القول إن أهداف المخيم تحققت منذ الأيام الأولى لانطلاقته، حيث يلفت الزائر شكل التواصل بين المشاركين، ودعوة بعضهم بعضاً الى المشاركة في رقص الدبكة، وتعليمها لمن يعجز عن رقصها. «سررت بالتعرف الى ألين وتبادلنا العناوين الالكترونية»، يقول جاد مشيراً الى أن «الدبكة اللبنانية تقرّب المسافات بين المشاركين الذين يجمعهم حب لبنان ومعالمه». وتنسحب هذه الرؤية على ساندرا ومريم اللتين التقتا في المخيم، ووعدتا بأن تبقيا على تواصل بعد انتهائه. أما جو فاستغل فرصة وجوده في بعلبك لتدوين تحية موجهة الى مايا على «كارت بوستال» يحمل صورة القلعة «كي يبقى تعارفنا هنا تذكاراً جميلاً». ويكرس ذلك الانطباع رؤية المشرفين على المخيم، اذ يعتبر عاصي أن «دور هذا المخيم يكمن في صهر هؤلاء الشباب في بوتقة واحدة تقربهم من بعضهم بعضاً، وتشدد أواصر القربى الوطنية بينهم، ما يعطي ثقة لشباب لبنان المغترب بأنهم شعب ينتمي الى وطن وليسوا مجرد جماعات منتشرة في بلاد الله الواسعة». النشاطات الترفيهية، والسهرات الفنية، هي بمثابة «عسل المخيم»، سواء كان ترفيهياً أم تثقيفياً، ذلك ان «الشباب يحتاجون الى وقت مسلٍّ يخترق برامج المخيم»، وهو ما تعتمده جمعية الشبان المسيحية في مختلف المخيمات التوعويّة التي تنظمها. وتشدد مديرة البرامج في الجمعية ماريا عاصي على أن المخيمات تتيح فرصة المشاركة في بناء المستوى الحضاري في المجتمع، لافتة الى أن المخيمات البيئية والحرفية والتثقيفية التي يشارك فيها نحو ألفي شاب سنوياً، «تعمل على توعية الشباب وإرشادهم الى أسس احترام حقوق الانسان، وتمكينهم من الانخراط في المجتمع ليكونوا جزءاً من الحياة الاجتماعية». إضافة الى ذلك، تعمل برامج المخيمات على «تعزيز ثقافة المواطنة لدى الشباب، من خلال برامج متخصصّة تراعي ميول الشاب للتعلم والتثقف والترفيه».