كُشف في الخرطوم، أمس، أن الرئيس السوداني عمر البشير الذي أثارت زيارته لتشاد عاصفة انتقادات كونها تتم إلى بلد عضو في المحكمة الجنائية الدولية التي تطالب باعتقاله، والتي كررت أن توقيفه ليس سوى «مسألة وقت» فقط، لبّى دعوة عشاء أقامها الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي خلال مشاركتهما في قمة افريقية في نجامينا. وأشارت مصادر ديبلوماسية إلى أن الرئيسين تناولا على هامش العشاء مسائل مرتبطة بالعلاقات بين البلدين وتطورات قضية دارفور. وجاء لقاء القذافي والبشير في نجامينا التي طالبها الاتحاد الاوروبي باعتقال الرئيس السوداني، على خلفية أزمة صامتة بين الخرطوم وطرابلس بسبب انتقال زعيم «حركة العدل والمساواة» خليل إبراهيم إلى ليبيا على رغم اعتراض السودان الذي قابل الخطوة الليبية بإغلاق الحدود بين البلدين من الجانب السوادني وشدد إجراءات المرور عبر نقاط الحدود ونشر قوات أكبر من الشرطة هناك. ووصل البشير إلى العاصمة التشادية مساء الأربعاء على رأس وفد سوداني للمشاركة في قمة دول تجمع الساحل والصحراء في دورتها الثانية عشرة التي تستمر يومين. وأكد البشير في مطار العاصمة التشادية أن «وجودي في نجامينا يؤكد تصميمنا على طي صفحة الخلافات بين بلدينا»، في حين قال نظيره التشادي إدريس دبي: «لقد طوينا سوية مع أخي البشير الصفحة القاتمة في تاريخنا». وتُعد زيارة البشير الأولى إلى بلد يعترف بالمحكمة الجنائية الدولية منذ صدور مذكرة التوقيف الأولى بحقه في 2009 (تهم جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية) والتي تلتها مذكرة ثانية قبل أيام بتهمة التورط في جرائم إبادة جماعية. وتأتي هذه الزيارة لنجامينا بعدما حصل البشير على تطمينات من الرئيس دبي الذي أعلنت بلاده التزامها بقرار الاتحاد الأفريقي عدم التعاون مع المحكمة الجنائية في شأن مذكرة توقيف الرئيس السوداني. وفي بروكسل (ا ف ب)، حضت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي كاثرين اشتون تشاد على الوفاء بواجباتها القانونية وتوقيف الرئيس السوداني. وجاء في بيان للناطقة باسم اشتون ان الاخيرة «قلقة من زيارة الرئيس عمر البشير الى تشاد». وذكرت «بالاهمية بالنسبة لكل الدول الاعضاء في الاممالمتحدة بتطبيق قرارات مجلس» و»حضت تشاد على احترام واجباتها في اطار القانون الدولي» وتدعوها «الى توقيف المتهمين من قبل المحكمة الجنائية الدولية واحالتهم امامها». واضاف البيان «ان الاتحاد الاوروبي يدعم بقوة المحكمة الجنائية الدولية والمعركة ضد الافلات من العقاب». وأعلن مدعي المحكمة الجنائية لويس مورينو أوكامبو أن محاكمة الرئيس السوداني «مسألة وقت فقط، وسيتوجه عاجلاً أم آجلاً إلى لاهاي ليواجه العدالة». وأضاف ل «فرانس برس»: «ليس هناك انتصار عندما يتعلق الأمر بإبادة»، مشيراً الى وجود «2,5 مليون ضحية في دارفور». وأوضح أن «على الرئيس البشير ألا يتباهى. إنه مشبوه فار». وفي الإطار ذاته، طالب ائتلاف يضم ست هيئات محلية تدافع عن حقوق الانسان في تشاد «السلطات التشادية باعتقال (الرئيس السوداني) ووضعه في تصرف المحكمة الجنائية الدولية». في غضون ذلك، كثّفت الحكومة السودانية من مشاوراتها مع أحزاب المعارضة في شأن عملية إستفتاء حق تقرير المصير لجنوب البلاد، وأجرى نائب الرئيس علي عثمان طه أمس محادثات مع زعيم الحزب الشيوعي محمد ابراهيم نقد، بعدما كان الرئيس البشير عقد لقاءات منفصلة في الموضوع ذاته مع زعيم الحزب الاتحادي الديموقراطي (جناح «الأصل») محمد عثمان الميرغني ورئيس الوزراء السابق زعيم حزب الأمة الصادق المهدي. ومن المقرر أن يعقد السبت إجتماع يحضره قادة الأحزاب السياسية المعارضة، إلى جانب الرئيس البشير ونائبيه علي عثمان طه وسلفاكير ميارديت، لمناقشة قضية وحدة السودان والتحضيرات لعملية الاستفتاء على حق تقرير المصير لجنوب البلاد في كانون الثاني (يناير) العام المقبل.