لعنة الحرب على العراق تلاحق رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير. وما زالت نتائج التحقيق في دوره بتلك الحرب تشغل الوسط السياسي في لندن. ويتوقع أن يناقش البرلمان هذا الأسبوع اقتراحاً لمقاطعته وحذف اسمه من سجل رؤساء الوزراء السابقين، فيما كشفت الصحف مذكرة سرية أرسلت إليه قبل ثمانية شهور من الغزو تؤكد لاشرعيته «بعدما تم احتواء (الرئيس السابق) صدام حسين، وليس من مبرر لشن هجوم استباقي عليه الآن أو في المستقبل المنظور»، لكنه تجاهلها، مفضلاً أن يكون «صاحب حظوة لدى الأميركيين». إلى ذلك، نقلت صحيفة «صانداي ميرور» عن جون بريسكوت، نائب بلير عندما كان رئيساً للوزراء، قوله إن الحرب على العراق «غلطة كارثية»، مؤكداً أنها «لم تكن شرعية»، وأن القرار «الكارثي بالمشاركة فيها» وتداعياته ستلازمه بقية حياته، فيما ساد الصمت الطبقة السياسية العراقية ولم يدل أي مسؤول بتعليق على التقرير البريطاني. وأفادت «صنداي تايمز» أمس، بأن بيتر واتكنز، السكرتير الخاص لوزير الدفاع جيف هون، أرسل إليه مذكرة جاء فيها أن الحرب «غير شرعية، بعدما تم احتواء صدام حسين وليس من مبرر لها لا الآن ولا في المستقبل المنظور»، مؤكداً أن «المستفيد الوحيد من الغزو سيكون تنظيم القاعدة والمنظمات الإرهابية الأخرى»، ومن الواضح أن المذكرة كانت تمثل خلاصة وجهات نظر المساعدين الأساسيين لهون، وتنص على أن المشاركة الفعلية في الحرب «أي إرسال قوات برية، ستتيح لنا التأثير في خطط الولاياتالمتحدة وستؤمن لنا موقعاً وسمعة جيدة في واشنطن، لكن غزو العراق الآن أو في المستقبل غير قانوني». وحذرت من أن هناك «شكاً كبيراً في تبرير الهجوم الاستباقي لأن صدام لا يشكل تهديداً مباشراً لنا». وليس معروفاً إذا كان بلير قد اطلع على المذكرة، ولكنها واحدة من تحذيرات كثيرة مشابهة سبقت غزو العراق. إلى ذلك، يستعد النائب الإسكتلندي أليكس سالمون لتقديم اقتراح إلى مجلس العموم (البرلمان) يدعو النواب إلى إقامة رقابة على بلير لأنه ضلل البرلمان، ويؤدي تبني الاقتراح إلى منعه من تولي أي منصب رسمي. وجاء الاقتراح بعدما تبين أن بلير يعمل مستشاراً مدفوع الأجر لمشروع خط جديد لأنابيب النفط والغاز في شمال العراق. وهناك عشرون نائباً من مختلف الأحزاب، بينهم نواب من المحافظين أيدوا الحرب، سيطلبون من رئيس البرلمان جون بيركو طرح الاقتراح على التصويت، ما يدعم مطالبة أهل الجنود الذين قتلوا في العراق بالادعاء على بلير ومطالبته بدفع كل قرش حصل عليه منذ مغادرته رئاسة الوزراء. وتأكد الأسبوع الماضي أن أحد أدوار بلير المدفوعة الأجر هو الترويج لكونسورتيوم رأس ماله 35 بليون جنيه إسترليني، يعمل على مد أنابيب نفط من إيطاليا إلى أذربيجان فالشرق الأوسط بما في ذلك شمال العراق. من جهة أخرى، قال بريسكوت، ويشغل حالياً مقعداً في مجلس اللوردات: «ببالغ الحزن والغضب، أعتقد اليوم أن الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي أنان كان محقاً عندما قال إن هدف الحرب على العراق كان تغيير النظام وأن الحرب غير مشروعة». وأضاف أن «تداعيات الحرب الكارثية ستلازمني بقية أيام حياتي». وأتى هذا الاعتراف بعدما وجه رئيس لجنة التحقيق في الحرب جون شيلكوت انتقادات قاسية إلى بلير، معتبراً أن اجتياح العراق عام 2003 حدث قبل «استنفاد كل الحلول السلمية، وأن خطط لندن لما بعدها لم تكن مناسبة».