تفتتح في العاصمة البولندية اليوم، القمة الأولى لحلف شمال الأطلسي (ناتو) في وارسو التي أعطت إبان «الحرب الباردة» اسمها للحلف الذي ناصب «الأطلسي» العداء لعقود. ولفتت تلك المفارقة الكثير من المحللين السياسيين الذين توقفوا عند مغزى ان تغدو وارسو يوماً رأس حربة لجحافل «الأعداء» الذين يحيطون بروسيا من كل صوب وأن تتحول القمة الأولى للحلف الأطلسي في العاصمة البولندية الى نقطة تحول رئيسة في سياساته، و «قمة المجابهة» مع روسيا كما هو متوقع على نطاق واسع. وفي موقف يعزز التكهنات الروسية بأن ينتهز «الأطلسي» القمة لتفعيل سياسة «الردع» و «الاحتواء» ضد الكرملين، حمّلت المستشارة الالمانية انغيلا مركل روسيا، مسؤولية دفع الحلف نحو التشدد. وقالت مركل أمام البرلمان الألماني ان «تصرف روسيا في الأزمة الأوكرانية أشاع قلقاً عميقاً لدى جيراننا الشرقيين» الذين باتوا في حاجة إلى تطمينات واضحة من جانب الحلف». في الوقت ذاته، توقف وزير الخارجية الأميركي جون كيري في كييف لتنسيق الموقف مع الرئيس الأوكراني بترو بوروشنكو حول الوضع في شرق البلاد حيث تدعم موسكو انفصالاً مسلحاً، أثار مخاوف الجمهوريات المجاورة. وعلى رغم أن الحلف الأطلسي سبق أن عقد في بوخارست العام 2008، أول قمة له في عاصمة بلد «شرقي» سابق، فإن قمة اليوم ستتميز بغياب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي خاطب نظراءه الأطلسيين في العاصمة الرومانية آنذاك، عن التعاون، لكنه يُتوقع ان يكون هذه المرة «داخل قفص الاتهام» غيابياً، وأن يركز النقاشات بين قادة الغرب، على «تشديد الطوق حول روسيا» وتعزيز قدرات الحلف قرب حدودها، ومحاولة ردع قدراتها وطموحاتها في أوروبا والعالم. وحذر خبراء روس من انعكاسات استراتيجية ستنجم عن «قرارات مصيرية» يتوقع ان يتخذها القادة «الأطلسيون» حتى بلغ الأمر بأحد المعلقين في وكالة روسية رسمية الى اعتبار أن قمة وارسو ستكون «كبسة زر لإطلاق حرب عالمية ثالثة». وقطعت بولندا خطوات في تحالفها مع الغرب منذ انهيار الستار الحديد، اذ باتت اليوم تستضيف الصواريخ الأميركية الموجهة ضد روسيا، كما يؤكد الكرملين، وهي أعلنت استعدادها لاستضافة أضخم تواجد عسكري غربي في أوروبا، كما رجح وزير الدفاع البولندي أنتوني ماتشريفيتش عندما تحدث عن خطط لنشر آلاف العسكريين من الجيش الأميركي وقوات «الناتو» في بلاده مباشرة بعد القمة، موضحاً أن «الحديث يدور عن قوات تنشر على «الجناح الشرقي» من الحدود الأوروبية، وهدفها مواجهة أي اعتداء محتمل». وأكد ماتشريفيتش أن قيادة اللواء الإضافي الأميركي والقوة «الأطلسية» برمتها في الجناح الشرقي، ستتخذ من بولندا مقراً لها. وكان ينس ستولتنبرغ الأمين العام ل «الناتو» قال إن الحلف سيقر خلال قمته في وارسو خطة دفاعية تعد الأكبر منذ انتهاء الحرب الباردة، وتوقع أن يعلن خلال القمة عن «وضع منظومة الدفاع المضاد للصواريخ في حال الاستعداد القتالي الأولي». وعلى رغم أن موسكو استبقت القمة بإشارة الى استعدادها لاستئناف الحوار مع الحلف الغربي، وتم التوافق على اجتماع سيكون الأول للطرفين منذ اندلاع أزمة اوكرانيا في 13 الشهر الجاري، فإن الكرملين نبه في الوقت ذاته، من أن أي تصرف عداوني من جانب الحلف مثل إقرار خطط للتوسع شرقاً بضم أوكرانيا او جورجيا، سيقابل بخطوات متكافئة وسريعة من جانب موسكو. وحذر الناطق باسم الكرملين من أن «تؤدي مواصلة سياسة توسع حلف الناتو إلى نسف أسس الأمن في أوروبا، وزعزعة الاستقرار في القارة، إضافة إلى الإضرار بالمصالح القومية للدول الأعضاء في الحلف».