لن تخسر لندن دورها كمركز للمعاملات الخارجية (أوفشور) لليوان، لتنجو من تداعيات التصويت على الخروج من الاتحاد الأوروبي (بريكزيت)، الذي يمكن أن يساهم في المقابل في تعزيز إضفاء الطابع الدولي على العملة الصينية، من خلال التشجيع على إنشاء عدد من المراكز لمعاملاتها في الاتحاد. وأثار مراقبون في السوق ووسائل الإعلام الصينية بعد الاستفتاء، مخاوف من انحسار دور لندن الريادي باعتبارها مركزاً للمعاملات الخارجية لليوان، بما قد يعرقل جهود بكين الرامية إلى إضفاء الطابع الدولي على عملتها. لكن مع بدء استقرار الأوضاع، يرى مصرفيون ومحللون أن «حالة التشاؤم كان مبالغاً فيها، لكن ذلك لا يعني عدم حصول تأثير، إلا أن تلك الخطوة قد تشجع الصين على تعزيز تداول اليوان في مدن البر الرئيس الأوروبي، ومن ثم توسيع النطاق العالمي لتداول العملة. وقال رئيس النشاطات المصرفية العالمية والأسواق في «بنك هانغ سنغ» أندرو فونغ، «لا نسبتعد احتفاظ لندن بمنزلتها كأكبر مركز للصرف الأجنبي في العالم، وإن كان بعض الخدمات المالية الأخرى في المدينة معرضاً لخطر الانتقال إلى دول أخرى». واعتبر أن «تداول العملات الأجنبية يمثل حالياً أهم جزء في عملية إضفاء الطابع الدولي على اليوان». ويأتي خروج بريطانيا في وقت صعب، تسعى فيه الصين إلى تعزيز الاستخدام العالمي لليوان قبل إدراجه في سلة حقوق السحب الخاصة في صندوق النقد الدولي في تشرين الأول (أكتوبر)، فيما تحاول أيضاً الحد من نزوح رؤوس الأموال. ولعبت لندن دوراً مهماً في إضفاء الطابع الدولي على اليوان المعروف أيضاً باسم الرينمنبي، وكانت العاصمة البريطانية ثاني أكبر مركز لتسوية المعاملات الخارجية باليوان في العالم في آذار (مارس) الماضي، وفقاً لما أوردت «جمعية الاتصالات المالية العالمية بين البنوك» (سويفت). وعلى مدى السنوات الخمس الأخيرة، أسست البنوك الصينية الكبيرة بنية تحتية لتداول اليوان وتسوية معاملاته في لندن. كما شهدت العاصمة البريطانية في حزيران (يونيو)، إدراج السندات السيادية الصينية الأولى باليوان التي تصدر خارج الصين. وأُدرج خلال هذه السنة وحدها، «أكثر من 50 سنداً مقوماً باليوان في لندن، وهو يزيد على أي مركز مالي آخر خارج الصين العظمى»، استناداً إلى «مجموعة بورصة لندن». وأوضح الشريك في «هوغان لوفيلز» في شنغهاي أندرو ماكغينتي، أن «أحد بواعث القلق يتمثل في احتمال فقدان بريطانيا حقوق جوازات السفر المهمة الخاصة بالخدمات المالية، التي تسمح للشركات المرخصة في بريطانيا بتوزيع منتجاتها وخدماتها المالية في الاتحاد الأوروبي». وقال «إذا فقدت المؤسسات المالية في بريطانيا حقوق جوازات السفر المتعلقة بالاتحاد الأوروبي، وبات بيع المنتجات المقومة بالرينمنبي عبر الحدود في الاتحاد غير ممكن من دون الحصول على موافقات جديدة، فهل سيؤثر ذلك على استعداد الصين للاستمرار في اتخاذ لندن مركزاً مالياً عالمياً رائداً للمعاملات الخارجية للرينمنبي»؟ واستبعد رجال أعمال كثر، أن «تفقد بريطانيا هذه الحقوق». وأعلن رئيس قسم الأسهم في «مجموعة بورصة لندن» بريان شويغر في تصريح إلى وكالة «رويترز» الأسبوع الماضي، أن قاعدة المستثمرين الدوليين في بريطانيا التي تجعل لندن مركزاً جاذباً للمعاملات الخارجية الصينية، «ستضطلع بدور محوري في المفاوضات بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي». وأكد أن «العلاقة الوثيقة بين لندنوالصين، هي أحد الشواهد الرئيسة التي توضح سبب الأهمية الشديدة للعمل كمركز مالي بالنسبة إلى اقتصاد بريطانيا والاتحاد الأوروبي». ورجح محللون أن «يدفع خروج بريطانيابكين إلى التحوط في مراهناتها، ويشجعها على إنشاء مزيد من المراكز للمعاملات الخارجية لليوان في الاتحاد الأوروبي». ولفت نائب رئيس الخزانة في فرع «بنك تشاينا ايفربرايت» في هونغ كونغ نجان كيم مان، إلى أن «فرانكفورت وباريس وزوريخ تعتبر مدناً ناشطة جداً في المعاملات الخارجية لليوان».