أقر النواب الفرنسيون قانوناً يحظر ارتداء النقاب في الأماكن العامة. وهذا خبر تقشعر له الأبدان. ويأمل المرء في أن ينقض المجلس الدستوري أو محكمة حقوق الانسان الأوروبية القرار هذا. والمحكمة العليا الفرنسية نبّهت الى أن حظر النقاب يخالف الدستور. وتناول مسألة النقاب يوجه سهام النقد الى قلة من النساء اخترن ارتداء هذا الصنف من اللباس، ويشهّر بهن. وتقدر الحكومة الفرنسية عدد المنقبات بنحو 2000، من 5 ملايين مسلم. والرد السياسي على المسألة في غير محله. فالنقاب والبرقع هما تفسير حدّي لمبدأ الحشمة الذي يدعو الاسلام المسلمات الى التزامه. وعدد قليل من علماء الاسلام يوصي بارتداء النقاب. وهو طارئ على عدد من المجتمعات الاسلامية، على نحو ما هو غريب عن الغرب. واليوم، يتزايد عدد الشابات اللواتي يخترن ارتداء النقاب وسيلة لاشهار هويتهن واثباتها. والتوسل بسلطة الدولة لتحديد معايير اللباس في الأمكنة العامة ينتهك حرية المواطنين الخاصة في اختيار ازيائهم. وفي دوائر العلانية الغربية، القيد الوحيد على الافراد هو ارتداء ملابس، مهما كان نوعها. فالنساء اللواتي يرتدين التنورة القصيرة يجلسن في الباص في جوار أخريات يرتدين الساري الهندي أو لباساً مدينياً أو لباس ال «سلوار كاميز» (زي هندي). ولا تقام صلة بين الدلالات الثقافية التي تعلنها هذه الأزياء وبين الدولة. ولا تتستر المناقشة الفرنسية للحجاب على عنصريتها. وما يريده الفرنسيون هو الحفاظ على هوية بلدهم، بذريعة حماية «أسلوب حياتهم». وهم يخيروننا أمرين: إما مع رأيهم أو ضده، أو التخلي والمغادرة. والنائب المحافظ، فيليب هولوبون، سوغ مشروع قانون يحظر الحجاب بالقول ان اسلوب الحياة البريطاني يقوم على «المشي في الشارع، والابتسام للناس والقاء السلام عليهم». فكم من الشوارع البريطانية يصح فيها هذا الوصف المثالي؟ وهذا قرينة على عبث سياسات ترمي الى التشريع قياساً على ماض يزوق وينصب معياراً. والمفارقة هي أن الحظر هو مرآة هاجس الهوية والوجه في زمن يقضي أهله معظم الوقت وهم يتحادثون «اونلاين» من غير السفور عن اسم ولا تعريف. ويتحاشى معظم الناس الذين يتنقلون في دائرة الحياة العامة النظر بعضهم الى بعض. ولا يدعو هذا الذين يحضون على حظر النقاب الى الكف عن التذرع بدور الكشف عن الوجه في التخاطب والتواصل. * صحافية، عن «غارديان» البريطانية، 20/7/2010، إعداد منال نحاس ووضاح شرارة.