قال الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، إن استرجاع السلطات ممتلكات تركها فرنسيون غادروا البلاد بعد الاستقلال عام 1962 كان «أمراً مشروعاً»، في خطوة اعتُبرت بمثابة تراجعٍ عن تعهدات سابقة بفتح ملف «الأقدام السوداء» وهم فرنسيون ولِدوا في الجزائر وغادروها بعد الاستقلال، كما تُعد الخطوة تأكيداً على نزعة «الصدام» الذي باتت تعتمده الجزائر في علاقاتها مع فرنسا. وقال بوتفليقة في رسالة إلى الجزائريين في مناسبة الذكرى ال 54 لاستقلال البلاد (في 5 تموز - يوليو )، نشرتها وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية، إن «الجزائر اتخذت إجراءات مشروعة، لاسترجاع هذه الممتلكات الفردية والجماعية ضمن ملكية الدولة». وأضاف أن استرجاع السلطات تلك الممتلكات كان «أمراً مشروعاً»، وذلك في أول رد منه على مطالبات باستعادتها أو التعويض عنها. وأدرجت الجزائر ملف «أملاك المعمرين» في المحادثات الرسمية بين البلدين في السنوات الأخيرة فقط، ما شكل صدمة لدى منظمات ثورية ووطنية، على أساس أن معمّرين سابقين كثراً، من الذين يُعرفون ب «الأقدام السوداء» شرعوا برفع دعاوى قضائية محلياً لاسترجاع عقارات تركوها بعد الاستقلال. و»الأقدام السوداء»، هم آلاف الفرنسيين الذين غادروا الجزائر، بعد استفتاء تقرير المصير الذي جرى في 3 تموز 1962، والذي استعادت الجزائر بموجبه سيادتها بعد حرب ضروس مع المستعمر الفرنسي دامت 7 سنوات، دفعت فيها الجزائر مليون ونصف المليون قتيل، كما يعرف أن «الأقدام السوداء» هم المدنيون الفرنسيون الذين استوطنوا الجزائر خلال فترة الاستعمار (1830-1962). وتابع بوتفليقة: «وهذا إجراء جاء في سياق ما فعله المستعمر الغاشم (فرنسا)، في أربعينات القرن الماضي بممتلكات أبناء بلادنا» في إشارة منه إلى عمليات نهب من الاستعمار الفرنسي لأملاك الجزائريين في تلك الفترة. وتطالب جمعيات تدافع عن «الأقدام السوداء» منذ سنوات، السلطات الفرنسية بطلب تعويض من نظيرتها الجزائرية عن ممتلكات تركوها في الجزائر بعد مغادرتها. كما رفعت قضايا لدى محاكم فرنسية من أجل ذلك. وبات واضحاً أن هذا ملف بدأ يأخذ طريقه في اتجاه أكثر تعقيداً بسبب الخلافات السياسية المتنامية بين الجزائر وباريس، بعد سنوات من خيار «طي الملفات العالقة» على الصعيد الرسمي في محادثات بين الدولتين. وقامت فرنسا بخطوات شعرت الجزائر بامتنان حيالها. ففي 20 كانون الأول (ديسمبر) 2012 خلال أول زيارة دولة له، أقرّ الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند أمام البرلمان الجزائري ب «المعاناة التي سببها الاستعمار الفرنسي». وتتردد مسألة التعبير عن الندم عن الماضي الاستعماري في شكل مستمر في بعض الأوساط السياسية والصحف كلما جرى تناول العلاقات بين الجزائروفرنسا. لكن السنين الأخيرة شهدت محدودية في تناول المسؤولين الفرنسيين الماضي الاستعماري. وترحم بوتفليقة أمس، في مربع الشهداء في مقبرة العالية على أرواح شهداء الثورة بمناسبة الذكرى ال 54 للاستقلال، وذلك في أول ظهور علني له منذ سنة. وشهدت الذكرى نشاطات عسكرية وترقية 11 عميداً إلى رتبة لواء، وترقية 39 عقيداً إلى رتبة عميد (جنرال).