وصفت مصادر رسمية في الرباط تعرّض خمسة شبان مغاربة إلى أعمال عنف على يد قوات الحرس المدني الإسباني في مدينة مليلية المحتلة أول من أمس بأنه «سابقة خطيرة» تعكس «الاستهتار باحترام أوضاع حقوق الإنسان» والمغالاة في «نزعة عنصرية استفزازية». وقال أولئك الشبان الذين كانوا يستقلون سيارة أثناء عبور بوابة بني انصار الحدودية، إنهم تعرّضوا لاستفزازات وإهانات وصلت إلى حد الضرب بالهراوات والتنكيل بهم، لمجرد أن أحدهم رفض نزع علم مغربي صغير الحجم كان يضعه في السيارة. وقال أولئك الشبان في تصريحات بعد نقلهم إلى مستشفى في الناضور لتلقي العلاج إنهم أهينوا في كرامتهم ومشاعرهم، وإنه لا يوجد أي قانون أو عرف يحظر على الرعايا حمل أعلام بلادهم، مؤكدين أن الاحتفاظ بالعلم لم يكن بهدف التظاهر، وإنما مجرد تذكار، كونهم مهاجرين يقيمون في بلجيكا وجاؤوا إلى المغرب لقضاء العطلة. واحتجت الحكومة المغربية بشدة على هذا التصرف الذي وصفه بيان الخارجية المغربية بأنه «يتنافى وكافة القواعد الأخلاقية والأعراف الدولية»، مشيرة الى رفض السلوك الذي أقدم عليه أفراد من الشرطة الإسبانية ضد رعايا مغاربة «من حقهم أن يحملوا معهم علم بلادهم الى أي مكان يتجهون إليه». ودانت الرباط في رد فعل صريح تصرفات القوات الإسبانية، ما يؤشر الى احتدام أزمة جديدة في سماء العلاقات المغربية - الإسبانية. ونُقل عن أولئك الشبان الذين أقرت سلطات مليلية المحتلة إبعادهم بالقوة عن الحدود، في سابقة خطيرة، إنهم سيلجأون إلى مقاضاة مسؤولي الشرطة الإسبانية بعد حيازتهم شهادات طبية تؤكد تعرضهم إلى جروح بليغة وأضرار جسدية ونفسية. وصرح أحد الأطباء في مستشفى الناضور بأن الشبان الخمسة يخضعون لعلاج نفسي جراء تأثير الحادث على أوضاعهم. وتشير وقائع الى أن المعابر الحدودية بين مليلية والناضور عرفت المزيد من التوتر في الآونة الأخيرة، فقد نظم نشطاء مغاربة تظاهرة حاشدة احتجاجاً على زيارة رئيس الحزب الشعبي الإسباني ماريانو رخوي للمدينة الشهر الماضي. كما سبق للمغرب أن سحب سفيره من مدريد احتجاجاً على زيارة سابقة للعاهل الإسباني خوان كارلوس لمدينتي سبتة ومليلية قبل سنوات. وكانت السلطات المحلية في الإقليمين المحتلين تعول على إلغاء نظام التأشيرة على الرعايا المغاربة، بخاصة المقيمين في المناطق الشمالية المحاذية للمدينتين، للتغلب على مضاعفات الأزمة الاقتصادية والمالية، إلا أن هذه التطورات قد ترجئ تنفيذ القرار، على رغم أن اقتصاديات المدينتين تعيش على التهريب الذي يشمل المنتجات الاستهلاكية والمواد الالكترونية والبضائع المعفاة من الضرائب. واحتلت الأوضاع في المدينتين المحتلتين على الساحل المتوسطي سبتة ومليلية صدارة الخلافات بين البلدين الجارين، بخاصة منذ الدعوة التي أطلقها رئيس الوزراء المغربي عباس الفاسي أمام مجلس النواب لحض إسبانيا على الدخول في مفاوضات مباشرة مع بلاده للبحث في مستقبل المدينتين. فيما انبرى المستشار يحيى يحيى العضو في مجلس المستشارين إلى تسجيل المدينتين في وثائق رسمية باعتبارهما محتلتان، ما أدى الى ردود فعل متشددة من طرف السلطات الإسبانية. وفي بعض التفاصيل أن سفارة إسبانيا في الرباط رفضت تسلم وثيقة رسمية من الخارجية المغربية تصف المدينتين بأنهما محتلتان، بيد أن نشطاء في المجتمع المدني شنوا حملة ضد استمرار احتلال الإقليمين. وأضافوا إلى كل علامات الطريق المؤدية الى المدينتين شعارات تركز على أنهما محتلتان، ما تسبب في استياء إسبانيا، وبخاصة الأحزاب اليمينية المتعددة، التي لا تترك مناسبة من دون تأكيد انتساب المدينتين الى الفضاء الإسباني والأوروبي. لكن أكثر ما تخشاه السلطات المغربية أن تنسحب بعض الممارسات الخارجة عن السيطرة على أوضاع المهاجرين المغاربة الذين يعدون بمئات الآلاف ممن يسلكون عادة الأراضي الإسبانية لدى عودتهم من أوروبا إلى المغرب في موسم العطلة الصيفية. على صعيد آخر (أ ف ب)، أيّدت محكمة الاستئناف في مدينة سلا (المجاورة للرباط) ليل الجمعة - السبت حكم السجن المؤبد الصادر بحق البلجيكي من أصل مغربي عبدالقادر بلعيرج بتهمة «الإرهاب». وبلعيرج متهم بتزعم خلية اسلامية متشددة وبارتكاب ست جرائم قتل في بلجيكا نهاية الثمانينات ومطلع التسعينات، ولكنه نفى خلال المحاكمة هذه التهم نفياً قاطعاً. ورداً على سؤال لوكالة «فرانس برس» لم يشأ المحامي محمد الصبار، وكيل الدفاع عن بلعيرج، التعليق على الحكم. ومن الذين يحاكمون في هذه القضية خمسة أشخاص مسؤولون في أحزاب سياسية، ولا سيما اسلامية، وقد حكمت عليهم محكمة البداية بالسجن لفترات تتراوح بين 20 و25 سنة، الا ان محكمة الاستئناف خفّضت هذه الأحكام الى السجن عشر سنوات مع النفاذ.