لمعت جينا ديفيس في أدوار سينمائية مختلفة خلال العقود الثلاثة الأخيرة، وبينها «الذبابة» المخيف، و «توتسي» الفكاهي، مع داستين هوفمان، و «تيلما ولويز» الدرامي، و «فريق مستقل» الرياضي الذي شاركت بطولته مع مادونا، ثم «سائح بالصدفة» الاجتماعي الذي جلب لها جائزة الأوسكار كأحسن ممثلة، و «بطل» من نوع المغامرات مع داستين هوفمان مرة ثانية، و «أنجي» العاطفي، و «جزيرة الأخطار» من إخراج زوجها السابق السينمائي ريني هارلين الذي أدارها أيضاً في «قبلة الوداع الطويلة»، علماً أن الفيلمين الأخيرين من نوع المغامرات تحولت فيهما ديفيس إلى امرأة ذات قوة خارقة نافست الرجل في كل ما يخص حركات العنف ومعايشة المواقف الخطرة. وكرّم مهرجان «كان» السينمائي الأخير جينا ديفيس مانحاً إياها، مع النجمة سوزان ساراندون شريكتها في بطولة «تيلما ولويز»، جائزة «كيرينغ» الخاصة بدور المرأة في السينما والتي أسسها البليونير الفرنسي فرانسوا بينو زوج النجمة المكسيكية اللبنانية الأصل سلمى حايك. وقد دخل فيلم «تيلما ولويز» الذي نفذه السينمائي ريدلي سكوت في 1991 تاريخ الفن السابع لاسيما على لائحة الأفلام القوية التي تعالج قضايا حقوق المرأة. عُرض «تيلما ولويز» مجدداً في باريس في نادي السينما «سينماتيك» بحضور بطلتيه، وفي هذه المناسبة، التقت «الحياة» جينا ديفيس التي صارت أيضاً منتجة، وحاورتها. حدثينا عن جائزة كيرينغ التي فزت بها في مهرجان «كان» الأخير؟ - أنا لم أفز بها وحدي بل مع سوزان ساراندون، صديقتي وشريكتي في بطولة فيلم «ثيلما أند لويز» من إخراج ريدلي سكوت. لقد أسس فرنسوا بينو صاحب منظمة «كيرينغ» هذه الجائزة وأدخلها إلى مهرجان «كان» في العام 2015 بعدما صارت المنظمة إياها ترعى المناسبة السينمائية الرقم واحد في العالم. ويتم الإعلان عن الفائزة أو الفائزات بالجائزة في سهرة تنعقد في ختام المهرجان وإثر ندوات تقام في شكل يومي في حضور نساء عاملات في الحقل السينمائي وليس فقط في ميدان التمثيل، بل أيضاً الإخراج وكل النواحي التقنية، من مونتاج وتصوير وإضاءة وصوت، وذلك كله على المستوى الدولي. ويقال أن سلمى حايك زوجة بينو هي وراء قرار شريك حياتها في شأن إدخال الندوات والجائزة إلى برنامج مهرجان «كان» سنوياً. والهدف من العملية تسليط الضوء على الدور الذي تلعبه المرأة في الفن السابع والاعتراف بهذا الدور علناً في إطار أهم حدث سينمائي عالمي. لقد استحقينا الجائزة أنا وسوزان ساراندون بصفتنا من الرائدات في ميدان الأفلام المدافعة عن حقوق المرأة وعن شخصيتها في المجتمع، ذلك أن «تيلما ولويز» دخل التاريخ من أوسع أبوابه بفضل صفاته من هذه الناحية. وها هو الفيلم يعاد عرضه الآن بعد مضي ربع قرن على ظهوره الأساسي؟ - نعم وسيحصل على توزيع عالمي جديد. وهذا أيضاً بفضل منظمة «كيرينغ» والجائزة التي حصدناها أنا وسوزان ساراندون. من الواضح أنك تميلين إلى أداء شخصيات قوية فوق الشاشة مهما كان اللون السينمائي الذي تشاركين فيه. فهل تختارين هذه الأدوار شخصياً في إطار قائمة عروض تطرح عليك؟ - أنا أحب أداء دور امرأة تعرف ما تريده وتكافح من أجل تحقيق هدفها. وأديت أكثر من مرة شخصية امرأة تعاني مشاكل عائلية أو عاطفية أو اجتماعية كبيرة وتحلها في النهاية بطريقة أو بأخرى، حتى لو كان ذلك بالانتحار، مثلما يحدث في ختام فيلم «تيلما ولويز». وللرد على سؤالك، أنا أرفض الأدوار الضعيفة وأعبّر عن رغبتي الدائمة في تقمص شخصيات قوية تعزز شخصية المرأة وصورتها الاجتماعية. هل تشبهين بطلات أدوارك في حياتك الخاصة؟ - لا، فليست هناك علاقة بين ما أمثله والحقيقة. أنا قوية وأتميز بشخصية تجعلني أسعى فعلاً إلى تحقيق أهدافي، لكني لا أتصرف مثل بطلات أفلامي ولا أدمج بين الخيال والحياة الواقعية. غمزة عين أنت شاركت حياة ريني هارلين، وهو مخرج متخصص في أفلام المغامرات سبق له اللجوء إلى سيلفستر ستالون وبروس ويليس في أفلامه، ثم وضعك أنت في مكان هؤلاء الأبطال، فما رأيك بالشخصيات السينمائية النسائية التي تستخدم عضلاتها وتجيد المصارعة على الطريقة الرجالية؟ - أنا خضت هذه التجربة مرتين حتى الآن، الأولى في فيلم «جزيرة الأخطار» والثانية في «قبلة الوداع الطويلة»، وأعترف بكون المسألة لم تتعد غمزة عين أكثر من أي شيء أخر، علماً أن أفلام المغامرات ستظل ملكية خاصة لأرباب العضلات البارزة وليس للنساء. أردنا تقديم نسخة مختلفة من لون المغامرات، لكني لم أتخصص في هذا اللون مفضلة دائماً التنويع، وهو ما أفعله منذ بداية مشواري في السينما. هل أديت المواقف الخطرة بنفسك في الفيلمين المذكورين أم لجأت إلى بديلة؟ - لقد اعتبرت بعض هذه المواقف كنوع من التحدي فصممت على التدريب عليها والقيام بأدائها أمام الكاميرا بنفسي، لكن شركة التأمين المسؤولة عن الممثلين رفضت قيامي بتمثيل كل اللقطات الخطرة وأصرت على اللجوء إلى بديل متنكر في زي امرأة فعل الكثير من الأشياء نيابة عني. هل كان من السهل العمل تحت إدارة شريك حياتك في هذه الأيام، ريني هارلين؟ - نعم إلى حد ما لأننا عرفنا كيف نفصل بين العمل والحياة الخاصة، وأنا كنت في الاستوديو مجرد ممثلة تنفذ أوامر مخرج الفيلم، ما لم يمنعني عن مناقشة ريني (زوجها) في البيت طوال الوقت وحتى في منتصف الليل في شأن دوري وفي الطريقة المستعملة في إدارتي أمام الغير. كثيراً ما تشكو الممثلات من قلة توافر الأدوار النسائية القوية في هوليوود، وها أنت تقدمين الدليل على عكس هذه النظرية. ما رأيك في ذلك؟ - صحيح، إن الأدوار النسائية في السينما الأميركية غير جيدة عموماً ولا تتخذ الأهمية التي تتخذها المرأة في الحياة الفعلية. وتعاني الممثلة في هوليوود، بطبيعة الحال، من هذه الأزمة، إلا أن هناك في بعض الأحيان فرصاً هائلة عبر سيناريوات مكتوبة تتضمن شخصيات نسائية جذابة وعميقة وجديرة بالاهتمام. ولكن عدد هذه الأدوار أقل بكثير من عدد الممثلات، وأنا بالتالي أنتمي إلى الأقلية التي عرفت كيف تسلب مثل هذه الفرص. إنها مسألة ذكاء وقوة شخصية والتعبير عن الرغبات الكامنة بدلاً من انتظار العروض من دون المشاركة الإيجابية في العثور عليها. ما هو فيلمك المفضل بين أعمالك الشخصية؟ - أحب كل فيلم أمثله، خصوصاً في أثناء تصويره حيث أعتبره هو الأفضل. لكن عند النظر إلى مشواري في شكل إجمالي الآن أستطيع القول أن «تيلما ولويز» يتميز بمكانة خاصة جداً في قلبي. ماذا كان شعورك عندما فزت بجائزة الأوسكار كأفضل ممثلة عن دورك في «سائح بالصدفة»؟ - شعرت بالفرح والدهشة في آن معاً، فمن هي الممثلة التي لا تحلم بمثل هذه الجائزة؟ لكن سرعان ما عدت إلى تكريس جهدي لعملي وليس للتفكير في الأوسكار، خصوصاً أن هذا الأخير لا يأتي من دون جهد كبير مسبق. وقد ساعدتني الجائزة في الحصول على أدوار هائلة في ما بعد وعلى ارتفاع أجري، وهذا شيء مهم. افتتحتِ شركة للإنتاج السينمائي، فما الذي دفعك إلى ذلك؟ - الدافع الأساسي هو تحويل سيناريوات أقرأها وتعجبني إلى أفلام تعرض فوق الشاشة، فأنا أحب المجازفة ومنح المؤلفين الموهوبين فرصة من أجل تنفيذ أفكارهم، لكني أفصل كلياً بين عملي كممثلة ونشاطي كمنتجة سينمائية، ولا أشارك كممثلة في الأعمال التي أنتجها إلا في حالات استثنائية، كما أن الشيء الذي أحرص عليه هو بلا شك منح المرأة مكانة أساسية في الأفلام التي أنتجها.