توالت أمس ردود الفعل على تصويت بريطانيا لخروجها من الاتحاد الأوروبي، وكان البارز منها تعديل وكالتي التصنيف الائتماني «ستاندرد اند بورز» و «فيتش» خفضاً درجة الدَيْن البريطاني. وأفادت الأولى في بيان بأن درجة الدَيْن البريطاني «خفضت من (إيه إيه إيه) وهي الأفضل إلى (إيه إيه) أي درجتين». وأشارت إلى «الضبابية» التي نجمت عن الاستفتاء، متوقعة «أجواء سياسية لا تسمح بالتكهن بتطوراتها وأقل استقراراً وفاعلية» في الأشهر المقبلة. والدرجة الجديدة مرفقة بتوقعات سلبية، أي يمكن تقليصها مجدداً. وأشارت «ستاندرد أند بورز» إلى أن قرارها «يستند أيضاً إلى أخطار تدهور إمكانات الدخول إلى السوق» المالي لبريطانيا، وكذلك «المشاكل الدستورية» التي ستطرح، فيما تفكر اسكتلندا في تنظيم استفتاء جديد على استقلالها. وقلّصت «فيتش» أيضاً درجة بريطانيا، متوقعة «تباطؤاً كبيراً» في نمو البلاد. وخفّضت درجة بريطانيا من «إيه إيه+» إلى «إيه إيه» مع آفاق سلبية، ما يعني إمكان تقليصها مجدداً في الأشهر المقبلة. واعتبرت أن «الضبابية التي تلي نتيجة الاستفتاء ستؤدي إلى تباطؤ كبير للنمو في الأمد القصير». كما لفتت إلى «إمكان إجراء الاستفتاء على استقلال اسكتلندا». وكانت «موديز» خفضت توقعاتها للدَين البريطاني إلى «سلبي» منذ الجمعة الماضي، مشيرة إلى «احتمال خفض جديد». وأعلن وزير المال البريطاني جورج أوزبورن أمس، أن بريطانيا «ستضطر إلى خفض الإنفاق وزيادة الضرائب، لمواجهة التحديات الاقتصادية الناجمة عن اقتراع البريطانيين بالخروج من الاتحاد الأوروبي». وإذا كانت الضرائب سترتفع ويتقلّص الإنفاق، أجاب «نعم بكل تأكيد». وقال في تصريح إلى هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) «يتوجب علينا توفير الأمان المالي لمواطنينا، كما يجب أن نبيّن للبلد والعالم إمكان اعتماد الحكومة على مواردها». وشدد على ضرورة أن «تحقق بريطانيا استقراراً مالياً عقب قرار الانسحاب، الذي أدى إلى تهاوي الجنيه الإسترليني والأسواق». وأضاف: «سنمر في مرحلة تعديلات اقتصادية طويلة في بريطانيا، وسنتكيف مع الحياة خارج الاتحاد الأوروبي ولن يكون الوضع الاقتصادي وردياً مثلما كان داخل الاتحاد». ورأى أن «في وسعنا صياغة خطة واضحة». وفي المواقف العالمية، قال رئيس الوزراء الصيني لي كه تشيانغ في كلمة خلال المنتدى الاقتصادي العالمي في مدينة تيانجين، إن تصويت بريطانيا لمصلحة الخروج من الاتحاد الأوروبي «خلق توتراً شديداً في الأسواق العالمية». لكن شدد على «أهمية العمل المشترك لتعزيز الثقة، والحؤول دون تفشي الذعر والحفاظ على الاستقرار في أسواق المال». ورأى أن «من الصعب تجنب التقلبات القصيرة المدى في أسواق المال الصينية، لكن لن نسمح بحدوث تقلبات حادة وتغييرات عنيفة». وأكد أن الصين «ستمنع الأخطار الإقليمية والشاملة عندما تطوّر أسواق المال». وقال لي إن الصين «تأمل في أن ينعم الاتحاد الأوروبي بالوحدة والاستقرار وبريطانيا بالرخاء»، لكن اعتبر أن «من المستحيل أن تتحدث كل دولة عن تنمية ذاتها وتتجاهل البيئة الاقتصادية العالمية في ظل العولمة». وأكد نائب المدير العام لصندوق النقد الدولي تشو مين في كلمة خلال المنتدى الاقتصادي، أن خروج بريطانيا من الاتحاد «يثير ضبابية سياسية كبيرة، وسيفرض ضغوطاً على النمو العالمي». وعبّر رئيس البنك المركزي الأوروبي ماريو دراغي عن «حزنه» لتصويت بريطانيا لمصلحة الانسحاب من الاتحاد، معتبراً أن «الحزن أنسب كلمة للتعبير عما نشعر به، عندما نشهد تغييرات بهذا الحجم». وتوجه دراغي أمس إلى بروكسيل حيث يطلع الزعماء الأوروبيين، على تداعيات التصويت البريطاني بالنسبة إلى منطقة اليورو خلال اجتماع للمجلس الأوروبي يستمر يومين. وفي روسيا، استبعدت محافظة البنك المركزي الروسي إلفيرا نابيولينا، «حدوث أثر سلبي كبير على روسيا»، نتيجة هذا التصويت، موضحة أن «أي تداعيات في المدى الطويل ستعتمد على البنود الدقيقة للانفصال البريطاني». وأكدت أن البنك المركزي «يملك الأدوات لمعالجة التقلبات الكبيرة في السوق الروسية في حال وُجدت والتي قد تنشأ عن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي». اهتمام سياحي في مقابل هذه المواقف والقلق، برز إقبال لافت على عدد من مواقع السياحة على الإنترنت من جانب الأميركيين للاستفسار عن السفر إلى بريطانيا، منذ التصويت على الانسحاب من الاتحاد الأوروبي. وربما ينشط التدني الناجم عن ذلك في قيمة الجنيه الإسترليني، السياحة الأميركية. ووجد أحد المواقع أن عدداً أكبر من البريطانيين يسأل أيضاً عن الرحلات الجوية إلى الولاياتالمتحدة. واعتبرت شركات السياحة وسلاسل الفنادق وشركات الطيران، أن «من المبكر معرفة ما إذا كان التصويت أثر على الحجوزات». إذ تنبأ المحللون الماليون في مجموعة «بكنغهام» للبحوث أن «التصويت لمصلحة الخروج» سيؤدي إلى تباطؤ الاقتصاد البريطاني ومبيعات شركات الطيران. لكن بعض شركات السياحة الأميركية ينصح السياح بالحجز في رحلات بريطانية الآن، وهم يتوقعون تسجيل زيادة في الحجوزات مع مرور الوقت. وأفادت مؤسسة «كاياك» التابعة لشركة «برايسلاين غروب»، بأنها «رصدت في 24 الجاري وهو اليوم التالي لتصويت البريطانيين على الخروج من الاتحاد، زيادة نسبتها 54 في المئة في عمليات البحث الأميركية، التي تستكشف أسعار السفر إلى بريطانيا، مقارنة بأيام الجمعة الأخرى خلال الشهر ذاته». وأشارت إلى أن «البحث عن رحلات جوية من بريطانيا إلى الولاياتالمتحدة زاد أيضاً بنسبة 46 في المئة».