في المواجهة المفتوحة الأولى بين الحكومة المغربية والقوى العاملة، نظمت النقابات المركزية الثلاث: «الكونفيديرالية الديموقراطية للعمل» و «الاتحاد المغربي للعمل» و «الفيديرالية الديموقراطية للعمل»، مسيرة حاشدة في الدار البيضاء، قدر عدد المشاركين فيها بأكثر من 30 ألفاً، رددوا شعارات تطالب رئيس الحكومة عبد الإله بن كيران بالرحيل وتتهم حكومته بالتهرب من الحوار الاجتماعي واللجوء إلى «سياسة إفقار الفئات المحرومة»، عبر رفع أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية، ورفض تنفيذ التزامات أبرمت مع حكومة رئيس الوزراء السابق عباس الفاسي، لجهة تحسين أوضاع العمال. وأوضح بيان للنقابات أن المسيرة الاحتجاجية الأولى من نوعها التي تتحالف فيها النقابات الأكثر نفوذاً على صعيد وطني، أتت «رد فعل على تجاهل الحكومة فتح حوار» مع المركزيات النقابية، على أساس مذكرة مشتركة عرضت مطالبها المختلفة. وحضت المركزيات حكومة بن كيران على «وضع حد لضرب القدرات الشرائية للمواطنين واحترام الحريات النقابية والتنفيذ الدقيق لمدونة العمل والاهتمام بدمج الطلاب حملة الشهادات الجامعية العاطلين من العمل، إضافة إلى «تعميم الحماية الاجتماعية والصحية، ومعاودة النظر في نظام التقاعد». وهتفت عاملات في «مسيرة الغضب «بأن المناصفة الحقيقية تفرض خفض سن التقاعد بالنسبة للنساء إلى 55 سنة، وترجمة هذا البعد الدستوري في إجراءات عملية. وصرح نقابيون بأن المسيرة ليست موجهة ضد حزب معين، أو ضد رئيس الحكومة أو ذات خلفية سياسية، بل هي «نتاج قرار نقابي أملته مصلحة الدفاع عن حقوق العمال». لكن وزير الاتصال (الإعلام) مصطفى الخلفي رأى أن وراء المسيرة النقابية أهدافاً سياسية، في إشارة إلى الصراع بين المعارضة والحكومة، وأكد أن الحكومة أقرت موعداً لاستئناف الحوار الاجتماعي، ورأى أن بعض المطالب «لا تتسم بالواقعية». وتعتبر المرة الأولى التي تصعد فيها المركزيات النقابية إلى حد مواجهة الحكومة التي تشكلت بعد انتخابات تشرين الثاني (نوفمبر) 2011. وأثير في وقت سابق جدل واسع النطاق حول مدى التزامها تنفيذ تعهدات أقرتها الحكومة السابقة قبل نهاية ولايتها. وشاركت منظمات حقوقية وفعاليات في المجتمع المدني في «مسيرة الغضب»، ما أعاد إلى الأذهان دور المركزيات النقابية في تضييق الخناق على حكومات سابقة، ما مهد لانطلاق الطبعة الأولى لحكومة التناوب لعام 1998، بعد تنفيذ إضرابات عامة. واستبقت التحالفات النقابية، خصوصاً بين «الكونفيديرالية الديموقراطية للعمل» و «الاتحاد العام للعمال»، تحالفات سياسية بين حزبي المعارضة الرئيسين: «الاتحاد الاشتراكي» و «الاستقلال». لكنها المرة الأولى التي يدخل فيها «الاتحاد المغربي للعمل» على خط المواجهة، ما يرجح تفاعل المواجهة، في حال عدم توصل الحوار الاجتماعي المرتقب إلى نتائج ترضي الأطراف كافة.