قسم قرار الحكومة المغربية رفع أسعار الوقود المشهد النقابي إلى ثلاثة محاور عمالية. وفيما زاد التقارب بين الكونفيديرالية الديموقراطية للعمل والفيديرالية الديموقراطية للعمل اللتين اصطفتا في مواجهة الحكومة، انبرى الاتحاد العام للعمال والاتحاد الوطني للعمل في اتجاه حضها على تسريع الإصلاح الاجتماعي، بينما حافظ الاتحاد المغربي للعمل - أقدم المركزيات النقابية - على استقلالية موقفه بعيداً من الاستقطاب الحزبي. وعزت المصادر التموقع الراهن إلى ارتباط المركزيات النقابية وأحزاب سياسية عند ضفاف المعارضة والموالاة على حد سواء. فقد استنكرت الكونفيديرالية والفديرالية القريبتان إلى الاتحاد الاشتراكي المعارض قرار الحكومة، ووصفتاه ب «الانفرادي» الذي كان يجب أن يكون موضوع حوار بمشاركة الأطراف كافة. وأعلنتا رفضهما أي قرار يتعلق بحياة الشعب المغربي و «يتم في غياب المعنيين بالملف الاجتماعي». وطالبتا بالتراجع الفوري عن رفع أسعار الوقود. وأكدت المركزيتان استعدادهما «خوض كل أشكال النضال لحماية العمال والمواطنين في قوتهم اليومي»، وكذلك فرض احترام القوانين المحلية والدولية ذات الصلة بقواعد المفاوضات مع جماعات العمّال. وصرح القيادي في الكونفيديرالية الديموقراطية مبارك المتوكل بأن رئيس الحكومة عبد الإله بن كيران لم يستطع إقناع نواب مجلس المستشارين بمبررات القرار «ولجأ إلى التلفزيون» لمخاطبة الجمهور، متهماً إياه ب «التنصل» من وعوده الانتخابية. ورأى أن رفع الأسعار «فاق كل الحدود». وهددت فيديرالية النقل باللجوء إلى إضراب عام دفاعاً عن مصالحها. وقال رئيسها عبد الإله حفظي إن مواقف الحكومة في هذا الصدد «تتسم باللبس»، موضحاً أن أسعار الخضر والفواكه ستعرف زيادات لا تقل عن نسبة 10 في المئة. وأعرب عن مخاوفه إزاء احتمالات ترفيع أسعار أخرى في غضون الاتجاه نحو إلغاء صندوق المقاصة. وجاء الموقف في أعقاب التزام النقابتين خطة تنسيق مشتركة في مواجهة حكومة عبد الإله بن كيران ظهرت بوادره الأولى عبر تنظيم مسيرة احتجاجية مشتركة في الدارالبيضاء الشهر الماضي. بيد أن رئيس الكتلة الاشتراكية في مجلس النواب أحمد الزايدي وصف القرارات التي اتخذها رئيس الحكومة بأنها كانت تتطلب حواراً وطنياً. ونبه: «عندما نوهم المواطنين بأنهم سيحصلون على دعم مالي مباشر من دون تحديد من هم المعنيون بذلك فإننا نفتح باباً كبيراً للآمال قد يوقع البلاد في المحظور، أي التفاؤل في مواجهة غياب الإمكانات». وطالبت فصائل معارضة بتمكينها من الفرصة نفسها للرد على ما جاء في تصريحات رئيس الحكومة بن كيران عبر بث تلفزيوني مماثل، وألحّت على قنوات التلفزيون «مراعاة التوازن في استضافة الحكومة وغالبيتها وكذلك المعارضة».