لم تتحسّن تجارة الذهب، بعد انتعاش أسعاره أخيراً، في كل الدول بالوتيرة ذاتها، لكنها تعززت في سويسرا، في شكل فاق كل التوقعات، منذ مطلع العام الحالي. وكان الذهب تحول العام الماضي إلى «ذكرى جميلة» بالنسبة إلى رجال أعمال سويسريين اختاروا خوض مغامرات مالية أخرى لتفادي تكبد خسائر مالية فادحة في تجارة الذهب. ويعود الذهب اليوم «أسطورة» تجذب رجال الأعمال على رأسهم الأميركي جورج سوروس الذي يعتبر في سويسرا قدوة في تجارة الذهب. وخلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الحالي، ارتفع الطلب على شراء الذهب بنحو 30 في المئة في العالم، وهو الارتفاع الأكبر منذ العام 2012، كما ارتفع سعره 16 في المئة، وهو الأكبر منذ 30 عاماً. واللافت أن من يُقبل على شراء الذهب لا يقتصر على المستثمرين الصغار الخائفين من تقلبات البورصات الدولية، إذ انضم إليهم مستثمرون كبار يديرون مجموعة صناديق استثمار، ونجحوا خلال الشهرين الماضيين في مضاعفة عمليات شراء الذهب ما عزّز أسواق المشتقات المتعلقة بتجارة المعدن الأصفر. ويريد المستثمرون السويسريون الابتعاد قدر الإمكان عن الأخطار المالية الدولية. وخلال السنوات ال 5 الماضية، اعتبر خبراء أن السويسريين هم الأكثر تكبداً للخسائر المالية الناجمة من استثمارات مباشرة في الخارج من بين الشعوب الأوروبية. وعلى الصعيد الداخلي، تراجعت لدى السويسريين عمليات الرهان على مردود مربح مشتق من أعمال الطاقة النظيفة أو النفط مثلاً. فنشاطات تطوير الطاقة النظيفة باتت غير مربحة وغير تنافسية بما أن كل شيء بات محصوراً ضمن مجموعة من الشركات العملاقة غير السويسرية. أما على صعيد النفط، فلا شيء يتحرك في الأفق حالياً. وفي موازاة الذهب، بدأت بعض المصارف السويسرية المتوسطة الحجم التجارة بالألماس عبر إبرام شراكات إستراتيجية مع أصحاب المناجم الأفريقية. وتوقع محللون مصرفيون في مدينة بازل أن تشتري المصارف المحلية نحو 110 أطنان من سبائك الذهب، ما قيمته 3.5 بليون فرنك سويسري (3.6 بليون دولار)، خلال العام الحالي، بينما يُتوقع أن يشتري المركزي السويسري حتى نهاية موسم الصيف نحو 50 طناً من سبائك الذهب، بما قيمته 1.5 بليون فرنك. ولا يستبعد مراقبون أن يحتل الألماس المرتبة الثانية في مخططات رجال الأعمال في سويسرا، فصحيح أنه لا يضمن السيولة المالية لأي مصرف في العالم، مثل الذهب، لكنه جزء من صناعة المجوهرات الفاخرة التي لا تعاني أي أزمة أو شح نقدي.