عبّر عدد من المهتمين في الشأن الثقافي بحائل عن استيائهم مما آل إليه نادي حائل الأدبي، من طمس للهوية الثقافية التي أسهمت في ولادة كائن مشوّه، يكاد ألا يمتّ للثقافة بصلة، وأن النادي يدار من أشخاص لا علاقة لهم بالأدب، فهم جميعاً من خارج الوسط الأدبي، وكما أثير أخيراً، أن عضوي مجلس إدارة في نادي حائل الأدبي في مهمة دراسة لأكثر من عام للولايات المتحدة الأميركية، ويحضرون الجلسات عبر الأثير ب«برنامج سكايبي». ومن المعروف أن لائحة الأندية تعفي من يتغيب عن اجتماع مجلس الإدارة ثلاثة جلسات متتالية، أو ستة جلسات متفرقة، وهما لا يزالان يمارسان مهماتهم كعضوي مجلس الإدارة حتى الآن، وأن هذه السلوكيات وغيرها حوّلت النادي إلى بيئة طاردة للمثقفين، وأن ما يطرحه من قضايا ودورات تتسم بالتقليدية. وفي المقابل، يعول مجلس الإدارة الحالي على مبنى نادي حائل الجديد لحل المشكلات الثقافية التي تواجهه، والذي تبرع به الدكتور ناصر الرشيد بمبلغ 23 مليوناً و500 ألف ريال. وكان أحد أعضاء الجمعية العمومية لنادي حائل الأدبي، اتهم أعضاء النادي بالحصول على عمولة سعي تقدر ب10 في المئة من المبلغ الذي تبرع به الرشيد لإنشاء مقر النادي الأدبي بحائل، ما يعني حصول أولئك الأعضاء على مبلغ 2350000 ريال. وفي حديث إلى «الحياة» يرى الكاتب سعود البلوي أنه يفترض على الأندية الأدبية «نشر الثقافة وإعادة إنتاجها، من خلال إقامة برامج ثقافية دقيقة وفق استراتيجيات واضحة، غير أن ما تم في نادي حائل الأدبي في حلته الإدارية الجديدة هو طمس لهويته الثقافية المحلية التي عرفناها وعاصرنا تطورها على مدى حوالي 20 عاماً، وهذا الطمس أسهم بولادة كائن مشوّه يكاد ألا يمتّ للثقافة بصلة»، ويعيد البلوي ذلك إلى «خطأ استراتيجي يتعلق بفهم ماهية الثقافة التي يفترض أن تكون بناء تراكمياً لا اجتهادات هامشية أفرزت فشل استقطاب المثقف الفاعل من جانب، ودعم تكوين المثقف المبتدئ من جانب آخر»، ولهذا يؤكد أن اللائحة الحالية للأندية الأدبية تحتاج إلى تعديل من وزارة الثقافة والإعلام حتى يتمكن المثقف من الحضور في المؤسسة التي «يفترض أنه يمثلها وتمثله، كما هو الحال في كل مؤسسات الثقافة في العالم» بحسب قوله. من جهة أخرى، قال الشاعر عبدالله الزماي: «إن المشكلة تمكن في كون النادي يدار من أشخاص لا علاقة لهم بالأدب، فهم جميعاً من خارج الوسط الأدبي، فعلى رغم احترامي الشديد لهم كأشخاص ولمجالاتهم إلا أن النادي يجب أن يكون مكاناً خاصاً بالأدباء وخدمة الأدب، وأن يفسح المجال لأبناء المنطقة تحديداً، ولكن ما يحدث الآن في النادي عكس ذلك تماماً»، وشكى الزماي من قلة الحرص وضعف التعاون من جانب إدارة النادي مع عمل «لجنة» فيد الثقافية التي يترأسها، وأضاف: «أما بالنسبة للمشكلات الإدارية والمالية الحاصلة فيه الآن فلا أعلم عنها شيئاً، فقط أسمع، لكن يوجد تبرع بقيمة 30 ألف ريال خاص ب«لجنة فيد» أعلنت عنه الإدارة في حفلة افتتاح اللجنة قبل أكثر من عامين، ولا أعلم عنه شيئاً حتى الآن على رغم أنني تواصلت مع الإدارة كثيراً بخصوص الموضوع، ولم يردني جواب، وأنا أبرئ ذمتي من ذلك». ومن جانبه، أكد الكاتب والصحافي صالح الفهيد أنه أحد الذين طالبوا وبإلحاح منذ أعوام بالتوقف عن تعيين مجالس النوادي الأدبية واعتماد آلية الانتخابات في اختيار هذه المجالس، وقال: «أعترف الآن بندمي الشديد على هذا الموقف بعد أن اكتشفت أن الانتخابات أوقعت النوادي في أيدي من لا صلة لهم بالأدب والثقافة، ومن هم غير قادرين على قيادة دفة النشاط الأدبي والثقافي»، مستشهداً على ذلك بما يحدث في نادي حائل الأدبي الذي ابتعد كثيراً عن حاضنته الثقافية، وخطف إلى مكان مجهول معلوم حتى انقطعت صلته بالأدباء والمثقفين بحائل - بحسب قوله -، مضيفاً: «في الحقيقة أن المجموعة التي تدير النادي حالياً ينطبق عليها المثل العربي (أحشفاً وسوء كيلة)؟ فزيادة على سوء أدائهم خلال الأعوام الماضية وسوء تعاطيهم مع الهم الثقافي، فهم متهمون بفساد مالي وإداري، وفق ما ذكره أعضاء سابقون وحاليون في النادي من اتهامات لم ينفها مجلس إدارة النادي، ما يعتبر وفق كل المعايير إقراراً بصحتها»! وختم حديثه بتحميل أدباء ومثقفي منطقة حائل جزءاً من المسؤولية، إذ يرى الفهيد أن غيابهم وسلبيتهم وعدم اهتمامهم «جعل هذه المجموعة تقفز إلى النادي وتستفرد به وتديره بطريقة غاية في السوء»! وأفاد ل«الحياة» أحد الأدباء الحائليين (فضل عدم ذكر اسمه) أن هناك آلية تقليدية في طرح القضايا الثقافية بالنادي، ما أدى إلى مقاطعتها من المثقفين والأدباء. كاشفاً أن هناك مشكلة أساسية تكمن في اللائحة السابقة للأندية، مع غموض في اللائحة الجديدة والتي تلمح لعودة التعيين، أي تعيين خمسة أعضاء وانتخاب النصف الآخر، ما يعني «إذا كنا في الخيار بين تعيين مثقف حقيقي وانتخابات إلكترونية تجلب لنا غير المثقفين إياهم، فأنا مع التعيين ضد الانتخاب الوهمي، أما إذا كانت اللائحة واضحة ودقيقة في اختيار أدباء ومثقفين فإن اللائحة هي المخولة بطردهم. فاللائحة الجديدة من المتوقع أن تترك الخيار بيد أعضاء الجمعية وهم من يحددون الآلية التي يرونها مناسبة للانتخاب».