وجّهت الحكومة السودانية للمرة الأولى انتقادات إلى وسطاء محادثات سلام دارفور المنعقدة هذه الأيام في العاصمة القطرية الدوحة، ودعت إلى ضرورة مراجعة وتقويم المبادرة العربية - الأفريقية التي ترعاها قطر، وقالت إن المحادثات «بعد مرور أكثر من سنة لم تستوف الأهداف المرسومة لها». وأعلن مسؤول ملف دارفور في الحكومة الدكتور غازي صلاح الدين أنه سيتوجه إلى الدوحة قبل الخامس عشر من الشهر الجاري للعمل على دفع مفاوضات السلام المنعقدة هناك برعاية قطرية. وأكد في تصريحات عقب لقائه بالوسيط الدولي جبريل باسولي أن الوفد الحكومي سيقدّم جملة من الأفكار لتفعيل المحادثات. وأوضح أن اللقاء «بحث آفاق ومستقبل المبادرة العربية الأفريقية الخاصة بدارفور التي ترعاها قطر، ومراجعة ما تحقق من مكاسب حتى الآن ممثلة في توقيع اتفاقات إطارية، وإشراك المجتمع المدني الدارفوري وبعض الفئات المتأثرة والمتضررة في الإقليم». وأضاف: «لكننا أيضاً أجرينا نقداً موضوعياً للمبادرة حيث انها بعد مرور أكثر من عام لم تستوف الأهداف المرسومة لها». لكنه أكد في المقابل التزام الحكومة بالمبادرة، مشيراً إلى مضي الحكومة في تنفيذ الاستراتيجية الجديدة للتعامل مع مشكلة دارفور التي تقوم على «العمل القريب من المواطن»، والتركيز على إيصال عائدات السلام العملية للمواطن، وبناء مؤسسات الحكم في دارفور، بجانب تحسين العلاقات مع دول الجوار وكيفية جعل ذلك عاملاً إيجابياً يعجّل في تحقيق سلام دارفور. ودعا صلاح الدين في تقرير قدّمه أمام البرلمان إلى إعادة «اختراع» المبادرة القطرية للبدء في اعطاء نتائج ملموسة ونهائية لقضية دارفور حتى تصل عائدات السلام إلى المواطن. على صعيد آخر، قررت السلطات الأمنية في السودان تعليق صدور صحيفة «الانتباهة» الداعية إلى فصل جنوب البلاد، إلى أجل غير مسمى. وبررت القرار بالرغبة في تحجيم الدور السلبي الذي تقوم به الصحيفة في تقوية الاتجاهات الانفصالية في الجنوب والشمال. وقال مسؤول إدارة الإعلام في جهاز الأمن والاستخبارات الوطني إن القرار يأتي في سياق تحجيم الدور السلبي الذي تقوم به الصحيفة في تقوية الاتجاهات الانفصالية في الجنوب والشمال، ما يتعارض مع الدستور واتفاق السلام الشامل الذي يحض على دعم خيار الوحدة ونبذ الدعوة إلى الانفصال. وأوضح أن دستور السودان الانتقالي يدعو إلى نبذ العنف وتحقيق التوافق والإخاء والتسامح بين أهل السودان كافة تجاوزاً للفوارق الدينية واللغوية والثقافية والطائفية. وأضاف أن ميثاق الشرف الصحافي الموقع عليه من رؤساء التحرير دعا كل وسائل الإعلام إلى الالتزام بأخلاقيات المهنة وعدم إثارة الكراهية الدينية أو العرقية أو العنصرية أو الثقافية أو الدعوة إلى العنف أو الحرب. وشكت «الحركة الشعبية لتحرير السودان» إلى «المؤتمر الوطني» الحاكم في شمال البلاد أكثر من مرة من أنها متضررة من خط الصحيفة الذي يركز على الأخبار السلبية في جنوب السودان، بخاصة تلك المتعلقة بتمرد ضباط في «الجيش الشعبي». وقالت مصادر إن الخطوة قد تشمل صحفاً أخرى مؤيدة ل «الحركة الشعبية» في محاولة لإسكات «الأصوات النشاز» داخل الحركة وحكومة الجنوب ودعم مؤيدي خيار الوحدة. وأوقفت السلطات يوم الثلثاء صدور أربع صحف سياسية ليوم واحد هي «الأحداث» و «التيار» و «الحرة» وأخبار اليوم». وأفاد صحافيون أن هذه الصحف لم تتقيد بتوجيهات عدم نشر تقارير حول التمرد الذي يقوده ضباط في «الجيش الشعبي» ضد حكومة الجنوب، بخاصة الجنرال جورج أتور. وأوضح مدير إدارة الإعلام في جهاز الأمن أن الإجراءات التي تمت في حق بعض الصحف جاءت «نتيجة لتجاوزها للقيم المتفق عليها من الجميع، ومحاولة تضخيم التوترات الأمنية في الجنوب الذي يسعى إلى الاستقرار استعداداً لمرحلة الاستفتاء، فضلاً عن الجنوح للإساءة إلى بعض دول الجوار»، داعياً الصحافة إلى القيام بدورها في إطار حرية التعبير وتلقي ونشر المعلومات دون المساس بالنظام والسلامة والأخلاق العامة وفقاً لما يحدده القانون. وفي الإطار ذاته، دعا الاتحاد العام للصحافيين السودانيين إلى «التمسك بالمكاسب الوطنية والانحياز لقضايا الوطن المصيرية». وقال الاتحاد، في بيان، «إن وحدة واستقرار الوطن تتطلب من الجميع الحرص التام، وعلى الصحافة قيادة الرأي العام لتحقيق هذا الهدف وتفويت الفرصة على كل المتربصين بالبلاد».