حذّرت الهيئة الحكومية للتنمية في شرق أفريقا (إيغاد») من أن تدهور الأوضاع الأمنية في الصومال يشكّل خطراً على المنطقة بأكملها ويتطلب عملاً فورياً تقوم به الأممالمتحدة لوقف التدهور. وجاء التحذير في وقت دعا الرئيس الصومالي شيخ شريف شيخ أحمد إلى تقديم مساعدة عاجلة إلى إدارته الضعيفة من أجل إلحاق الهزيمة بمن سمّاهم «الإرهابيين»، في وقت وجّه زعيم «حركة الشباب المجاهدين» التي تقود التمرد في الصومال تهديدات واضحة باستهداف أوغندا وبوروندي اللتين تساهمان في قوات سلام تؤمن الحماية للحكومة الانتقالية في مقديشو. وقال الرئيس الصومالي الانتقالي شريف أحمد أمام مؤتمر في أديس أبابا أمس خُصص لمناقشة الأوضاع في الصومال: «أود أن أقول لكم إن الصومال يعاني من تصرفات خطيرة يقوم بها إرهابيون تحت رعاية القاعدة. إننا هنا من أجل أن نسألكم المساعدة التي تتطلب القيام بإجراءات عاجلة». وقال شريف أحمد أمام مؤتمر السلطة الحكومية للتنمية في شرق افريقيا (إيغاد): «إن مصير الصومال في أيدي القاعدة ومجموعة من المتشددين. إننا ندعو إلى مضاعفة الجهود من أجل (اعتماد) استراتيجية متعددة الأطراف للقيام برد عسكري ... ليس هناك إمكان لحل جزئي (في هذا الأمر)، بل المطلوب حل عالمي». وتتكون «ايغاد» من سبع دول هي أوغندا وإثيوبيا وجيبوتي وكينيا والسودان والصومال، وتم تعليق عضوية اريتريا. وقال شريف أحمد أمام القمة الخامسة عشرة غير العادية لرؤساء دول وحكومات هيئة «إيغاد» في أديس أبابا: «على رغم كل الجهود، فإن أزمة الصومال أخذت بُعداً خطيراً يؤثر في الآفاق السياسية والاقتصادية والاجتماعية للأمة (الصومالية). إننا أمام مفترق طرق حيث أن الأزمة في الصومال تتمدد إلى خارج الحدود وتصبح أزمة إقليمية تتطلب رداً موحداً وراديكالياً». وأشار الرئيس الصومالي إلى مجالات عدة يمكن أن يساعد بها المجتمع الدولي حكومته مثل الوفاء بوعوده في خصوص تقديم دعم مالي وعسكري وتجهيزات إلى الحكومة الصومالية من أجل بناء مؤسسات الدولة، كما يمكن تركيز الجهود من أجل «طرد العناصر الأجنبية» من الصومال (في إشارة إلى الأجانب الذين يقاتلون إلى جانب «حركة الشباب»)، وأيضاً زيادة الدعم المالي لقوات السلام التابعة للاتحاد الافريقي (أميصوم) كي تتمكن من القيام بعملها على نحو أفضل. وحضر قمة «إيغاد» رئيس الوزراء الإثيوبي ميليس زيناوي، الرئيس الكيني مواي كيباكي، الرئيس السوداني عمر البشير و رئيس جيبوتي إسماعيل غيله. وأصدرت القمة بعد الظهر بياناً يدعو إلى القيام بعمل عاجل بقيادة الأممالمتحدة من أجل وقف الخطر المتصاعد الذي يواجه الصومال. وجاء في البيان أن قادة الهيئة الحكومية للتنمية «يسجّلون بقلق كبير تدهور الوضع الأمني في الصومال، وهو ما يشكّل خطراً يهدد السلام والأمن والاستقرار للشعب الصومالي والحكومة الانتقالية وللمنطقة والمجتمع الدولي». ولاحظ البيان أن «النزاع في الصومال ليس نزاعاً بين الصوماليين ولكن بين الشعب الصومالي ومجموعات إرهابية عالمية». وشدد على «الحاجة إلى رد عاجل وقوي من المجتمع الدولي بقيادة مجلس الأمن الدولي، من أجل وقف الخطر المتصاعد الذي يواجه الصومال والمنطقة (شرق افريقيا)»، مكرراً دعوته السابقة إلى أن تقوم الأممالمتحدة بتحويل قوات «أميصوم» إلى قوات سلام تابعة للأمم المتحدة «بدون أي تأخير». ودعا البيان الاتحاد الافريقي إلى الإسراع في نقل العناصر المدنية وعناصر الشرطة التابعة ل «أميصوم» إلى مقديشو. وانتقد عدم التمكن من إرسال مزيد من قوات «أميصوم» إلى الصومال على رغم الاتفاق على عددها، معلناً قراره إرسال ألفي عنصر جديد من قوات السلام الافريقية إلى الصومال «فوراً». وكان لافتاً أن آراب كيروا، منسّق السلام والمصالحة الوطنية في الصومال لدى هيئة «إيغاد»، لاحظ في تقريره أن الحكومة الصومالية الانتقالية «فقدت أحياناً إدراكها للأولويات». ولفت أيضاً إلى «فقدان التماسك» في المؤسسات الفيديرالية الانتقالية، مستغرباً كيف يمكن حصول ذلك عندما تكون الإدارة كلها تواجه خطراً مشتركاً. وفي مقديشو، دعا زعيم «حركة الشباب» المتمردة أحمد عابدي غودان الصوماليين الى التوحد لطرد قوات حفظ السلام التابعة الاتحاد الافريقي (اميصوم)، وذلك في رسالة صوتية حصلت «فرانس برس» على نسخة منها الاثنين. ودعا عابدي غودان المعروف ب «أبي زبير» في هذه الرسالة التي يعود تاريخ تسجيلها الى مساء الأحد «الشعب الصومالي الى التوحد في مقاتلة عدو الله». وقال: «نعلم ان الشعب الصومالي يمكنه الاعتزاز بالانتصارين السابقين اللذين حققهما على الأميركيين والاثيوبيين، وستكون المعركة ضد قوات أميصوم آخر المعارك التي سيفوز بها». وجدد الزعيم الإسلامي التهديد بانتقام جماعته من بوروندي واوغندا اللتين تشاركان بالتساوي تقريباً في «اميصوم» بحوالي 6 آلاف جندي. وقال «أبو زبير»: «رسالتي للشعبين الاوغندي والبوروندي انكما ستكونان هدفاً لردنا على المجازر (المرتكبة) بحق النساء والأطفال والشيوخ الصوماليين في مقديشو من جانب جنودكم». وأضاف: «ستكونون مسؤولين عن جرائم القتل التي يرتكبها قادتكم الجهلة وجنودكم في الصومال». وقتل أكثر من 40 مدنياً في معارك عنيفة تدور منذ اسبوع بالمدفعية الثقيلة بين المتمردين «الشباب» من جهة والقوى الحكومية الصومالية وقوات الاتحاد الأفريقي من جهة أخرى. وتسيطر «حركة الشباب» التي تتحكم في وسط الصومال وجنوبه، أيضاً على قسم كبير من العاصمة مقديشو وقد أقسموا على إطاحة حكومة الرئيس شريف أحمد. ونقلت «فرانس برس» أمس عن مصادر رسمية وشهود أن ما لا يقل عن 12 شخصاً غالبيتهم من المدنيين قُتلوا في تجدد المعارك في مقديشو. وهاجم اسلاميون من «حركة الشباب» مبانيَ عدة فيها جنود صوماليون وجنود من القوات البوروندية والاوغندية التابعة للاتحاد الافريقي في شمال العاصمة الصومالية. وأشار شاهد عيان الى حصول تبادل لاطلاق النار من أسلحة رشاشة ومدفعية أدى الى مقتل سبعة مدنيين. وأضاف الشاهد ويدعى ادان محي الدين «لقد اصابت قذائف مدفعية منزلاً في شيبيس فأدى إلى مقتل خمسة أشخاص من بينهم ثلاثة من الأسرة نفسها. كما اصيب 16 شخصاً بجروح في حوادث أخرى في الحي نفسه».