حمّل مسعود بارزاني، رئيس إقليم كردستان العراق، ثقافة الحكم الشمولي في بغداد مسؤولية ما تعيشه البلاد حالياً وقال: «للأسف، العراق يتفكك»، مشيراً إلى أن العملية السياسية «توشك أن تفشل» ومعترفاً بأن «التعايش بين المكوّنات يكاد يكون منعدماً». وكان بارزاني يتحدث إلى «الحياة» في بلدة صلاح الدين، مقر إقليم كردستان العراق (لقراءة نص الحوار). ورداً على سؤال عما يتردد عن وجود خطر كبير يحدق بوحدة العراق، قال: «بالتأكيد، العراق يتفكك، كنا نتمنى أن تكون الصورة مختلفة، ولكن علينا التعامل مع الوقائع والحقائق. هناك حالة عارمة من عدم الاستقرار. الإرهاب يستشري في المناطق الغربية من البلاد. هناك مدن خارج سيطرة الحكومة، والإرهابيون يمارسون نشاطهم في شكل علني». وأضاف: «ليست هناك قناعة أو إيمان بالديموقراطية وقبول الآخر. لا تزال ثقافة الحكم الشمولي هي الثقافة السائدة... هذه الثقافة هي السبب في عدم تطبيق الدستور، وفي دفع العراق نحو التفكك. هذه الروحية حالت دون تنفيذ الاتفاقات، وضاعفت التباعد بين المكوّنات». وعن العلاقات السنّية - الشيعية، قال بارزاني: «للأسف الشديد هذا النزاع قديم وجديد أيضاً. النزاع موجود، والمطلوب سياسات عاقلة تلجمه بدلاً من أن تؤججه. قبل وقت قصير شهدت محلة بهرس في منطقة ديالى، وبعقوبة عمليات تطهير مذهبي بشعة. عمليات تطهير بكل معنى الكلمة. حصلت مجازر وكانت الارتكابات من الطرفين، لا يمكن تغطية هذه الارتكابات». ولاحظ أن التفكك يتعمّق أيضاً في سورية مستبعداً عودتها إلى ما كانت عليه قبل اندلاع الأحداث فيها، وزاد: «أعتقد بأن هذه العودة أمر مستبعد وشديد الصعوبة. لا أعتقد بأن العودة إلى الماضي ممكنة». ورأى أنه ما لم تعتنق الدول ذات التركيبة المتنوعة مبادئ الديموقراطية والتعايش والشراكة، فإن «كل الكيانات التي اصطُنِعت بعد الحرب العالمية الأولى يُمكن أن تتفكك وتعود إلى أحوالها الطبيعية». ونفى تقديم أية مساعدات عسكرية للأكراد في سورية، مشيراً إلى أنه نصحهم منذ اللحظة الأولى بعدم الانخراط في القتال. وأكد بارزاني إن «سلطات الإقليم تنتظر نتائج وساطة تقوم بها أميركا لحل مشكلة القرار الذي اتخذه رئيس الوزراء نوري المالكي بوقف تحويل موازنة الإقليم». ونبّه إلى أنه في حال فشل الوساطة، سيجد الإقليم نفسه مضطراً إلى الاعتماد على موارده و «كل شيء سيتغيّر». وشدد على أن «قطع أرزاق الإقليم يكاد يكون أسوأ من قصف حلبجة بالسلاح الكيماوي وأخطر». وانتقد بشدة قول المالكي «أنا وليّ الدم» و «الدّم بالدّم»، إثر قيام ضابط كردي في بغداد بقتل صحافي، وقال: «الجريمة مدانة ويجب أن يُحاكم الفاعل، ولكن من المؤسف أن يتفوّه رئيس الوزراء بمثل هذا الكلام». وتساءل: «مَنْ هو وليّ الدم إذاً لأربعمئة أستاذ جامعي اغتيلوا في السنوات الأخيرة... ولضحايا حملة الأنفال وحلبجة ولثمانية آلاف بارزاني. نحن طوينا صفحة الثأر والانتقام، فلماذا العودة إلى اللغة القديمة»؟ ووصف اتهام نائب رئيس الوزراء حسين الشهرستاني الأكراد بسرقة نفط العراق بأنه «كلام سيء»، مذكّراً بأن الدولة العراقية ما كانت لتقوم وتحيا لولا نفط كركوك. وسُئِل هل يمكن أن تؤدي الانتخابات النيابية المقررة أواخر الشهر الجاري، إلى تبديل المناخ في العراق فأجاب: «آمل وأتمنى أن تجرى الانتخابات. يمكن أن تؤدي إلى تغيير، ونحن مع إجرائها في موعدها. التغيير ممكن إذا اتفقت كل القوى على برنامج معين». وقال إن «المسألة ليست شخصية، وإذا جاء شخص آخر (غير المالكي) بالنهج ذاته، فلن نكتفي برفض بقائه، وربما يتغير كل شيء».