فتح القيصر النار على الانكليز ونعتهم بالمتحجّرين الذين لم يطوروا أداءهم، وأن أسلوبهم في ضرب الكرة واللحاق بها يعود لعصر شكسبير... ولم يعجب كلامه رفاق جيرارد، إلى أن تأكدوا من ذلك في مباراتهم ضد الألمان حين خرجوا يجرون أذيال الخيبة بهزيمة مذلة، بعد أن كانوا يمنون النفس بكأس ثانية. ولم يكن كلام القيصر ريحاً في الشباك... وغير بعيد عنه، خرج الأسطورة الهولندي كرويف على الناس بكلام انزعج له سحرة البرازيل، حين قال إن لعبهم ممل وأنه ليس مستعداً لدفع أموال مقابل مشاهدة مباراة يكون طرفها فريقاً لا يلعب كرة جذابة ولا يهمه سوى الفوز، فكان رد دونغا سريعاً نحن جئنا من أجل الكأس وليس الاستعراض في سيرك. ويبدو أن كلام كرويف كان له مفعول السحر على مواطنيه شنايدر وروبين ففضحوا راقصي السامبا، ولم تنفع براغماتية دونغا، ثم وجه كلامه للإسبان قائلاً لن تفوزوا أبداً ما لم تلعبوا كبرشلونة، وأخذ دلبوسكي بنصيحة الأسطورة الهولندي فتحركت الآلة، وعاد الأمل... ولم يكن كلام يوهان ريحاً في الشباك.. وأما الملك بيليه، فإنه لم يتوقف عن إطلاق تصريحاته ذات اليمين وذات الشمال، فيرشح اليوم البرازيل، وفي اليوم الموالي الألمان، وعندما تبدع إسبانيا يرشحها هي الأخرى، مثلما رشح انكلترا وإيطاليا قبل ذلك... وسيظل يرشح إلى أن ينتهي المونديال بفائز لا محالة، ويقول للناس ألم أقل لكم إنه سيفوز. لكن مشكلة النجم البرازيلي أنه لا يطيق الأرجنتين منذ أن شهد العالم ميلاد نجم غريب الأطوار اسمه مارادونا، ومنذ الثمانينات وهو يسعى لأن يكون موجوداً في كل المنابر الإعلامية ليذكر الناس بأن للكرة ملكاً واحداً اسمه بيليه، ومن يأتون بعده يمكنهم أن يكونوا لاعبين موهوبين مهما بلغت مهاراتهم لن يصلوا مصف الملك، فلعرش الكرة تاج واحد ما زال يزين رأس البرازيلي أديسون أرنتيس دي ناسيمنتو. ولكن الذي يصر بيليه على قوله باستمرار أن الأرجنتين لن تنال الكأس ولو فازت في النهائي (...) نكاية في مارادونا الذي عاش معه هدنة دامت أكثر من عقدين إلى أن انفجر الكبت خلال هذا المونديال بعد أن شكك الملك في قدرة الطفل المشاغب على تدريب منتخب بلاده، ولم يكن يعلم أنه قدم له خدمة من حيث لا يعلم، فالتف حوله الجميع مؤيدون ومعارضون، وتعزز ذلك بما تحقق من نتائج. ويبدو أن كلام الملك ضاع في الشباك... ولم يكن زيدان خارج حرب النجوم أيضاً، حين زج به في متاعب الديكة، وقالت بعض الألسنة إنه كان يخطط لها في الظلام بهدف الإطاحة بدومينيك الذي قال عنه نجم مونديال 1998 «هو لا يعجبني لكنني لم أعمل ضد الديكة...» وكلما تعمقت أزمة المنتخب الفرنسي سعى المناوئون لزيدان بتحميله المسؤولية، مثلما فعل إيتو عندما سمع ميلا يقول: «إيتو لا يقدم في منتخب الكاميرون الجهد نفسه في الانتر...»، ولكن الفارق أن منتخب فرنسا كان يعاني السعال الديكي منذ عامين ولم يسع رجال الكرة في فرنسا إلى علاجه، إلى أن فضحهم هزاله في المونديال، وتناثرت نجوم الديكة في كل اتجاه، فطرد أنيلكا، ورفض اللاعبون سفر مالودا معهم، واستأجر تيري هنري طائرة أوصلته إلى ساركوزي، وتدخل الفيفا على الخط محذراً الحكومة الفرنسية من التدخل في شؤون اتحاد الكرة. وبذلك يكون زيدان خارج الشباك... أما النجم فهو بلاتر الذي قال كلاماً أغضب الجميع باعتذاره لبعض من ظلمهم التحكيم، ولم يشر إلى الآخرين الذين ذبحوا أمام عينيه... ولم يكلف نفسه عناء توبيخ صحافة بلاده التي وجهت سيلاً من النعوت العنصرية للحكم السعودي خليل جلال، والتي بلغت حد وصفه بالبعير، وطالبته بالبقاء في الصحراء لرعي الإبل (...) لأنه طرد لاعباً سويسرياً... مستخدماً في ذلك سلطته التقديرية كالقاضي في المحكمة، وكأن بلاتر يريد أن يقنعنا بأن الحياد الذي كثيراً ما سمعناه عن سويسرا، يصلح في كل المواقف. ألم يعلن الحرب على الأتراك عندما قاموا بالتشويش على النشيد السويسري، وصرح يومها في غضب شديد «ربما نلغي عزف الأناشيد الوطنية طالما أنها تتعرض للإهانة». فماذا عن إهانة حكم عربي ذنبه أنه ككل الحكام عليه أن يخطئ.. وتصرف كأي حكم شجاع، فأخرج البطاقات الصفراء والحمراء، أم أن العرب والإيفواريين والكوريين.. من سقط المتاع؟ [email protected]