أعلنت الحكومة السورية موافقتها على إرسال الأممالمتحدة والصليب الأحمر قوافل إغاثة إنسانية إلى 11 على الأقل من 19 منطقة محاصرة خلال حزيران (يونيو) الجاري بعدما طالبت الولاياتالمتحدةوبريطانيا بإسقاط المساعدات جواً بسبب عدم إمكان الوصول إلى تلك المناطق. وجاءت الموافقة السورية عشية جلسة طارئة عقدها مجلس الأمن الجمعة بهدف إيجاد سبل لمساعدة السكان الجائعين في المناطق المحاصرة. وقالت البعثة السورية لدى الأممالمتحدة، في بيان، إن مناطق كفر بطنا وسقبا وحمورية وجسرين والزبداني وحرستا الشرقية وزملكا ومضايا والفوعة وكفريا واليرموك أصبحت على قائمة المناطق التي وافقت على إرسال مساعدات إليها، إلى جانب نحو 25 منطقة أخرى. وأضافت أن داريا ودوما، وهما منطقتان محاصرتان أيضاً، أصبحتا على قائمة تضم ثمانية أماكن تمت الموافقة على إرسال مساعدات طبية لها وإمدادات دراسية وحليب للأطفال. ولم تتلق داريا أي مساعدات غذائية منذ 2012، وقالت الأممالمتحدة إن شحنة مساعدات كان من المقرر إرسالها أمس الجمعة تأجلت. ولم تكن داريا على القائمة السورية للمناطق التي تمت الموافقة على وصول قوافل الإغاثة الإنسانية إليها. لكن يان ايغلاند رئيس قوة المهمات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة قال إن هناك «دلائل واضحة» على أن قافلة إغاثة ستتوجه إلى داريا خلال أيام. ومن المقرر أن يكون ستيفن أوبراين، مسؤول المساعدات في الأممالمتحدة، أطلع مجلس الأمن أمس على الوضع الإنساني في سورية، قال ديبلوماسيون إن برنامج الأغذية العالمي سيحتاج إلى موافقة الحكومة السورية للقيام بأي إسقاط جوي للمساعدات. وقال سفير بريطانيا لدى الأممالمتحدة ماثيو ريكروفت الخميس: «نطالب النظام (السوري) بتسهيل الوصول البري وإذا لم يفعل ذلك عليه السماح بعمليات الإسقاط الجوي لتقديم المساعدات لهؤلاء الأشخاص». وطالب نظيره الفرنسي فرنسوا ديلاتر «بتنفيذ عمليات إلقاء مساعدات إنسانية من الجو على كل المناطق المحتاجة إليها، وبالدرجة الأولى على داريا والمعضمية ومضايا، حيث يواجه السكان المدنيون، بمن فيهم الأطفال، خطر الموت جوعاً». إلا أن مساعد موفد الأممالمتحدة الخاص إلى سورية رمزي عز الدين رمزي كان قد أشار إلى أن إلقاء مساعدات جواً «ليس وشيكاً»، خصوصاً أن برنامج الأغذية العالمي لم ينجز بعد خططه في هذا الشأن. وشرح أنه نظراً إلى الطبيعة المعقّدة لهذه العمليات التي تستلزم استخدام الممرات الجوية التي تعتمدها في العادة الطائرات التجارية، فإن الأممالمتحدة تحتاج إلى ضوء أخضر من الحكومة السورية للسير قدماً في خطتها. لكن المتحدث باسم الأممالمتحدة ستيفان دوجاريك أوضح أن مثل هذه العمليات تواجه أخطار كبيرة. وقال إنه «في المناطق المدنية، ليس ممكناً إلقاء المساعدات من الجو، إذ أن كل مروحية تحمل نحو ثلاثة أطنان وعليها أن تحط لتفريغ الحمولة». وأضاف: «نتخيل التحديات الأمنية للقيام بذلك، بالإضافة إلى الصعوبات الأكبر بالتحليق في الأجواء السورية». وبالتزامن مع انتهاء مهلة الأول من حزيران المحددة لإلقاء المساعدات جواً، دخلت الأربعاء أول قافلة مساعدات إلى مدينة داريا جنوبدمشق، والتي تحاصرها قوات النظام منذ العام 2012، من دون أن تتضمن مواد غذائية، الأمر الذي علّقت عليه منظمة «سايف ذي شيلدرن» بالقول إنه «صاعق وغير مقبول إطلاقاً منع الشاحنات من إدخال الطعام». وأتى إدخال المساعدات في إطار هدنة موقتة فرضتها موسكو حليفة دمشق لمدة 48 ساعة في داريا وانتهت منتصف ليلة الخميس - الجمعة. وقال الناشط شادي مطر في داريا: «لم يعد هناك عمليات بيع وشراء في المدينة، فليس هناك أي مواد لبيعها بل ما يجري الكثير من الأحيان هو مقايضات وتبديل بين السكان». وحول كيفية تأمين المواد الغذائية حالياً، أوضح شادي: «يدخل بعض المواد عن طريق التهريب، إذ أن البعض يخاطر بحياته ويتسلل إلى خارج المدينة». وأضاف: «اعتمدنا لفترات طويلة على أدوية منتهية الصلاحية فيما كان جزء كبير من الأدوية غير متوافر أساساً». وختم شادي بالقول: «داريا بحاجة إلى كل شيء». وأوضح مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبدالرحمن انه «كما في غالبية المناطق المحاصرة يعتمد سكان داريا على التهريب لتأمين المواد الغذائية والأدوية، الأمر الذي يؤدي دائماً إلى ارتفاع كبير في الأسعار». وخلال سنوات الحصار الطويلة، خسرت داريا المدمرة في شكل شبه كامل تسعين في المئة من سكانها البالغ عددهم 80 ألف نسمة فيما يواجه من تبقى منهم نقصاً حاداً في الموارد ويعانون من سوء التغذية. ولهذه المدينة أهمية استراتيجية بالنسبة لقوات النظام كونها ملاصقة لمطار المزة العسكري، حيث سجن المزة الشهير ومركز المخابرات الجوية. ويعيش في سورية 592 ألفاً و700 شخص في 19 منطقة محاصرة من قبل الأطراف المتنازعة وفق الأممالمتحدة، وغالبيتهم في مناطق تحاصرها قوات النظام. ويعيش أيضاً حوالى أربعة ملايين آخرين في مناطق يصعب الوصول إليها. وبالإضافة إلى معاناة المحاصرين، أسفر النزاع في سورية منذ آذار (مارس) 2011 عن مقتل أكثر من 280 ألف شخص وتشريد الملايين داخل البلاد وخارجها.