دانت محكمة الجنايات في مجلس قضاء الجزائر، أمس، مواطناً موريتانياً بتهمة «الانتماء إلى جماعة إرهابية تنشط في الداخل»، وحكمت عليه بالسجن مع التنفيذ خمس سنوات. وكشفت حيثيات المحاكمة تفاصيل قصة غريبة رواها المتهم بلسانه قائلاً إنه كان ينوي «التوجه للقتال في العراق» لكن «تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي» استوقفه في شمال مالي و «غيّر مجرى» حياته. وتُعد قضية «محمد بن محمود» الأولى من نوعها في تاريخ ملفات القضاء الجزائري، بحكم جنسيته الموريتانية، إذ لم يسبق أن عُرض على القضاء المحلي أي عنصر من «الجماعات الإرهابية» من موريتانيا، علماً أن عدداً من المغاربة حوكموا فعلاً أمام القضاء الجزائري. وسارت المحاكمة منذ بدايتها على وقع «اعتراف كامل» من بن محمود وكيف انطلق من أحد مساجد العاصمة الموريتانية نواكشوط على أمل «الوصول إلى المقاومة العراقية». وتحدث المتهم (24 عاماً) عن تأثره بإمام مسجد في عاصمة بلاده، وذكر باكياً أمام القاضي: «كنت أستمع إلى حلقات حول الجهاد في العراق وأسمع الخطب لوقت طويل عن وجوب القتال ضد القوات الأميركية». وسرد أنه ربط اتصالاً مع شخص يدعى «معاوية» كان يستقر في إحدى المحافظات العراقية ويتولى عمليات تجنيد مقاتلين من شمال افريقيا. وكشف بن محمود الذي رفض أهله التجاوب مع محاميه أو حضور محاكمته خوفاً من أن تطالهم تهمة الانتماء إلى «جماعة إرهابية»، «خريطة طريق» أخبره عنها «معاوية» وتضمن انتقال الموريتانيين إلى العراق عبر المثلث الحدودي مع مالي والجزائر «ومن هناك تتولى جماعة أخرى إيصالك» إلى العراق. لكن مصير المتهم، كما قال، عرف نقطة تحوّل في شمال مالي حيث «استوقفتني جماعة لم أكن أعرف هويتها... مسلحة في شكل كامل وتبادلني الأفكار نفسها» وتبيّن أنها «إمارة الصحراء في القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي». ويكشف بن محمود في اعترافاته عن انتشار «معسكرات تدريب» في مناطق صحراوية شمال مالي و «جرى تدريبي فيها على استعمال سلاح الكلاشنيكوف». وزاد: «درّبني مسؤول عسكري يدعى «بلال» وكان على دراية واسعة بتكتيكات الحروب». بعد ذلك بدأ المتهم رحلة جديدة في اتجاه الأراضي الجزائرية و «كنا ثلاث سيارات رباعية الدفع... أوهموني أنها طريقي إلى العراق لكن الحقيقة بدت لي بعد أن طلبت منا مروحية للجيش الجزائري في الصحراء التوقف... وبعد الرفض قصفت السيارات وقُتل عدد (من ركابها) أما أنا فأصبت في الكتف والصدر». ورأى النائب العام في جلسة محاكمة الموريتاني أن «اعترافه بالانتماء» يعني «الحبس عشرين سنة مع التنفيذ». لكن محامي الدفاع مصطفى بوشاشي استند إلى «اعترافه وصراحته» وإلى «غياب الفعل الجنائي ما دامت النية فقط كانت القتال في العراق»، ليطلب من رئيس الجلسة حبس موكله خمس سنوات فقط. وستفصل دورة جنائية قريباً في ملف موريتاني ثان سيمثل برفقة 26 آخرين في تهم «ربطت بين الإرهاب والسرقة والتزوير»، إذ تضمنت جناية تقليد أختام وتزوير هياكل المركبات مع حمل سلاح حربي، إضافة إلى «الانخراط في جماعة إرهابية والسرقة». من جهة أخرى، أعلنت السلطات الجزائرية، أمس، إيداع تسعة أشخاص في المسيلة (260 كلم جنوب العاصمة) الحبس الموقت، فيما أُخضع اثنان آخران للرقابة القضائية في قضية «دعم وإسناد للإرهاب وتبييض أموال عائدات إرهابية». وتقول قوات الأمن إنه توافرت لديها معلومات عن وجود شبكة تنشط على مستوى بلدية عين الريش (180 كلم جنوبالمسيلة) غالبية عناصرها من البدو الرحّل تقوم بإيواء عناصر فرع «القاعدة» المغاربي ومدّهم بمعلومات حول تحركات قوات الأمن.