خاضت اللجان النيابية المشتركة في البرلمان اللبناني في جلستها أمس، في نقاش معمق في الاقتراحين المقدمين وفق النظام المختلط لقانون الانتخاب من رئيس المجلس النيابي نبيه بري (مناصفة: 64 أكثري و64 نسبي)، ومن «تيار المستقبل» و «الحزب التقدمي الاشتراكي» و «القوات اللبنانية» (68 اكثري و60 نسبي). وسُجل تقدّم في النقاش، الذي دخل للمرة الأولى في التفاصيل، لكنه لم يرق الى تحقيق تقدم أو خرق يبنى عليه، بحيث عُرض على الشاشة أمام النواب جدول مقارنة حول نقاط الاختلاف والتلاقي في تقسيم الدوائر وتوزيع المقاعد على الدوائر الأكثرية والدوائر النسبية، وأبرزها الخلاف على تقسيم جبل لبنان بين المشروعين، إذ يقترح بري دمج قضاء بعبدا بدائرة الشوف وعاليه، فيما يفصل الاقتراح الثلاثي بعبدا ويضمها إلى المتن وكسروان وجبيل، حفاظاً على الخصوصية الدرزية. وعلى رغم الدخول الجدي في النقاش، إلا أن نقاط التباعد لا تزال كثيرة، فنواب الاقتراح الثلاثي لا يزالون متمسكين بموقفهم في شأنه، والنقطة الأساس هي بعبدا والشوف وعاليه، وبدا واضحاً أن الكل يبعد عن بعبدا للهروب من الثقل الشيعي فيها. وفي مداخلة لعضو «اللقاء الديموقراطي» النائب مروان حمادة داخل الجلسة، قال: «نحن مع تفهم هواجس الآخرين ومخاوفهم، والميثاقية لا تعني إلغاء فريق لمصلحة الآخر. نحن في منطقة الشوف وعاليه أكثر منطقة فيها اختلاط متوازن، وهي تشكل ثلاثة أثلاث: السنة والمسيحيين والدروز، وتوازن في عدد الناخبين، وهذا ما نؤيده». وأضاف: «نحن مع الميثاقية، ولا أحد يزايد علينا. كلنا يعرف عندما كان الرئيس الراحل كميل شمعون رئيساً للجمهورية وعمل قانون انتخاب عام 1957 كيف انفجر البلد عام 1958. المقاربة لأي قانون يجب أن تكون منصفة، ووجودنا كدروز هو وجود ميثاقي، ولا نقبل بقانون يأتي من معراب والرابية وحارة حريك إذا كان الهدف منه ضرب وجودنا». وقال: «نحن مع صيغة مشتركة، وهي تريح هواجس الدروز وتأخذ بها، ولا تصدم المسيحيين، وتترك مجالاً للسنة ليكون لهم حضورهم»، وشدد على أن «مقاربة أي قانون يجب أن تكون حكيمة وتأخذ في الاعتبار الهواجس، لا أن تعالج هواجس فريق على آخر. لا أحد يفرض علينا قانوناً مطبوخاً في الخارج». وهنا أيد عضوا كتلة «المستقبل» النائب أحمد فتفت و «القوات» النائب جورج عدوان كلام حمادة في موضوع الشوف وعاليه. لكن عدوان الذي شوهد يختلي بنائب «التيار الوطني» ألان عون مرات عدة، طالب بحسم الاختلاف بالتصويت، وقال: «إما أن نسقط الستين بالتصويت أو في الشارع». وردّ عليه نواب: «شو الحكمة من الشارع؟» وتمنوا عليه تجنب هذا الموقف، فتدارك الأمر وسحب كلامه عن التهديد بالشارع. وأعاد رئيس حزب «الكتائب» النائب سامي الجميل طرح موضوع الدائرة الفردية، وأبدى اعتراضه على الاستنسابية في التقسيمات وتوزيع المقاعد بين النسبي والأكثري. وقال: «هناك قانون حول الدائرة الفردية، لماذا لا تناقشونه». ورد نواب بأن «الجو العام في المجلس ليس مع هذا الطرح». فأصر على موقفه: «سأقوله هنا وفي الحوار الموسع». أما نائب «حزب الله» علي فياض، فأشار إلى أن النتائج التي أفرزتها الانتخابات البلدية تؤكد أن النسبية هي الأفضل، «لكننا منفتحون على المختلط». وشرح فتفت الأهمية الميثاقية في موضوع تقسيم جبل لبنانمحافظات، وأهمية أن يبقى النائبان في الدوائر التي تضم نائبين فقط، وهي بشري والبترون وصيدا، وفق الأكثري، لأن الفكرة الأساس التي انطلق منها المشروع الثلاثي هي تحسين التمثيل المسيحي»، مشدداً على أن بقاء هذه المناطق «على النظام الأكثري يؤدي إلى زيادة نسبة تأثير الصوت المسيحي في مجمل أنحاء الشمال». وأضاف: «أما في صيدا، فهناك هاجس سني، لذلك فإن وجود نائبين منتخبين في صيدا وفق الأكثري يحسّن الموضوع ويخفف الهواجس السنية في الجنوب». وقال: « يمكننا أن نذهب بالمختلط المطروح إلى نقاط التقاء، ونصل إلى مشروع مختلط. أما إذا أصر بعض الأطراف على رفض مبدأ المختلط والنقاط التي تم الاتفاق عليها في الاقتراحين، وهي 26 قضاء، الدوائر السابقة على الأكثري و6 محافظات على النسبي تمكن مناقشة تقسيمها، فهذه عرقلة للعودة إلى قانون الدوحة الذي فرض على اللبنانيين بعد اجتياح 2008». وعكس نائب رئيس المجلس النيابي فريد مكاري الذي ترأس الجلسة أجواء تفاؤلية في إمكان وصول اللجان إلى تفاهم حول قانون الانتخابات إذا استمرت الأجواء الإيجابية التي عرفتها جلسة اليوم (أمس). وقال: «تم نقاش عام حول الاقتراحين المتعلقين بالنظام المختلط، ومسألة تقسيم الدوائر وخصوصاً في جبل لبنان، وكان توضيح لتفاصيل الاقتراحين، وجرت مناقشة معمقة تتعلق بقضاءي الشوف وعاليه. وإمكان تقسيم المحافظات التقليدية كل منها إلى ثلاث دوائر انتخابية وجدول المقارنة الذي يبين نقاط التلاقي والتباين». وأضاف: «هناك جدية إلى أبعد الحدود، وإذا تمكنا في الأسبوعين المقبلين من التوصل إلى حل في تقسيم الدوائر وعدد النواب نكون وصلنا إلى قانون جديد للانتخاب». وأعلن أن «الجلسة رفعت إلى الثلثاء المقبل لمتابعة النقاش». وعلم أنه تقرر تكثيف الاجتماعات بمعدل جلستين أسبوعياً، الثلثاء والخميس. ولفت فياض بعد الجلسة إلى أن «التمديد بات خياراً ميتاً لا يمكن إحياؤه، لذلك نقول إن السيناريو الأفضل هو قانون توافقي جديد تجرى الانتخابات على أساسه»، مشيراً إلى أن «السيناريو الأسوأ هو أن تجرى الانتخابات وفق القانون النافذ لأنه سيعيد توليد التوازنات نفسها المولدة للأزمات التي يعاني منها البلد». وكشف ألان عون أنه «بعد الانتخابات البلدية وبسبب بعض النتائج التي لم ترق لبعض القوى السياسية التي شعرت أن تمثيلها يهتز، بدأ الحديث سراً في بعض الغرف المغلقة عن سيناريو لتمديد ثالث للمجلس النيابي». وطالب «المجتمع المدني وكل فرد يشعر بأنه غير ممثل في القانون الحالي وداعم للقانون النسبي بالتحرك وتشكيل قوة ضغط تساند القوى السياسية التي تريد التغيير وإقرار القانون النسبي على أن يكون التحرك الآن وليس قبل الانتخابات النيابية بشهر». وقال عدوان: «نسمع في الأيام الأخيرة أنه إذا ما توصلنا الى قانون جديد لن يتم التمديد لللمجلس بل تجرى الانتخابات على قانون الستين»، مؤكداً أن «الانتخابات على الستين هي تمديد مبطن. ورأى أن «كل فريق يريد الإبقاء على الستين يتحمل المسؤولية أمام الرأي العام»، ملوحاً بالعودة الى الهىئة العامة اذا تم الابقاء على الستين. أما فتفت، فلفت الى أن «لا نسبية كاملة في ظل وجود سلاح غير شرعي على الأراضي اللبنانية»، مشدداً على أنه «إذا ظل بعض الأفرقاء يرفضون القانون المختلط فيكونون هم من يريدون عرقلة الوصول إلى قانون انتخابي». بري: الأفضل مناقشة قانون حكومة ميقاتي وفي «لقاء الاربعاء» النيابي قال بري ان «ما جرى في الانتخابات البلدية اكد الحاجة الى اعتماد قانون الانتخابات النسبي الذي يؤمن التمثيل الاكثر عدالة للجميع». ونقل نواب عنه انه «في ظل استمرار المراوحة في مناقشة اقتراحي القانون المختلط فإن من الافضل العودة الى مناقشة مشروع قانون حكومة الرئيس نجيب ميقاتي الذي يعتمد النسبية وتقسيم لبنان الى 13 دائرة، مع العلم أن موقفنا في الأساس هو اعتماد لبنان دائرة واحدة أو اعتماد الدوائر الكبرى على أساس النظام النسبي».