أقرّ قادة دول مجلس التعاون الخليجي في قمتهم التشاورية التي عقدت برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز في جدة أمس، إجراءات ترتيب اقتصاد دول الخليج وتنميته، عبر تأسيس هيئة جديدة رفيعة المستوى للشؤون الاقتصادية والتنموية، مهمتها البت في الأمور الاقتصادية والتنموية، وحل النزاعات واتخاذ ما يلزم في شأنها. وأوضح وزير الخارجية السعودي عادل الجبير خلال مؤتمر صحافي في ختام القمة، أن قادة الخليج اتفقوا على رؤية خادم الحرمين الشريفين لتعزيز العمل الجماعي المشترك، وإقرار توصيات المجلس الوزاري لتطبيقها خلال 2016، إلى جانب عقد اجتماع قمة سنوياً بين قادة المنطقة ورئيس الوزراء البريطاني لتعميق التعاون بين الجانبين، في ما يشبه القمة السنوية مع الرئيس الأميركي. (للمزيد) ولفت الجبير إلى أن هيئة الشؤون الاقتصادية والتنموية الجديدة ستبت في أمور مثل استكمال الاتحاد الجمركي والسوق الخليجية المشتركة، لتستطيع حل هذه المواضيع بشكل عاجل وفعّال، بهدف تعزيز وتكثيف التعاون الاقتصادي والتنموي بين دول المجلس. وأقرّ القادة عقد اجتماع دوري يضم وزراء الدفاع والداخلية والخارجية لدول المجلس للبحث في الأمور الاقتصادية والأمنية والسياسية، وتكثيف التنسيق بين دول المجلس. وأضاف الجبير: «الهيئة التي تم إقرارها لن تكون عادية بل رفيعة المستوى، ولها صلاحيات للبت في المواضيع، وتجد حلولاً، وتطرح هذه الحلول على القادة مباشرة لإقرارها، فالفكرة من ورائها اتخاذ القرارات اللازمة لتطبيق التكامل الاقتصادي بين دول المجلس». وتابع: «في الماضي هناك أمور مالية واقتصادية تتناولها وزارات مختلفة، واللجان ترفعها إلى الوزارات، والوزارات ترفعها إلى المجالس ومن ثم إلى القادة، كانت هناك إجراءات طويلة، والآن أصبح الأمر أسهل وأسرع، وهي نقلة نوعية بالنسبة إلى قدرات المجلس». وفي رده على موضوع إطلاق الميليشيات الحوثية ليل أمس صاروخاً باليستياً على الأراضي السعودية ومدى التزامهم اتفاق الهدنة ومفاوضات الكويت، أكد الجبير أن مشاورات الكويت جارية على أساس المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني وقرار مجلس الأمن 2216، وهناك مسارات عدة تم الاتفاق عليها في ما يتعلق بالانسحابات وتسليم السلاح وإعادة مؤسسات الدولة. وأردف: «هناك مفاوضات قائمة بين الأطراف اليمنية، ونأمل في أن يستطيعوا تحقيق مزيد من التقدم... المملكة وصلت إلى تفاهم لتهدئة الأوضاع في منطقة الحدود لإدخال المساعدات الإنسانية والأدوية إلى اليمن وتوزيعها، ومن وقت إلى آخر هناك خروق لإطلاق النار، لكن علينا أن نركز على إيجاد حل سياسي للأزمة اليمنية يسمح بإخراج اليمن من المأساة التي يعيشها وبإعادة البناء، الأمر الذي سيؤدي إلى المزيد من الأمن والاستقرار والازدهار التي تخدم الجميع في المنطقة، ولا بد أن ندعم الحل السلمي، ونحن ندعم مفاوضات الكويت، والمملكة ستفعل ما بوسعها لحماية أراضيها ومواطنيها». وفي تعليقه على تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو عن ترحيبه بالمبادرة العربية، أشار الجبير إلى أن مبادرة السلام العربية قائمة، ويتم التأكيد عليها في كل القمم العربية، والإسرائيليون يعلمون ذلك، وتابع: «كون رئيس الوزراء الإسرائيلي أعلن استعداده للنظر في عملية السلام، فهذا يفتح خطاً للمحادثات مع الجانب الفلسطيني لأجل الوصول إلى حل سلمي مبني على مبادرة السلام العربية، وأعتقد أن الوقت مبكر على تقويم جدية الجانب الإسرائيلي للبدء في مفاوضات مبنية على مبادرة السلام العربية، وعندما تحدث عنها رئيس الوزراء الإسرائيلي كان يتحدث عن بعض البنود التي يعتبرها إيجابية، ولم تكن المسألة قبول المبادرة العربية وفق ما طرح في الصحافة، ولكن الأهم من ذلك استئناف المفاوضات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، وهذه الجهود كانت ترعاها الولاياتالمتحدة وما يسمى باللجنة الرباعية، وكان الإسرائيليون رافضين تلك المفاوضات، ولعل موقفهم تغيّر في المفاوضات مع الجانب الفلسطيني لأجل الوصول إلى حل لهذا النزاع مبني على مبادرة السلام العربية، ويؤدي إلى قيام دولة فلسطينية وعاصمتها القدسالشرقية». وعن القضية الليبية، أوضح الجبير أن هناك إجماعاً دولياً على أن حكومة الوفاق هي الشرعية في ليبيا، والاتفاق الذي تم توقيعه يؤكد ذلك، والاجتماعات التي عقدت في روما أيضاً أكدت ذلك، كما أن هناك حاجة إلى أن يصادق مجلس النواب على هذه الحكومة، وما زال المجتمع الدولي في انتظار ذلك، فهناك خلافات بين الأطراف الليبية في ما يتعلق بالتصديق على هذه الحكومة، وهناك محاولات وجهود دولية لأجل الوصول والتقارب بين الفئات والقيادات الليبية المختلفة لتطبيق ما تم الاتفاق عليه، وأيضاً بدء أعمال الحكومة الانتقالية، ومن ثم وضع دستور جديد وانتخابات جديدة للحكومة لبناء المؤسسات في ليبيا، فهذه الجهود قائمة. وفي ما يتعلق باستضافة مجموعات ليبية وعقد حوارات معها، أشار الجبير إلى أن هذه الأفكار مطروحة ولم يتم اتخاذ قرار في هذا الأمر، والتشاور ما زال قائماً بين المملكة والدول العربية والمجتمع الدولي لتحديد ومعرفة ما هي أفضل الوسائل لدفع عملية المصالحة في ليبيا التي تؤدي إلى نتائج. من جانبه، أكد الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبداللطيف الزياني، أن قادة الخليج في اجتماعهم التشاوري ال16 قرروا إحالة مشروع قرار ما تبقى من خطوات لتنفيذ الاتحاد الجمركي والسوق الخليجية المشتركة وفق المادة الأولى إلى هيئة الشؤون الاقتصادية والتنموية الجديدة، لاتخاذ ما تراه في هذا الشأن قبل نهاية العام الحالي. وفي معرض شرحه مهمات الهيئة الجديدة، بيّن الزياني أنها ستنظر في السياسات والتوصيات والدراسات والمشاريع التي تهدف إلى التعاون والتكامل بين الدول الأعضاء، وتشكيل وتطوير وتنسيق الأنشطة القائمة بين دول المجلس في المجالات الاقتصادية والتنموية، واتخاذ ما يلزم في شأنها من قرارات وتوصيات. وتابع: «كما ستنظر في ما يحال إليها من المجلس الأعلى لتنفيذ القرارات والاتفاقات المقرّة المتعلقة بالجانب الاقتصادي والتنموي». وعما تردد عن عودة الإمارات إلى المجلس النقدي الخليجي، قال الزياني إن العمل مستمر في المجلس النقدي الخليجي وكذلك الإجراءات والتنسيق بين الدول، وفي ما يخص العملة الموحدة حتى الآن لم يتخذ القرار النهائي لتحديد متى تبدأ، وهذا متروك للمجلس التنفيذي، لأنه مجال فني بحت.