تواصل القوات العراقية تقدمها لتحرير الفلوجة، أحد أبرز معاقل الإرهابيين غرب بغداد، على رغم المقاومة العنيفة التي تواجهها، فيما يتصاعد القلق على المدنيين المحاصرين داخل المدينة. وبعد بدء عمليات الاقتحام الإثنين من ثلاثة محاور، حققت القوات التقدم الأكبر على المحور الجنوبي بعد اجتيازها جسر النعيمية. وأعلن الفريق الركن عبد الوهاب الساعدي، قائد العمليات، أن قواته تواجه «مقاومة عنيفة من مسلحي التنظيم»، موضحاً أن «المسلحين شنوا هجوماً مضاداً في المنطقة» الواقعة عند الأطراف الجنوبية للفلوجة. وأضاف أن «نحو مئة مسلح من داعش نفذوا الهجوم من دون استخدام عربات مفخخة أو هجمات انتحارية». وأكد الساعدي أن «القوات العراقية تصدت للهجوم وقتلت 75 مسلحاً، وواصلت تقدمها باتجاه مركز المدينة»، من دون أن يدلي بمعلومات عن عدد الضحايا في صفوف الجيش. بدوره، أكد عضو اللجنة الأمنية في مجلس محافظة الأنبار راجع بركات، أن «القوات تصدت للهجوم وواصلت التقدم باتجاه مركز المدينة»، على بعد 50 كلم غرب بغداد. وساهم طيران التحالف الدولي بقيادة واشنطن، والطيران الحربي ومروحيات الجيش العراقي في التصدي للهجوم. وبدأت قوات الأمن، بمساندة قوات «الحشد الشعبي»، فرض حصار منذ أشهر عدة على الفلوجة. وسيطر التنظيم على المدينة في كانون الثاني (يناير) 2014، قبل أن يشن هجوماً واسع النطاق في حزيران (يونيو) العام المذكور استطاع خلاله السيطرة على مناطق واسعة في شمال البلاد وغربها. وقال مصدر من داخل الفلوجة إن «الأهالي يترقبون وصول القوات الحكومية لإنقاذهم». وأكد أبو محمد الدليمي أن «هناك استياء لدى الأهالي لأنهم لم يشاهدوا القوات الأمنية تدخل الفلوجة حتى الآن. إن معاملتهم (المسلحين) تزداد سوءاً يوماً بعد يوم، فقد باتوا يشعرون بالذعر». وأضاف أن «الدواعش غاضبون لأنهم لا يحظون بدعم الأهالي وأخذوا يطلقون الشتائم على الناس في الشوارع»، لافتاً إلى أن «الوضع أسوأ من أي وقت مضى، فالناس عالقون بين قصف مكثف للقوات العراقية من جهة وإرهابيين يائسين من جهة أخرى». وتابع أن «الدواعش اعتقلوا نحو مئة رجل من مناطق متفرقة وسط الفلوجة واقتادوهم إلى جهة مجهولة». وأفاد ضابط بأن «الإرهابيين يجندون رجالاً وفتياناً للوقوف معهم في مواجهة تقدم القوات. وتمكن آلاف المدنيين من الهرب، منذ بدء عملية التحرير ليلة 22-23 الشهر الجاري، لكنهم من مناطق على أطراف المدينة». ويرجح أن خمسين ألف مدني عالقون داخل المدينة. وأعلنت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين أمس، أن نحو 3700 شخص فروا من الفلوجة منذ بدأ الجيش حملة قبل أسبوع لاستعادة السيطرة على المدينة. وقال وليام سبيندلر، الناطق باسم المفوضية: «لدينا تقارير عن قتلى وجرحى بين الناس في وسط الفلوجة بسبب القصف العنيف، منهم سبعة من عائلة واحدة. «ولدينا أيضا تقارير عن استخدام الناس دروعاً بشرية». من جهة أخرى، قالت نائب تمثل الأقلية الإيزيدية في البرلمان أمس، إن «القوات العراقية أنقذت امرأتين من قبضة داعش». وأسر المتشددون الذين اجتاحوا منطقة سنجار في شمال غربي العراق خلال صيف عام 2014، أكثر من خمسة آلاف إيزيدي، معظمهم من النساء والأطفال. ويعتبر التنظيم الأقلية الإيزيدية عبدة للشيطان. ومنذ ذلك الوقت فر أكثر من ألفي إيزيدي أو أُفرج عنهم بعد دفع فدية أو جرى إنقاذهم ولا يعرف أي شيء عن المتبقين. ونقل الأسرى الإيزيديون إلى بلدات ومدن في مناطق مختلفة يسيطر عليها «داعش» بما في ذلك الرقة والموصل معقلا التنظيم. وتكثَّف الضغط على الإرهابيين في مواقع المواجهات خلال الأسابيع الأخيرة، خصوصاً بعدما تمكنت قوات «البيشمركة» من استعادة السيطرة على مناطق شرق الموصل، ثاني أبرز معاقل الجهاديين في شمال العراق، وذلك بعد معركة استمرت يومين. وجدد الأمين العام للمنظمة يان إيغلاند دعوته لفتح ممرات آمنة لمنع سقوط عدد كبير من القتلى بين المدنيين. وقال في بيان إن «الفلوجة تتجه نحو كارثة إنسانية. فالعائلات واقعة وسط المعركة وليس لديها طريق آمن للخروج». وأضاف: «على مدى تسعة أيام لم نسمع سوى بتمكن عائلة واحدة فقط من الفرار من داخل المدينة. يجب أن تضمن الأطراف المتحاربة الخروج الآمن للمدنيين الآن، قبل أن يفوت الوقت ونخسر مزيداً من الأرواح». ويدير مجلس اللاجئين النروجي مخيمات في عامرية الفلوجة التي تسيطر عليها الحكومة، حيث يتم إيواء المدنيين الفارين وتقديم المساعدة لهم. ويتوقع أن يتصاعد القتال مع محاولات القوات العراقية التقدم نحو مركز المدينة. ودعا إيغلاند إلى تقديم تمويل عاجل لتلبية الحاجات المباشرة للفئات الأكثر ضعفاً في الفلوجة. وقال: «لا توجد مياه شرب كافية، كما أن الوضع يتدهور بسرعة مع اقتراب فصل الصيف الذي يرجح أن تتجاوز فيه الحرارة 50 درجة مئوية».