أعادت حادثة رفض عدد من الأئمة الجزائريين الوقوف أمام النشيد الجزائري في حضور وزير الشؤون الدينية أبو عبدالله غلام الله، حسابات السلطات الجزائرية حول التكوين الذي يتلقاه أئمة المساجد. وتخشى الحكومة الجزائرية «سطوة» الأفكار «المتطرفة» مجدداً بعد عشر سنوات من محاولات إعادة بسط يد الحكومة على المساجد. وفتحت السلطات الجزائرية تحقيقاً معمقاً حول الأئمة الذين رفضوا قبل يومين الوقوف أمام النشيد الجزائري خلال مراسم رسمية حضرها الوزير أبو عبدالله غلام الله. ولاقت الحادثة «استهجاناً» واسعاً من قبل السلطات الجزائرية والأحزاب الإسلامية ورجال وعلماء دين. وطالب عدد من العلماء والأئمة بإنشاء لجنة للإفتاء في الجزائر وتنصيب إمام يتولى منصب المفتي في كل ولاية إضافة إلى تشكيل مجلس عام للإفتاء يترأسه مفتي الجمهورية (منصب ليس موجوداً بعد في الجزائر). وقررت وزارة الشؤون الدينية والأوقاف إحالة الأئمة الذين رفضوا تحية النشيد الوطني بدار الإمام في العاصمة على المجلس التأديبي، لكن هذا التحقيق الانضباطي يخفي تحقيقاً آخر على المستوى الأمني لتحديد إمكان ارتباط أحد من هؤلاء الأئمة بتنظيمات مسلحة. وقالت الوزارة إنها ستصدر القرار النهائي قريباً ويُتوقع أن يتراوح ما بين الفصل التحفظي أو النهائي عن الإمامة، بناء على درس ملفات الأئمة الذين أحيلوا على المجلس التأديبي (خمسة)، بعدما رفض وزير الشؤون الدينية والأوقاف تحويل ملفهم على العدالة. وكان الأئمة الذين رفضوا الوقوف للنشيد الوطني، حاضرين في قاعة المحاضرات في دار الإمام بالمحمدية، للاستماع إلى محاضرة تاريخية. وبعدما قام إمام مسجد القصبة بتلاوة آيات من القرآن الكريم، طلب مدير الشؤون الدينية للعاصمة الوقوف للاستماع إلى النشيد الوطني، وكان الرافضون لهذا المبدأ يجلسون في المقاعد الخلفية. وقررت وزارة الشؤون الدينية وقبلها مديرية الشؤون الدينية في العاصمة، عقد اجتماع طارئ من أجل مراسلة جميع الأئمة من خلال تعليمة تلزمهم بالوقوف للنشيد الوطني عند الحاجة، أي أثناء حضورهم لأي مناسبة يتم فيها الاستماع للنشيد الوطني، وأن أي عصيان لمثل هذا القرار سيكلفهم الفصل من المنصب. وتم الاتفاق مع المجالس العلمية لكل الولايات على ضرورة أن تكون خطبة الجمعة المقبلة عن الثورة الجزائرية، بمناسبة ذكرى الخامس من تموز (يوليو) (ذكرى الاستقلال)، وأن يتم تخصيص كل الخطب التي تتزامن مع المناسبات الوطنية، لتمجيد الثورة وبطولات المجاهدين. وعلمت «الحياة» أن وزارة الشؤون الدينية والأوقاف قررت إعادة تحذير الأئمة من بعض «الفتاوى التكفيرية»، سواء كانت في شكل ملصقات على الحائط أو في شكل أقراص مضغوطة، والتبليغ عنها لمعاقبة مروجيها. وسجّل أمنيون قبل فترة ملصقات في محيط مساجد في العاصمة تدعو إلى تكفير تحية العلم وتحية الضباط العسكريين وكذلك تحريم تقديم زكاة الفطر نقداً.