واشنطن - رويترز، يو بي آي - قلل القائد الجديد للقوات الأجنبية في افغانستان الجنرال الأميركي ديفيد بترايوس من الأمل بحصول تحول سريع في دفة الحرب المستمرة منذ تسع سنوات في هذا البلد، معلناً انه سيدرس إجراء تعديلات تكتيكية في مواجهة تنامي عنف حركة «طالبان». ووعد بترايوس لدى مثوله أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ الأميركي، والتي وافقت على تعيينه في منصبه خلفاً للجنرال المقال ستانلي ماكريستال قبل عرض القرار على المجلس اللأسبوع المقبل، بزيادة تنسيق الجهود بين المدنيين والعسكريين لمواجهة ما وصفه بأنه «تمرد بالغ القوة». وصرح بأنه «سيعيد تقويم الأساليب المطبقة في الحرب، وبينها قواعد الاشتباك المثيرة للجدل التي تضع قيوداً على لجوء الجنود وسلاح الجو الأميركي الى القوة، في محاولة لحماية المدنيين، في وقت يقول منتقدون إن «هذه القواعد تعرض الجنود الأميركيين لخطر لا داعي له». وأبلغ بترايوس اللجنة احتمال إدخال تعديلات أكبر تعتمد على مراجعة استراتيجية الحرب في أفغانستان التي أقرها البيت الأبيض في كانون الأول (ديسمبر) الماضي. لكنه حذر من افتراض أن ما نجح في العراق سينجح في أفغانستان، وقال إن «تحقيق تقدم في جنوبافغانستان حيث معقل حركة طالبان سيكون أبطأ من المتوقع»، مشيراً الى أن مهمة بناء قوات الأمن الأفغانية تمهيداً لتولي المسؤولية من القوات الأميركية وقوات الحلف الأطلسي (ناتو) «تنطوي على تحديات كبيرة»، علماً ان وزير الخارجية الأميركي السابق هنري كيسينجر حذر في مقابلة مع صحيفة «فايننشال تايمز»، من أن خطة تسليم القوات الأفغانية مسؤولية الأمن في تموز (يوليو) 2011 «توفّر آلية للفشل»، داعياً إلى «إعداد الشعب الأميركي لحرب طويلة في أفغانستان». وتابع بترايوس: «إحساسي ان القتال الضاري سيستمر، وقد يزداد في الشهور المقبلة»، ما سيشكل عبئاً على الديموقراطيين الذين يخوضون في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل انتخابات التجديد النصفي للكونغرس التي يتوقع أن يحقق الجمهوريون مكاسب خلالها. وقلصت الخسائر البشرية في صفوف القوات الأميركية وتلك التابعة للحلف الأطلسي التأييد الذي تتمتع به الحرب في الولاياتالمتحدة وأوروبا. وأعلن ثلاثة من أقرب حلفاء الولاياتالمتحدة هم كندا وهولندا وبولندا عن خطط لسحب قواتها. ووصف بترايوس الحرب في افغانستان بأنها «صراع إرادات» استهدفت فيه «طالبان» تقليص ارادة الغرب، و «هم يشعرون بقلق عواصم مختلفة ويريدون زيادة هذا القلق»، علماً ان نشطاء مناهضين للحرب رفعوا لافتات معارضة للحرب في القاعة قبل ان تخرجهم الشرطة. وسعى الجنرال إلى طمأنة الجمهوريين بالقول إن «سحب القوات سيستند إلى الأوضاع الأمنية على الأرض، وسيكون تدريجياً وفي حدود القوات الإضافية». الى ذلك، تدخل الرئيس اوباما شخصياً لضمان احتفاظ الجنرال المقال ماكريستال برتبته بعد احالته على التقاعد، على رغم انه لم يخدم فترة كافية في رتبة جنرال بأربع نجوم بعدما نالها السنة الماضية فقط. ويتيح ذلك حصول ماكريستال على تقاعد مريح ويمنحه بعض الامتيازات التي تعطى لكبار قادة الجيوش الأميركية. زيارة هولدر على صعيد آخر، ارسلت الولاياتالمتحدة وزير العدل اريك هولدر الى افغانستان للمساعدة في كبح جماح الفساد في احدى الدول الأكثر فساداً في العالم، وذلك في وقت عصيب لإدارة الرئيس باراك اوباما بعد تغيير قائد قوات الحلف الأطلسي. وتصف الدول الغربية التي تنشر قوات في افغانستان وتتطلع الى الانسحاب السنة المقبلة الفساد بأنه تحدٍ لتحقيق الاستقرار في هذا البلد الذي تمزقه الحرب يوازي تمرد حركة «طالبان» وتجارة المخدرات المزدهرة. وانتقدت واشنطن الرئيس الأفغاني حميد كارزاي سابقاً لتغاضيه عن فساد حكومته، ما جعل الأخير يرد بسلسلة من التصريحات اللاذعة المناهضة للغرب، ثم تحسنت العلاقات بعدما زار كارزاي واشنطن في ايار (مايو) الماضي. وعلى رغم عدم تبدد المخاوف الأميركية في شأن الفساد في افغانستان تبذل ادارة اوباما جهداً كبيراً لمعالجة مثل هذه الأمور سراً. وقال هولدر الذي سيلتقي مسؤولين أفغاناً ومسؤولين مدنيين وعسكريين أميركيين إن «مكافحة الفساد ودعم سيادة القانون في افغانستان يمثلان أهم أولويات الإدارة، وسنواصل مساعدة الحكومة الأفغانية في انشاء واستمرار نظام العدالة الجنائية الفاعل الذي هو من حق الشعب الأفغاني». وكان النائب العام الأفغاني محمد اسحق الكو موردا صرح اول من امس بأن السفير الأميركي في كابول كارل ايكينبيري أبلغه أنه سيفقد منصبه اذا لم يأمر بتوقيف مصرفي قد يكون متورطاً في عمليات اختلاس. وسأل: «هل تتيح قواعد اللياقة الديبلوماسية تهديد نائب عام بهذه الطريقة؟». وأضاف: «لا تملك النيابة العامة ادلة كافية لتوقيف المصرفي» الذي قد يكون متورطاً في قضية فساد يظهر فيها اسم وزير افغاني سابق يعيش في بريطانيا بعدما افلت من مذكرة توقيف. الى ذلك، رفضت النائبة الديموقراطية عن نيويورك نيتا لوي دفع 3.9 بليون دولار من المساعدة لأفغانستان في موازنة 2011 «طالما لم يتصدَ الرئيس الأفغاني حميد كرزاي للفساد»، مضيفة في بيان «يعاني اميركيون كثيرون من الوضع الاقتصادي ما لا يسمح لنا بوضع دولارات كسبناها بشق النفس في ايدي مجرمين اجانب». وردت كابول برفضت الاتهامات «الظالمة» للنائبة الأميركية. وقال وزير المال الأفغاني عمر زكيلوال: «لسنا نحن الفاسدون، بل انها الشركات الخاصة التي تعمل بعقود وقعتها مع الحلف الأطلسي». وكانت صحيفة «وول ستريت جورنال» كشفت الإثنين الماضي ان اكثر من ثلاثة بلايين دولار حولت في شكل غير شرعي من افغانستان الى الخارج خلال السنوات الأخيرة. وأكد وزير المال ان اكثر من اربعة بلايين دولار نقلت من البلاد في شكل غير شرعي منذ عام 2007، لكنه ذكر أن الحكومة الأفغانية لم تسيطر الا على بليون دولار من 20 بليوناً ضخها المجتمع الدولي في أفغانستان.