أكدت الحكومة الفرنسية أمس رفضها «الإذعان» لمحتجين وسحب مشروع قانون العمل، فيما أظهر استطلاع للرأي أن حوالى نصف الفرنسيين يؤيد سحبه. وكانت الحكومة مرّرت مشروع القانون في البرلمان بمرسوم، متفادية قراءة أولى له. ويُتوقّع إجراء التصويت النهائي على المشروع في تموز (يوليو) المقبل. ونظم «اتحاد العمال الفرنسي» (سي جي تي) المتشدد احتجاجات في الشوارع وإضرابات في القطارات وحصاراً للمصافي، للضغط على الحكومة لإلغاء المشروع الذي يسهّل للشركات توظيف العمّال وتسريحهم. وكان رئيس الوزراء السابق ألان جوبيه أثار في منتصف تسعينات القرن العشرين أسوأ اضطرابات شهدتها فرنسا طيلة عقود، بسبب رفضه تقديم تنازلات في بشأن إصلاحات لنظام التقاعد، لكنه تراجع في نهاية المطاف بعد أسابيع على احتجاجات وإضرابات. وتواجه الحكومة ضغوطاً من أجل التوصل الى تسوية للأزمة قبل بدء بطولة أوروبا لكرة القدم 2016 في فرنسا في 10 حزيران (يونيو) المقبل، والتي هدد «اتحاد العمال الفرنسي» بعرقلتها. ونقلت صحيفة «لو جورنال دو ديمانش» الفرنسية عن رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس قوله: «إذا أذعنا للشارع ولسي جي تي، أننا نهتم على المدى القصير (بانتخابات الرئاسة عام) 2017، سنخسر كل شيء». وشدد وزير المال الفرنسي ميشال سابان على «وجوب الحزم»، معتبراً أن «فعل غير ذلك سيكون خطأً بالنسبة الى النقابات العمالية (الأخرى) التي تؤيد غالبيتها نص» مشروع القانون. وأضاف أنه يتّفق مع الموقف المتشدد الذي اتخذه فالس، متحدثاً عن إساءة فهمه عندما قال لشبكة «إل سي بي» للتلفزة الأسبوع الماضي إنه «ربما» يكون ممكناً تعديل مادة رئيسة في مشروع القانون، تتيح للشركات الامتناع عن الالتزام بتعهدات عامة في شأن حماية العمال، إذا ضمّنتها اتفاقات في شأن الأجور وأوضاع العمل، بموافقة معظم الموظفين. ورأى سابان أن هذه «المادة رمز قدرة فرنسا على الإصلاح». ويؤيّد «اتحاد العمال الديموقراطي الفرنسي» (سي أف دي تي) المعتدل، وهو اتحاد العمال الرئيس الآخر في فرنسا، إصلاحات مقترحة تتيح للشركات تسريح الموظفين في شكل أكثر سهولة في الأوقات الصعبة، لكنه يمنح النقابات قوة أكبر في التفاوض على اتفاقات في كل شركة، بدلاً من على المستوى العام. لكن وكالة «رويترز» نسبت إلى وزير أن الحكومة لا يمكن أن تسمح بتعطيل بطولة أوروبا في كرة القدم، إذ إن ذلك سيؤذي صورة فرنسا. وأضاف أن أحد الخيارات سيكون تعديل النواب مشروع القانون، عندما يعود إلى البرلمان لقراءة ثانية. في السياق ذاته، أظهر استطلاع للرأي أعدّه معهد «إيفوب» لصحيفة «لو جورنال دو ديمانش» ونُشرت نتائجه أمس، أن 46 في المئة من الفرنسيين يؤيّدون سحب المشروع، في مقابل 40 في المئة يأملون بالإبقاء عليه مع تعديلات. ويريد 13 في المئة الإبقاء على المشروع كما هو. ويرغب في سحب المشروع 51 في المئة من أنصار اليسار و41 في المئة من مؤيدي اليمين و68 في المئة من أنصار حزب «الجبهة الوطنية» اليميني المتطرف. وأشار استطلاع آخر أعدّه معهد «أودوكسا» لصحيفة «لوباريزيان»، إلى أن 53 في المئة من الفرنسيين لا يؤيدون حركة الاحتجاج على المشروع، في مقابل 47 في المئة يدعمونها. ويخشى 66 في المئة من المستطلَعين شللاً كاملاً في البلاد، كما حدث عام 1995، في مقابل 34 في المئة أعربوا عن رأي معاكس.