بدأ رئيس الوزراء الأردني المكلّف هاني الملقي مشاورات تشكيل حكومة جديدة بعيْد وقت قليل من استقالة حكومة رئيس الوزراء السابق عبد الله النسور. وشهد الأردن خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية تطورات سياسية متلاحقة بعدما حرّك مرسومان ملكيان المشهد السياسي في البلاد، وأنهيا سلسلة تكهنات استمرت أسابيع عن عمر الحكومة ومجلس النواب، وسط تقاسم الاحتمالات بين التمديد لهما أو استقالة الأولى وحل الثاني، خصوصاً بعد إقرار قانون الانتخابات المعدّل في نيسان (أبريل) الماضي. وصدرت الإرادة الملكية الأولى صباح أمس، وقضت بحل مجلس النواب السابع عشر بعد إنهائه آخر دوراته الاستثنائية الأربعاء الماضي، والتي كان على جدول أعمالها قانون واحد حمل عنوان «صندوق الاستثمار الأردني» المرتبط باجتماعات مجلس التنسيق السعودي- الأردني المشترك. وما لبثت أن تبعتها إرادة ملكية ثانية نصت على قبول استقالة حكومة النسور، الرئيس الأطول بقاء على كرسي الرئاسة في عهد عبد الله الثاني، ليعلن بيان الديوان الملكي تكليف الملقي خلفاً للنسور لرئاسة حكومة انتقالية مدتها لن تزيد على أربعة أشهر، وهي المدة الدستورية لإجراء الانتخابات النيابية الجديدة بعد حل مجلس النواب الذي انتخب في كانون الثاني (يناير) عام 2013، قبل ثمانية أشهر من انتهاء ولايته الدستورية. وحكومة هاني فوزي الملقي (65 عاماً) ستستمر حتى اجتماع مجلس النواب الجديد الذي سيقرر إما أن تتقدم هذه الحكومة ببيان الثقة، أو أن يختار المجلس خلفاً له وفق صلاحيات المجلس التي يتقاسمها مع رأس السلطة التشريعية الملك عبد الله الثاني. والملقي هو النجل الأكبر لرئيس الوزراء السابق فوزي الملقي الذي شكّل أولى الحكومات في عهد الملك الراحل الملك الحسين عام 1953. كما تسلم الملقي الابن ملفات عدة قدمته كشخصية سياسية اقتصادية، ولعب دوراً بارزاً خلال إدارته الاتفاقات التفصيلية لاتفاق السلام الأردني- الإسرائيلي المعروف باسم «اتفاقية وادي عربة». كما عمل إلى جانب ولي العهد الأردني السابق الأمير الحسن بن طلال منتصف تسعينات القرن الماضي. إلا أن حضور الملقي السياسي ظل إشكالياً خلال تسلمه حقيبة وزارة الخارجية في عهد رئيس الوزراء السابق فيصل الفايز عام 2004، إذ قدّم خلال القمة العربية التي عقدت في الجزائر آنذاك ورقة حملت عنوان المبادرة الأردنية، من دون أن يعلم القصر بمضمونها، أو أن تطلع الحكومة على تفاصيلها، وكادت المبادرة أن تمس بالعلاقات الأردنية- السعودية في حينه. والملقي عاشر رؤساء الحكومات في عهد الملك عبد الله الثاني، ولم يسبق له تولي رئاسة الحكومة وهو القادم من إدارة ملف سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة، ونجح في تخفيف حدة الاحتجاجات العمالية فيها، وسوء إدارة الشركات الكبرى المرتبطة بالجهاز الرسمي الحكومي بعد شكاوى مستمرة لكبار التجار والصناعيين والمستثمرين العرب والأجانب. وجاء المرسوم الملكي بحل مجلس النواب أثناء وجود رئيسه عاطف الطراونة في دولة الإماراتالمتحدة، ورئيس مجلس الأعيان فيصل الفايز في موسكو، فيما تبلغ النسور قرار القصر إقالة حكومته صباح اليوم نفسه خلال الاجتماع الأسبوعي الدوري لحكومته. ويأتي الملقي رئيساً للحكومة الأردنية على رأس مرحلة يصفها المراقبون ب «الاقتصادية»، والتي يتصدر أولوياتها تسهيل مهمة عقد اجتماعات المجلس التنسيقي السعودي- الأردني المشترك المكلّف درس مشاريع استثمارية كبرى في مجالات حيوية تقام في الأردن، وبدعم سعودي. وفيما تداولت الصالونات السياسية اسم الملقي لرئاسة الحكومة، إلا أن معلومات حصلت عليها «الحياة» أكدت تكليفه رئاسة الحكومة مبكراً، إذ أجرى عبد الله الثاني لقاءات منفردة معه في العقبة خلال الأيام العشرة الماضية.