تعتبر دول المنطقة المنتجة للنفط من أكثر الدول استعداداً لاحتلال مواقع متقدمة على الخريطة الصناعية العالمية، لما تتمتع به من وفرة في مصادر الطاقة التي يحتاجها نمو قدرات القطاع الصناعي، إضافة إلى الوفور مالية التي تمكنها من شراء التقنيات والتكنولوجيا والكفاءات اللازمة لتطوير هذا القطاع. وأسعار النفط لم تشكل عائقاً أمام تطوير هذا القطاع، سواء كانت مرتفعة أم منخفضة، فدول المنطقة كانت ولا تزال تدعم القطاع الصناعي وتؤمن مصادر الطاقة اللازمة في الظروف كلها. لكن التقرير الأسبوعي لشركة «نفط الهلال» أشار إلى أن «تعزيز نمو القطاع الصناعي بات ضرورياً مع تسارع التطورات الإقليمية والعالمية وتغيّر الأولويات، ولكنه ليس أولوية مع الاتجاه نحو التركيز على الاستثمارات المتعلقة بقطاع التكنولوجيا والتقنيات المتقدمة، والتي يبشر الاستثمار بها بالكثير من العوائد، فيما يحافظ القطاع الصناعي على الأهمية النسبية من قبل حكومات الدول، إلا أن النتائج الإيجابية لهذا القطاع تتطلب الكثير من الوقت ومزيداً من الدعم، خصوصاً الجوانب المتعلقة بالطاقة اللازمة للإنتاج». ولفت إلى أن «الحكومات تركز حالياً على الفوائد الاقتصادية والاجتماعية كأولوية عند الاتجاه نحو الاستثمار لدى الفرص المتوافرة ضمن القطاع الصناعي، وإذا ما قورن حجم الدعم والقيمة المقدمة للقطاع الصناعي لدى معظم دول المنطقة، ستكون النتائج دون التوقعات، حيث لم تتجاوز الفوائد الاقتصادية والاجتماعية ومجمل القيم المضافة المحققة قيمة الدعم المقدم، ويستثنى من هذه المعادلة الشركات الصناعية الكبرى والتي تملك حكومات الدول الحصة الأكبر من أسهمها، وبالتالي فإن الدعم المقدم لها يصب في النهاية في صالح تعظيم إيرادات الدولة بدل تخفيضها». وأكد التقرير أن «الفترة الحالية لم تعد مثالية للقطاع الصناعي للتحرك والنمو من دون الحاجة إلى الدعم الحكومي وعند أدنى مستوى من مخاوف القطاع الخاص ذات العلاقة بأسعار وتكاليف الطاقة اللازمة وعند مستوى مناسب من الأخطار المصاحبة للاستثمار، مع وجود مؤشرات على أن عودة أسعار النفط إلى مستوياتها السابقة تحتاج وقتاً طويلاً، وهذه المعطيات تقود إلى ضرورة الاتجاه نحو الصناعات ذات التكنولوجيا المتقدمة التي تتطلب مصادر طاقة أقل ومنتجات ذات جودة عالية والاتجاه نحو رفع الدعم المقدم لإتاحة الفرصة أمام تأسيس صناعات وفق معطيات السوق وحسابات الكلف والعوائد والأخطار». الشركات واستعرض التقرير أبرز الأحداث في قطاع النفط والغاز خلال الأسبوع في الخليج. ففي السعودية، أعلنت مصادر في قطاع النفط والغاز أن شركة النفط الوطنية «أرامكو السعودية» أرست عقداً ببليون دولار على «لارسن آند توبرو» الهندية و«إيماس أيه أم سي»، التي تتخذ من سنغافورة مقراً، لتوسعة حقل «الحصبة» البحري للغاز عالي الكبريت. وتشكو شركات صناعية كثيرة من نقص يعرقل خطط التوسع، بينما تحاول المملكة استخدام مزيد من الغاز في تشغيل محطات الكهرباء وتحلية المياه بدلاً من استهلاك النفط الخام الذي تريد تصديره. ويتضمن العمل في مشروع التوسعة بناء منصات وخطوط أنابيب حيث يغذي الحقل محطة الفاضلي للغاز وهي مجمع كلفته 6 بلايين دولار سيتضمن وحدة لمعالجة الغاز وفصل الكبريت. وهذا ثاني عقد كبير تفوز به الشركتان خلال الأشهر الماضية. وكانت «إيماس»، وهي وحدة تابعة ل»إزرا هولدنغز»، تحالفت العام الماضي مع شركة هندية للفوز بعقد طويل الأجل من «أرامكو» للعمل في منشآت بحرية. وستغذي توسعة حقل «الحصبة» محطة «الفاضلي»، التي أرست «أرامكو» عقد بنائها العام الماضي، ببليوني قدم مكعبة قياسية يومياً من الغاز. وستحصل المحطة على 500 مليون قدم مكعبة قياسية أخرى من حقل «الخرسانية» البري. وتلقت شركة «أرامكو» عطاءات مشروع إنشاء خط أنابيب لنقل النفط في المنطقة الغربية بقيمة 600 مليون دولار. وأشارت إلى أن خط الأنابيب سينقل الوقود والديزل ووقود الطائرات عبر خطين يربطان بين وحدة التكرير في ينبع وشمال جدة. وأوضحت أن من بين الشركات التي تتنافس على العقد شركة «نسما وشركاه» السعودية و»سايبم» الإيطالية، ومجموعة «دودسال» الإماراتية، وشركة «إنبي» المصرية، إضافة إلى «لارسن آند توبرو» الهندية. وفي الكويت، كشفت «مؤسسة البترول الكويتية» أن الدراسة الأولية أظهرت جدوى مشروع إنشاء خط أنابيب لنقل النفط الخام يمر عبر دولة الإمارات، إمارة أبوظبي، وصولاً إلى ميناء التصدير «رأس مركز» في عُمان، بالتعاون مع «شركة نفط عمان» وشركة «الاستثمارات البترولية الدولية الإماراتية». ويهدف المشروع إلى تأمين بديل استراتيجي لإمدادات النفط الكويتية إلى أسواق التصدير، لتقليل الاعتماد على مضيق هرمز كممر إجباري وحيد أمام الخام الكويتي. وفي البحرين، أعلنت شركة «نفط البحرين» (بابكو)، المملوكة بالكامل من قبل «الشركة القابضة للنفط والغاز»، إطلاق مشروع استراتيجي مشترك مع شركة «جرينرجي» الرائدة في مجال مزج البنزين في المملكة المتحدة، لإنشاء شركة «البحرين لمزج البنزين». ويستخدم المشروع البنية التحتية لإنتاج مكونات البنزين في مصفاة «بابكو» وتوظيفها مع خبرات «جرينرجي» في عمليات مزجه وتسويقه، لتلبية الطلب البحريني المحلي على البنزين، إضافة إلى إيجاد فرص لاستيراد مكونات البنزين وتصدير المنتج النهائي منه. وسيبدأ المشروع عملية مزج البنزين في المصفاة التابعة لشركة «بابكو» في البحرين والتي تصل طاقتها الإنتاجية إلى 260 ألف برميل يومياً، من خلال استخدام مكونات مزج البنزين التي تنتجها «بابكو» كجزء من عملية تكرير النفط، وتلك التي يتم شراؤها من أطراف ثالثة. وسيُباع منتج البنزين النهائي إلى شركة «بابكو» وزبائنها في المنطقة والخارج.